تناسلت مؤخرا مجموعة من الأحداث ( قايد الدروة المتورط في الفضيحة الجنسية، قضية مي فتيحة التي حرقت نفسها، قضية قايدة تمارة التي رفضت تسليم بطائق التعريف المواطنين ..)، كان أبطالها رجال سلطة من المفترض فيهم تطبيق القانون واحترام كرامة المواطنين، وتجسيد المفهوم الجديد للسلطة، وذلك عبر محاولة الخروج من نفق النهج السلطوي إلى ما بات يعرف في التنظيم الإداري بالمقاربة الاجتماعية لرجال السلطة. إن هذه الممارسات المخالفة أصلا للقانون، والحاطة من كرامة الإنسان، تعيد من جديد طرح العديد من التساؤلات التي ارتبطت بسياق خاص عاشه المغرب إبان ما عرف بسنوات الجمر والرصاص، والتي أظهرت طبيعة العلاقة التي ربطت بين السلطة والمواطنين. هل هذا يعنى أننا أمام عودة النمط الكلاسيكي لرجال السلطة في علاقتهم بالمواطنين؟ وهل هؤلاء يدركون تمام الإدراك التحولات السياسية والسوسيولوجية والقيمية التي عرفها المجتمع المغربي في السنوات الأخيرة ؟ و بعبارة أدق، هل رجال السلطة لم يستوعبوا بعد الأثر الذي أفرزته التحولات السياسية، وما خلفته أيضا "الظاهرة البوعزيزية" في تونس إبان الحراك العربي على سيكولوجية المواطن المغربي؟ إن هذه التساؤلات وغيرها، توضح بجلاء أن هناك خللا واضحا في طبيعة تعامل رجال السلطة مع المواطنين، هذا الخلل الذي تتمظهر جذوره على مستوى التعسف في استعمال السلطة الذي صار المحدد الرئيسي لعلاقة القائد بالمواطن، مما يوحي عن عدم استيعاب صارخ للتحولات السوسيوسياسية والثقافية في بنية المجتمع المغربي، وكيفية التعامل معها . إن هناك ضرورة ملحة لإعادة النظر في هذه المسألة، وتقريب المسافة بين طرفي المعادلة (المواطن ورجل السلطة )، وذلك لمحاولة إزالة التمثل الكلاسيكي لمفهوم السلطة السائد، والبحث عن تجسيد واقعي لما عرف بالمفهوم الجديد للسلطة، والذي يمكن أن يعيد ترميم العلاقة المأزومة بين الطرفين وفق مبدأ سيادة القانون ، لتجاوز الانزلقات والتجاوزات التي يقع فيها رجال السلطة. عموما، فبعد كل هذه التجاوزات التي صدرت عن رجال السلطة مؤخرا، و مست العديد من المواطنين المغاربة، وبعد انتشار في وسائل الإعلام الوطنية نبأ إصدار الملك محمد السادس تعليماته إلى وزير الداخلية، بعقد جلسات عمل بمختلف جهات المملكة مع الولاة والعمال ورجال السلطة، وذلك بهدف اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان أوفر للتعامل مع المواطنين بطريقة قانونية وبدون تجريح أو ممارسات غير أخلاقية ، فهل سيتغير منطق تعامل رجل السلطة مع المواطن ؟!