مسؤول بالداخلية العراقية يشيد بالنموذج المغربي في مواجهة التطرف والإرهاب    حادثة سير مميتة تفجع أسرة التعليم بالعرائش وشفشاون    الوكيل العام: استمرار اعتقال زيان مرتبط بحكم لم يكتسب قوة الشيء المقضي به    وزارة المالية: أكثر من 60 مليار درهم قيمة عجز الميزانية خلال 10 أشهر    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    العالم يقتل نساءه بصمت: 50 ألف ضحية سقطن على أيدي أقاربهن في 2024 وفق تقرير أممي صادم    برلماني يطالب بتغيير توقيت الامتحانات الجهوية والوطنية بسبب الحرارة    باليريا تصبح الراعي الرسمي لفريق فتح الرياضي الناظور    وفاة الفنانة بيونة إحدى رموز السينما في الجزائر        أبطال أوروبا.. برشلونة يواجه صلابة تشيلسي في اختبار كلاسيكي وسيتي يتحدى ليفركوزن    العدول يرفضون مشروع القانون المنظم للمهنة ويطالبون بسحبه    مهرجان "أزاما آرت" يعود في دورته الثالثة بأزمور تحت شعار الثقافة والفن    مسرح رياض السلطان يجمع النمساوية سيبا كايان والسوري عروة صالح في عرض يدمج الموسيقى الالكترونية بالروحانية الصوفية    ليلةُ الاستقلالِ والمَسيرةِ فى تونس... حين التقت الضفتان على نغمة واحدة    مشروع قانون المسطرة المدنية وإعادة تنظيم "ISIC" على طاولة مجلس الحكومة    لقجع يعبر عن استيائه من تحكيم مباراة المغرب والبرازيل ويؤكد الحاجة لتحسين الأداء التحكيمي    باتنا يرفض الإجابة بخصوص عدم المناداة عليه للمنتخب المغربي الرديف    "الجبهة" تدعو لتظاهرات شعبية تخليدا لليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني        جلالة الملك يهنئ رئيسة جمهورية السورينام بمناسبة العيد الوطني لبلادها    بورصة الدار البيضاء .. تداولات الافتتاح على وقع الأخضر    في اليوم ال46 للهدنة... قتيل فلسطيني وقصف متواصل وخطة ترامب للسلام تتعثر    "بي دي إس": سفينة جديدة ترسو بميناء طنجة محملة بشحنة متجهة إلى إسرائيل    الأمم المتحدة تتهم إسرائيل بارتكاب "مجزرة مساكن" في غزة وتربط الهدم بجريمة الإبادة الجماعية    أفغانستان تتوعد بالرد على باكستان    الشريط الشاهد الناطق الحي، وانتصار مشروع للصحفي المهداوي على أصحاب ....UN PETIT MOT POUR A وأصحاب ... LES GROS MOTS    باحثون مغاربة يؤسسون أول منتدى وطني لعلوم التربية وانتخاب لحسن مادي رئيسا بالإجماع    ميزة جديدة لتحديد الموقع على منصة "إكس" تثير جدلا في العالم    عمدة نيويورك ممداني يُظهر عشقه لأرسنال ويستحضر الشماخ في حوار بودكاست    بعد ساعات من طرحها للبيع.. نفاد تذاكر مباراة الجيش الملكي ضد الأهلي    لبؤات الأطلس يواجهن وديا بوركينافاسو وجنوب إفريقيا    كاتب جزائري يحذر من ضغوط أمريكية على الجزائر بعد تبني قرار مجلس الأمن حول الصحراء    "الصحراء المغربية" تحضر بقوة في أسئلة البرلمان الإسباني الموجهة لألباريس    مجلس المستشارين.. نادية فتاح: مشروع قانون المالية يؤكد أولوية البعد الاجتماعي والمجالي ويرسخ دينامية الإصلاح            كيوسك الثلاثاء | وزارة الصحة تلزم مديريها بنشر لوائح الأطباء المكلفين بالحراسة لضمان استمرارية الخدمات    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    روسيا تقترح تنظيم مونديال لغير المؤهلين لنسخة 2026..    