على غير المتوقع وبعد أسبوعين حافلين شنت فيهما السلطات حربا ضروسا على حركة 20 فبراير بمدينة طنجة قمعا وتنكيلا وسجنا وتشويها وتخويفا،فاجأت جماهير طنجة الكل في يوم تاريخي آخر(5 يونيو) خرج فيه الآلاف من أبناء المدينة التي أصبحت مركز ثقل الحركة الإحتجاجية بالمغرب رفقة الدار والبيضاء. شباب الحركة وهم مثخنون بجراح معاركهم مع قوى الأمن كانوا ينظرون بعين الريبة إلى مبادرة السلطات إلى إخلاء ساحة التغيير والشوارع المؤدية إلى مسجد كسبراطا التي من المفترض أن تشهد مرور المسيرة ،خصوصا أن ذلك كله يتم بالموازاة مع حملة واسعة دشنها رجال المخابرات وأعوان السلطة في حي بني مكادة وسط التجار والسكان لتأليبهم ضد الحركة وأعطوا الضوء الأخضر لما بات يعرف بالشواقرية نسبة لمول الشاقور الذي سبق وهدد شباب الحركة في شريط فيديو بساطور ، لاستخدام العنف لإرهاب المشاركين في المسيرات والمحتجين . هذا وقد كانت السلطات قد استدعت في وقت سابق من يوم السبت أعضاء التنسيقية الداعمة للحركة للحوار ،إلا أن الأخيرة رفضت الاستجابة للدعوة مشترطة لذلك إطلاق سراح كافة المعتقلين وتقديم اعتذار لساكنة المدينة عن التنكيل الذي مورس في حقهم. غابت العسكرة إذاً وحضر المحتجون إلى ساحة التغيير ودخلوها دخول الفاتحين على حد تعبير أحد النشطاء بالمدينة الذي بدا سعيدا وهو يشاهد الأمواج البشرية تلتئم وتنتظم للإعلان عن بداية المسيرة التي حدد لها كموعد للانطلاق الساعة السادسة مساء. هتافات الجماهير تذكرت في البداية شهيد الحركة كمال العماري الذي حضرت صوره بكثافة، حيث سخروا من الرواية الرسمية التي تدعي أن الشهيد توفي نتيجة أزمة قلبية وهتفوا بشكل جماعي "وا الكدابا " ثم طالبوا بمحاكمة الجناة "الشعب يريد قتلة الشهيد" و "المحاكمة المحاكمة للعصابة اللي حاكمة " المسيرة كانت فرصة لساكنة المدينة للتنفيس عن غضبها تجاه القمع المخزني الذي جوبهت به المسيرات السابقة فكالوا سيلا من الشتائم للمخزن وأجهزته الأمنية "يا مخزن يا بوراس راك طلاعتينا ف الراس " و" المخزن يطلع برا طنجة أرضي حرة " قبل أن تعود الحناجر لتهتف بالشعارات الإعتيادية للحركة المطالبة بدستور ديمقراطي والرافضة للاستفتاء الذي تريد الدولة فرضه على الشعب حسب تعبيرهم "الشعب يريد إسقاط الاستفتاء" حضر الأمازيغ وحضر السلفيون وحضر مناضلو اليسار والإسلاميون وحضر عامة أبناء الشعب الذين كانت لهم اليد الطولى في الحشد الكبير الذي حج للمسيرة والذي ذكر الجميع بيوم 24 ابريل التاريخي ،حيث كان الجميع يحرص على المقارنة بين المسيرتين فخلص أحد نشطاء الحركة إلى ما يلي " العدد أقل شيئا ما عن مسيرة 24 ابريل إلا أنه و قياسا على ظروف مسيرة 5 ماي والأجواء التي تمر بها المدينة والحرب الإعلامية الشرسة التي تخاض ضدنا فإن المسيرة حققت نجاحا باهرا و وجهات رسائل حادة للمخزن فلا قمعه نفع و لا إرهابه أثنى الناس عن الالتحاق بنا" المسيرة توقفت عند الساحة المقابلة لمسجد السعودي بعدما اخترقت أحياء بنديبان وكاسبراطا حيث استمر المحتجون في رفع الشعارات إلى حدود العاشرة ليلا، ليتفرق الجميع دون تسجيل أي تجاوز أمني يذكر.