يتعرض الحجاج المسلمون في هولندا كل سنة لعمليات نصب واحتيال تقوم بها وكالات أسفار وهمية ووسطاء يستخدمون المساجد والأئمة للتغرير بالضحايا. نوعية الوسيط وأسعار التذاكر المنخفضة هو ما يسقط المغرر بهم سريعا في الشرك. "حينما يتصل بنا شخص نعرفه، نثق فيه دون تردد"، يقول أحد الضحايا. ولذلك تشرع "رابطة المسنين المغاربة بهولندا‘ في إطلاق حملة تحذيرية مع بداية شهر مايو القادم. إمام ثقة تكلف فريضة الحج شهورا من الاستعدادات المكثفة والمتواصلة والتوفير المستمر. وعلى الرغم من التحذيرات المتكررة من مكاتب السفر المتخصصة في تنظيم الحج والعمرة، إلا أن مئات من الحجاج يقعون سنويا ضحايا لعمليات نصب واحتيال تتكرر أمام عجز تام للضحية وغياب للسلطات الأمنية والسلطات المعنية. مصطفى بوهارو (44 سنة) من مدينة خاودا هو أحد ضحايا سماسرة الحج في الموسم الماضي. يستعيد مصطفى تجربته بمرارة ظاهرة لأنه منح ثقته الكاملة لوسيط يعرفه. "منذ شهر فبراير من السنة الماضية وأنا منهمك في الاستعدادات للحج. وكما تعلم فنحن المغاربة حينما يتصل بنا شخص نعرفه ونثق فيه، نقوم بتكليفه دون تردد. في مدينة خاودا جاءنا شخص كان إماما في مسجدنا قبل أن يتقاعد، وكلفناه - نحن مجموعة من سكان خاودا - لمتابعة إجراءات السفر مع وكالة أسفار خاصة يعرفها. ونحن كمغاربة ومسلمين، نبني دائما علاقاتنا الدينية مع الآخر على الثقة". كل الأمور سارت على ما يرام يؤكد بوهارو إلى أن اتصل به الوسيط قبل يوم واحد من موعد الرحلة. أخبره الوسيط/الإمام أن الرحلة أجلت أسبوعا آخر. "عندها أدركت أنني وقعت ضحية نصب". 31 شخصا من مدينة خاودا وأكثر من 100 من مدينة دوردريخت وقعوا كلهم ضحية نصاب من مدينة روتردام يدعى "أبو عياش" ويدير وكالة سفريات تحت اسم "الحجاز". غياب الأدلة ضحايا "الحجاز" لم يتوجهوا للقضاء لأنهم لا يتوفرون على دليل يثبت أنهم تعاملوا مع هذا المكتب، لأن الوسيط هو من قام بكل الإجراءات. في مدينة أمستردام أيضا حدث ما يشبه العملية نفسها، يقول حسين بولشيوخ من رابطة المسنين المغاربة بهولندا‘ (مبين). "خلال السنة الماضية تعرض أكثر من 200 مغربي للاحتيال، وقبلها بسنة راح أكثر من 600 مغربي في مدينة أمستردام أيضا ضحية لشركة وهمية يديرها شخص كان معروفا في وسط المغاربة. وقد حجز المغاربة تذاكر الحج لدى هذا الشخص وبقوا ينتظرون إلى أن علموا أن صاحب الوكالة اختفى فضاع حجهم وضاع ما وفروه من أموال". غالبا ما "يبلع" المتضررون ريق أسفهم ويعضون على أصابعهم بالنواجذ ندما وحسرة. ولذلك تحاول رابطة المسنين التعريف بهذا المشكل وطرحه أمام السلطات المعنية في هولندا، وكذلك التنسيق مع السلطات السعودية المنظمة لعملية الحج، وإطلاع السلطات المغربية. بولشيوخ: "حاولنا كنقابة طرح هذا المشكل الذي يتكرر سنويا على جميع الجهات المسئولة بما في ذلك السفارة السعودية في هولندا ونقابة المسافرين والسلطات المغربية والسلطات الهولندية فضلا عن الجمعيات والمساجد". ويدعو السيد بولشيوخ المساجد والأئمة لأن "يعطوا في خطب الجمعة أهمية" لهذه المشكلة والعمل على نشر الرسالة التوجيهية التي أعدتها نقابة المسنين باللغتين العربية والهولندية لتحذير الراغبين في أداء فريضة الحج هذا العام من عمل النصابين والمحتالين. نصائح مكاتب السفر التي تنظم رحلات الحج مسجلة لدى السفارة السعودية وهي التي ينبغي التعامل معها، بحسب ما يؤكده السيد توفيق كريم صاحب وكالة أسفار في أمستردام، مشددا على أهمية الاحتياطات والإرشادات التي ينبغي على الحاج الالتزام بها. "أطلب من الحجاج قبل أن يتعاقدوا مع أي مكتب للأسفار أن يتأكدوا من أن المكتب مسجل لدى السفارة السعودية ضمن اللائحة الخاصة بمن يحق له تنظيم رحلات الحج. هذه المكاتب تكون أيضا متوفرة على علامة 'أياتا‘ التي تعني: المنظمة العالمية للطيران وأن تكون مُؤمّنة حتى إذا تعرضت للإفلاس، تكون أموال الحاج مضمونة". وينصح السيد توفيق الحجاج أن يقوموا بخطوة أولى وأساسية قبل شيء آخر هو الاتصال بالسفارة السعودية في لاهاي والاستفسار منها عن المكاتب المخول لها تنظيم رحلات الحج. أما السيد بولشيوخ فيحث المتضررين على تقديم بلاغات للشرطة حول الوسطاء والمكاتب الوهمية. "سمعت عن حالات النصب والآن وقعت أنا ضحيتها"، يتحسر مصطفى بوهارو الذي يتوجب عليه الانتظار سنوات أخرى حتى يحقق أمنيته في أداء فريضة الحج، وأمنية والدته المريضة التي فاتتها فرصة الحج رفقة زوجها الذي توفي منذ بضع سنين. *بالاتفاق مع إذاعة هولندا العالمية