الاتحاد الوجدي يسقط "الماط" ويمنح جاره المولودية فرصة خطف الصدارة    قافلة الدعم للمقاولات تحطّ بالمضيق... آليات جديدة لتعزيز الاستثمار وخلق فرص الشغل    صنّاع الأفلام القطريون والمقيمون في قطر يؤكدون على أهمية دعم مؤسسة الدوحة للأفلام والمجتمع الإبداعي في بناء صناعة سينمائية مستدامة    ستيفن سودربرغ في مهرجان الدوحة السينمائي: سرد القصص الجيدة قائم في تكويننا وصفة مشتركة بيننا    إيران تعلن تنفيذ الإعدام بحق مغتصب        آلام الأذن لدى الأطفال .. متى تستلزم استشارة الطبيب؟    دراسة: التدخين من وقت لآخر يسبب أضرارا خطيرة للقلب    دراسة علمية تشير لإمكانية إعادة البصر لمصابي كسل العين    وفاة الممثل الألماني وأيقونة هوليوود أودو كير عن 81 عاماً    مملكة القصب " بمهرجان الدوحة السينمائي في أول عرض له بشمال إفريقيا والشرق الأوسط        دراسة: استخدام الأصابع في الحساب يمهد للتفوق في الرياضيات    إصدار جديد من سلسلة تراث فجيج    معمار النص... نص المعمار    الوصايا العشر في سورة الأنعام: قراءة فقهيّة تأمليّة في ضوء منهج القرآن التحويلي    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سوسيولوجي مغربي يرصد إنتاج النخبة ل"ديمقراطية على المقاس"

بعد كل استحقاق انتخابي، ينتهي هذا الحزب أو ذاك بالفوز، في هذه الدائرة أو تلك. هكذا يؤول الاستحقاق الانتخابي، في مختلف محطات عبوره، إلى مجرد "انتصار" لمُرشَّح الحزب أو لائحته. البعد البراغماتي يكاد "يُغطّي" على باقي الأبعاد، وضمنها "العلمي" المنوط به قراءة الانتخابات سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا.
وإذ يبدو "التصويت" مجرد محطة في مسيرة طويلة، قد تبدأ بمراجعة الدستور ولا تنتهي بالحملة الانتخابية، فإن مفهوم "النجاح/ الانتصار" ينبغي أن يأخذ بعين الاعتبار مختلف "المعارك" النضالية ذات الصلة بالموضوع.
من الثابت أن من شأن الانتخابات الرفع من "منسوب" الوعي السياسي/ النضالي، في فترة مُكثّفة من عُمْر الزمن السياسي، إلا أنها ما فتئت تفتقد "زخمها" الضروري في الاستحقاقات الأخيرة، لبعض من هذه الأسباب أو من تلك.
وبحكم أهمية التمثيل النيابي، بالنسبة للحيوية الديمقراطية، فإن الوعي بالمنظومة الانتخابية، في مختلف عناصرها وتداخلاتها، يغدو في حكم الحاجة الموضوعية لتطوير التمثيلية الشعبية. للوعي بموضوع الانتخابات علاقة بالفاعل السياسي (المُحترِف)، بقدر ما له علاقة بالناخب، المطلوب صوتُه لفائدة "اختيار" سياسي، مخصوص ب"لون" محدد.
في إطار المساهمة في نشر الوعي بالمنظومة الانتخابية، تبرز أهمية صدور كتاب السوسيولوجي الأستاذ حسن قرنفل "ديمقراطية على المقاس: سوسيولوجيا إنتاج النخبة". وبالإضافة إلى العمق السوسيولوجي الملحوظ، فإن الكتاب يجنح إلى تخصص علمي متميز، له علاقة بما يمكن تسميته "سوسيولوجيا الانتخابات". وبحكم حجْم الكتاب، منظورا إليه من جهة تعدد موادّه وفصوله، يمكن تقدير أهمية الدراسة السوسيولوجية، بالنسبة لموضوع "حيوي" جدير بالبحث الأكاديمي.
