سبق أن نفذ شبان اعتصاما، يوم الاثنين الماضي، فوق شرفة مبنى القنصيلة الإسبانية السابقة في مدينة سيدي افني، المعروفة باسم "الباكاضوريا"، للمطالبة ب"استرجاع الجنسية الإسبانية". وبعد قرابة الساعة من الاعتصام الذي تم إثر اقتحام بالسلالم، ورفعت خلاله الأعلام الإسبانية ولافتة مطلبية باللغة الإسبانية، تدخلت السلطات المغربية لتعتقل ثمانية من المعتصمين وتحيلهم على المحاكمة. وبحسب مصادر حقوقية، فإن المعتقلين الثمانية يتابعون أمام المحكمة الابتدائية في تيزنيت بتهم "التحريض على العصيان" و"العنف في حق رجال القوات العمومية" و"انتهاك حرمة مسكن" و"تخريب أشياء مخصصة للمنفعة العامة"، في وقت تمت فيه إحالتهم على الخبرة الطبية بالمركز الاستشفائي الحسن الأول بالمدينة إثر اتهامهم المصالح الأمنية بسيدي إفني ب"ممارسة التعذيب في حقهم" إبان عملية الاعتقال . وقال ياسر نوجاجي، عضو فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بسيدي إفني، إن السبب وراء الاحتجاج يعود إلى مطالبة الشباب ب"الحق في استرجاع الجنسية الإسبانية"، موضحا أن "القانون الإسباني يتيح منح الجنسية للمغاربة وأبنائهم وأحفادهم بالمنطقة، ممن عملوا في السابق مع مختلف الإدارات الإسبانية قبل دخول المغرب منطقة افني وايت تابعمرانت، وهو الحق الذي يعطى أيضا بحكم الارتباط التاريخي مع إسبانيا"، وفق تعبيره. وأورد الناشط الحقوقي، في تصريح لهسبريس، أنه انطلاقا من العام 2012 شرع شباب المنطقة في ملئ استمارة طلب استرجاع الجنسية الإسبانية، وتم توجيهها إلى وزارة العدل الإسبانية، ملحقة بكل الإثباتات بأن الجد أو الأب حصلوا على الجنسية الإسبانية، إلى جانب وثائق أخرى تتعلق بحسن السيرة وعقد الازدياد، مع ترجمتها في القنصلية الإسبانية. المنعطف الذي أدى إلى غضب الشباب، يقول نوجاجي، "تجلى حين التزمت السلطات الإسبانية الصمت أمام طلباتنا فلم نتلقى أي جواب منذ 2012. ورغم مراسلاتنا إلى البرلمان الإسباني ودخول هيئات حقوقية إسبانية على خط قضيتنا، فقد ظلت إدارة مدريد تتجاهل طلباتنا دون أن تمنحنا الجواب بالرفض أو القبول"، مضيفا أنه "أمام هذا التجاهل، اضطر عدد من شبان سيدي إفني للاحتجاج على خرق إسبانيا للقانون الذي وضعته، ومن أجل توجيه البوصلة صوب المدينة عوضا من اللجوء إلى إسبانيا". عضو مكتب جمعية "إفني، ذاكرة وحقوق" قال إن المحتجين لجؤوا إلى أقرب مكان تابع للسلطات الإسبانية، وهو قنصيلتها السابقة التي تدعى "الباكاضوريا"، و"نفذوا الاعتصام بطريقة سلمية؛ حيث تسلقوا عبر السلالم شرفة البناية دون إحداث أي تخريب أو تكسير، ورفعوا الأعلام الإسبانية والعلم الذي يرمز إلى إقليمسيدي افني مع لافتة مطلبية"، مضيفا أن "المحتجين رفعوا مطالبهم إلى السلطات الإسبانية دون المغربية، لأن المغرب لا صلة له بما جرى، والمشكلة هي مع إسبانيا"، على حد قوله. وسجل المتحدث ما وصفه خرقا قانونيا ارتكبه مسؤولو السلطات المغربية؛ إذ "لم يأخذوا الإذن من السلطات الإسبانية للتدخل في حق المُحتجّين، لأن البناية تابعة لاسبانيا"، متهما القوات العمومية ب"تعنيف المحتجين"، ومشددا على أن "الاعتقال يبقى غير قانوني". وكشف أن مدريد بادرت إلى رد فعل رسمي؛ إذ "قالت المتحدثة الرسمية باسم الحكومة الاسبانية إن حكومة بلادها تتابع الأوضاع عن كثب وتتدارس الأوضاع، وإنها لن تتخلى عن أبنائها في سيدي إفني"، يردف المتحدث. وتطالب عائلات المعتقلين بالإفراج الفوري عن الشبان الثمانية؛ حيث رفعت لافتة كتب عليها بالعربية والإسبانية: "عائلات معتقلين سيدي إفني تطالب بالإفراج الفوري عن أبنائها، وبتدخل السلطات الإسبانية في القضية"، فيما أعلن النشطاء الحقوقيون بالمدنية الاستمرار في مطلبهم الرئيسي المتمثل في "استرجاع الجنسية الإسبانية للشباب المغربي في سيدي إفني".