اختار الخبير الاقتصادي نجيب أقصبي، كعادته، لغة واضحة وصارمة لتشريح الوضع الاقتصادي بالمغرب، والأعطاب التي يعاني منها، وفي مقدمتها الاختلالات الكبيرة التي يعرفها النظام الضريبي "الذي لا يحقق لا العدالة ولا السيادة المالية"، حسب تعبيره، قبل أن يعتبر أن "حكومة بنكيران فشلت هي الأخرى في إصلاح نظام الضرائب؛ بل أكثر من هذا، لم تستطع حتى تنزيل مقتضى يعاقب بالسجن المتورطين في التهرب الضريبي". وقال أقصبي، خلال ندوة استضافتها كلية محمد الخامس بأكدال، حول "الحصيلة الاقتصادية لحكومة بنكيران"، نظمت من طرف المجلة المغربية للعلوم السياسية والاجتماعية، إن بلدا كالمغرب، لا يتوفر على موارد نفطية، ويتوفر فقط على الموارد الطبيعية، "الشرط الأول للسيادة المالية بالنسبة له هو الرفع من المداخيل الضريبية إلى أكبر قدر ممكن". بيد أن أقصبي لفت الانتباه إلى أن "هذا الرفع يجب ألا يكون على حساب المواطن البسيط، وإنما على حساب كبار الفلاحين المعفيين من الضرائب، مع إظهار المزيد من الصرامة مع المتهربين من الجبايات"، حسب تعبيره. وأشار الخبير الاقتصادي ذاته إلى أن "قانون مالية 2016 عرف تغطية المداخيل الضريبية لحوالي 62 في المائة من النفقات العمومية للدولة"، ليخلص إلى أن النظام الجبائي للمملكة "عاجز عن تغطية نفقات الدولة، وإن بنسبة 75 في المائة"، حسب تعبيره.. "هذه النسبة ليست حلما، لأن تحقيقها جرى في السابق. وعندما نصل إلى تغطية الموارد الضريبية لأزيد من 80 في المائة من النفقات، حينها لن تكون هناك مشكلة مع الديون"، يقول أقصبي. وعاد أقصبي إلى التزامات حكومة بنكيران في ما يتعلق بإصلاح أنظمة الضرائب؛ ذلك أن التصريح الحكومي تعهد بإصلاح شامل لنظام الضرائب حتى يصبح عادلا، مؤكدا أن الحكومة "أضاعت فرصة ذهبية لإصلاح الجبايات بالمغرب، بسبب عدم تنفيذها توصيات المناظرة الوطنية لإصلاح النظام الضريبي". وأشار أقصبي إلى أن الحكومة الحالية "ورثت نظاما ضريبيا غير عادل، وعاجز، وغير ناجع، ومعقد بشكل مرعب"، قبل أن يتحدث عن كون المناظرة الوطنية لإصلاح الضريبة خرجت ب60 توصية من أجل خلق نوع من التوازن بين الضرائب المباشرة وغير المباشرة، وفرض ضرائب على القطاع الفلاحي، "إلا أن الحكومة، عوض أن تأخذ بهذه التوصيات، قررت أن تبقي التوصيات المرتبطة بالمطالب الضريبية للباطرونا ورجال الأعمال فقط"، على حد قوله. واستغرب أقصبي كيف أن الحكومة، عوض أن تعمل على جعل الضريبة على القيمة المضافة أكثر عدلا، من خلال وضع عدد من نسب الضريبة عليها، "عملت على وضع نسبتين غير عادلتين بالمرة"، ليخلص إلى أن "حكومة بنكيران ضيعت فرصة تاريخية من أجل إصلاح حقيقي لنظام الضرائب، واختارت أن تستجيب لمطالب الباطرونا فقط، دون أن تقوم بالإصلاح الذي وعدت به". وعبر أقصبي عن امتعاضه من تراجع الحكومة عن سن مقتضيات في قانون مالية العام الحالي تهم معاقبة المتهربين من الضرائب بعقوبات سالبة للحريّة.. "خضعت الحكومة للوبيات في البرلمان، ولاتصالات بالهواتف، من أجل سحب هذه المقتضيات، وإلى حد الآن لم يحدث في المغرب أن دخل شخص إلى السجن بسبب تهربه من أداء الضريبة، على خلاف بقية دول العالم"، يقول نجيب أقصبي.