وإذ يبدو "العنوان" السوسيولوجي قويا، في ما يخص الخلفية المعرفية والمنهجية، فإن الكتاب لا يتردد في توسيع مجاله البحثي، من خلال الاستمداد من تخصصات قريبة، مثل القانون الدستوري والعلوم السياسية على وجه التحديد. وأتصور أن في إطار هذا التعدد المعرفي، ما فتئت "الانتخابات" تكتسب أهميتها، من حيث هي مجال علمي خصب من جهة، ومن حيث هي موضوع/ مضمون ديمقراطي، له صلة بتوسيع التمثيلية الشعبية، من جهة أخرى.
وعلى الرغم من مُواكبة سوسيولوجيا الانتخابات لمختلف عناصر منظومة الاقتراع، إلا أن "العدّ العكسي" لتحصيل الخلاصات والملاحظات يبدأ بمجرد إعلان نتائج التصويت. إن مقارنة المُقدِّمات بالنتائج تحتاج إلى قدر من المسافة الزمنية، حتى يتسنى للسوسيولوجي الاشتغال على موضوعه، وما يقتضيه من إحصاء ومقارنة وتحليل وتقييم.
ويمكن للقارئ أن يُقدِّر تشعُّب مسارات البحث بالنسبة لموضوع الاقتراع، ابتداء بطقوس الإعداد للانتخابات، مرورا بالنقاش حول قرار المشاركة من عدمه، وصولا إلى تقييم نتائج الاقتراع. ومن المنطقي أن يقتضي كل مسار، والحال على هذا القدر من التشعُّب، تميُّزا على مستوى الموضوع، وعلى مستوى المعطيات والمنهحية.
في سياق التمييز بين زمن الانتخاب وزمن البحث في الانتخاب، يأتي الكتاب المعنيّ "في وقته"، بالنسبة لاستحقاقين حاسمين: انتخابات 1992 الجماعية وانتخابات 1993 التشريعية. وأعتقد أن أهمية السوسيولوجيا، مُسلّطة على موضوع الانتخابات، قد تعززت بأهمية أخرى ذات بُعد إستراتيجي، أي انتخابات 1992- 1993.
وتُعزى الأهمية الإستراتيجية للانتخابات الأخيرة، حسب ما استخلصناه من قراءتنا للكتاب، إلى أكثر من سبب واحد. ويأتي في طليعة تلك الأسباب النقاش القوي الذي دار حول مشروع قانون الانتخابات، الذي تقدمت به الحكومة في 20 أبريل 1992.
وعلى الرغم من التعديلات المُضمَّنة في المشروع السابق، إلا أن أحزاب المعارضة ظلت ترفع السقف عاليا، مُمثَّلا في المطالبة بتشكيل لجنة وطنية مستقلة تشرف على نزاهة الانتخابات. والواقع أن محاكمة محمد نوبير الأموي، وما تلاها من حكم قاس بالسجن، قد ساهما في عدم الوصول إلى التوافق المطلوب، على الرغم من التحكيم الملكي في موضوع مشروع القانون.
إضافة إلى ذلك، لا ينبغي تجاهل التنسيق المحكم الذي كان سائدا بين أطراف المعارضة، إذ جاءت لحظة مناقشة مشروع القانون لتعلن نضج ميلاد "الكتلة الديمقراطية".
من جهة أخرى، شهدت سنة 1992 نقاشات حادة حول مشروع دستور، كان قد أعلنه الملك الحسن الثاني في خطاب 20 غشت 1992. وفي سياق احتدام المعارك السياسية والتشريعية التي خاضتها أحزاب المعارضة حول القوانين الانتخابية، انتهت هيئاتها التقريرية إلى عدم الرضى عما جاء به الدستور الجديد: عدم المشاركة في الاستفتاء (باستثناء التقدم والاشتراكية). والواقع أن النقاش الذي دار حول الدستور، في سياق الحسم حول المشاركة من عدمها، كان بخلفيتين ورهانين مختلفين:
رهان الموافقة بالإيجاب، على خلفية أن الاستفتاء بمثابة استشارة عامة حول سياسة الحسن الثاني؛
رهان عدم المشاركة، على خلفية الأحداث السياسية والاجتماعية المرافقة لحدث الاستفتاء.
وبالمقارنة بين دستور 1972 ودستور 1992، يمكن ملاحظة حجم التعديلات الطارئة، التي أقر بالعديد منها غير واحد من القيادات السياسية، وفي طليعتها الأستاذ عبد الرحمن اليوسفي.
ولعل من بين التعديلات الكبرى التي يمكن الإشارة إليها الديباجة التي صارت تؤكد تشبث المغرب بحقوق الإنسان، كما هي متعارف عليها عالميا. وبالموازاة مع التعديلات المقررة، يمكن الإلماح إلى حيوية أحزاب المعارضة (الكتلة) آنذاك، بارتباط مع المطالب الدستورية "التقدمية" التي كانت ترفعها، والتي ظلت مشاريع نضالية قائمة في الاستحقاقات الدستورية القادمة (1996 و2011).
ترجع مركزية استحقاقات (1992- 1993)، باعتبارها موضوع الكتاب، إلى التقاطب الحادّ الذي ساد بين الحكومة (أحزاب الإدارة) والمعارضة (الكتلة الديمقراطية). وإن كان موضوع ذاك التقاطب قائما حول العناوين الدستورية والقانونية، إلا أن السياق السياسي والاجتماعي (إضراب 14 دجنبر 1990 العامّ)، مجسدا في محاكمة النقابي نوبير الأموي واعتقاله بالأساس، أرخى بظلاله على النقاشات الانتخابية والدستورية.
وهو يتناول مرحلة سياسية دقيقة، أدت إلى صدور دستور 1996 وظهور حكومة التناوب، استند الأستاذ حسن قرنفل إلى معطيات غنية، استقاها من مصادر متنوعة (كتب، صحف، منشورات حزبية، إلخ). والحقيقة أن من بين أهم "حسنات" الكتاب، تَضمُّنَه لكثير من المعلومات القيِّمة، التي بعضها عبارة عن تصريحات صحافية، أو نقاشات سياسية خلال مؤتمرات.
وإذ يتوارى زمن استحقاقات 1992- 1993، تبدو العودة إلى الكتاب ضرورية، سواء بالنسبة للباحث الأكاديمي أو للفاعل السياسي. ويجدر الحديث عن أهمية البعد التوثيقي في الكتاب، باعتباره "خزان معطيات" بالنسبة لمرحلة سياسية دقيقة من تاريخ المغرب المعاصر.
والملاحظ أن في خضم عرض المادة الغزيرة ، كانت منهحية الكتاب تستند إلى أساليب التحليل والمقارنة والمناقشة والتقييم. وعلى الرغم من المسافة الأكاديمية المطلوبة التي اتخذها المُؤلِّف اتجاه موضوع دراسته، إلا أن العديد من النقاشات كانت تنطوي على وجهات نظر شخصية، لها علاقة بالخلفية الفكرية وحتى الإيديولوجية لصاحب الكتاب.
من جهة أخرى، لم يكن من المستغرب أن تشكل تلك النقاشات "مقدمات" ضرورية لفهم غير قليل من الالتباسات والقرارات. ومن الطبيعي، والحال كذلك، أن تتاح للقارئ فرصة رصد تطور القرار الحزبي لدى بعض الهيئات الحزبية، وتبيُّن شخصية كل حزب على حدة بالتالي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.