خلال هذا الأسبوع الذي نودعه وبصورة جازمة حسم منظمو مهرجان موازين إقاعات العالم أمر تنظيم هذا المهرجان المثير، عبر بعض الإعلانات الأولية في صفحات طويلة عريضة ملفوفة بالسم، أهديت للصحف الوطنية يبشروننا الله يبشرهم بالخير أن موعد هذه السنة بصفة رسمية هو 20 إلى 28 ماي المقبل، آراك للنشاط. ففي وسط هذا الغليان الاجتماعي والسياسي أقل ما توصف به هذه الدعوة هو "الاستفزاز العلني" بعينه، إن لم نقل كلاما أكثر من ذلك لعدة أسباب أهمها الاستمرار في هذا "الإستغباء" حد "الإستحمار" للشعب المغربي ولإحساسه ولمشاعره وعواطفه. فاليوم وبعد الإعلان الرسمي عن موعد هذا المهرجان المثير وجب تنبيه أصحاب الحال المشرفين على هذا الموازين في زمن انقلاب مختلف الموازين، أن الكتابة بهذه السرعة وبرد الفعل السريع هذا حول المهرجان والذي من المنتظر أن تشتد المعركة حوله خلال الأيام القادمة، قد يكون سقوطا مدويا في شباك ومنهجية مهندسي مهرجان موازين، بحيث تحقيق المراد والذي لن يكون سوى إشغال إعلامنا ب"مؤخرة شاكيرا" ومن يدور في فلكها وبالتالي صرفنا عن القضايا المصيرية التي يفصلها ويقيسها على مقاسهم أصحاب الحال من خفافيش الظلام في الدستور المقبل. إذن ولنتفق ومنذ البدء أنه لابد من الاحتياط بأن معركة الإعلاميين الشرفاء هي فضح الفساد والمفسدين وتحصين الإصلاحات السياسية والدستور ولا شيء غير الدستور الذي يطبخ اليوم في طنجرة الضغط السريع وعلى نار حامية وبالتالي وجب الانتباه من هؤلاء المحافظين الجدد كي لاتحرق "الطنجرة" من جهة وكي لا يطبخوا الدستور الجديد على أذواقهم الرديئة والمصلحية من جهة أخرى. أما بخصوص الداعين إلى هذا المهرجان المثير في هذه الظرفية الدقيقة من تاريخ الأمة المغربية والعربية عامة، فهي -أي الدعوة- في حد ذاتها مجموعة رسائل عاجلة لمن يهمهم الأمر، وأولها أن المغرب لنا واختياراته الكبرى سياسيا واقتصاديا وحتى موسيقيا تبقى لذوقنا، أما معارضتكم بكل مستوياتها في الشارع في البيوت في الإعلام أو المعبر عنها في خرجات ومسيرات شباب 20 فبراير حيث اللافتات المدينة لهذا المهرجان "فبلوها واشربوا ميتها" على حد تعبير إخواننا المصريين. أما الرسالة الثانية والتي يبدو أن موجهيها لم يستوعبوا الدرس جيدا من ما وقع في مصر وتونس حيث سقوط منظومة الاتجار بقضية الإسلاميين، فيبدو أنه رغم سقوط فزاعة الإسلاميين لايزال البعض يقايض بها الغرب ويثبت له أن بلدنا ومغربنا الإسلامي قادر بانفتاحه على الغرب عرض فنانين غربيين يغنون على خشبة المسرح كما ولدتهم أمهاتهم أو بنصف "تبان" كما تفعل شاكيرا وغيرها من المدعوين للمهرجان، وبالتالي "طز" في الإسلاميين على حد تعبير القذافي الرائد في الطزطزات. ثالث الرسائل التي أراد الماجيدي و وليداتو إرسالها لولاد بوزبال من الشعب، هي أننا باقون هنا وأن تراجعنا للوراء خلال هذه الأيام الأخيرة ليس خوفا من غضبكم، فها نحن نستمر في المسك بزمام الأمور وإن لم يعجبكم الحال ف"الما والشطابا حتى لقاع البحر" طبعا في البحر الأبيض المتوسط. ثالث الرسائل وهي أن مسيراتكم ومختلف أصواتكم ولافتاتكم وإعلامكم وشيوخكم ونسائكم ورجالكم وأطفالكم الذين خرجوا بعشرات الآلاف في مسيرات سلمية تنديدا بسياستنا وبصورنا وبممارستنا لن ترهبنا ولن تخيفنا ولن تدفعنا لمراجعة منهجيتنا ونظرتنا. إن من يصر على التعامل مع المغاربة بنفس عقليات الاستعباد والاحتقار والتملك رغم اختلاف الظروف والأجواء والمناخ السياسي والاجتماعي والاحتقان الشعبي الذي تعيشه البلد اليوم، كمن يلعب بالفعل بالنار ويجر البلد لردود فعل لا تحمد عقباها، فإلا محشمتوش على وجه المغاربة الذين يصرخون بكل ما أوتوا من قوة لرفع هذا الظلم وهذه الحكرة التي طالت وسيطرت لعقود من الزمن، حشموا شوية غير على وجه إخواننا الشهداء الذين سقطوا ولا يزالون يسقطون وخيم العزاء لازالت تنصب في شوارع الجزائر مصر تونس سوريا ليبيا اليمن وغيرها من الدول العربية وأنتم تقيمون خيما مزركشة للرقص والشطيح على أرواح هؤلاء الشهداء وعلى أسرهم التي تبكي بدل الدموع الدم. أما عن المال العام ونسطر على المال العام بسطر غليظ حيث مساهمة ميزانيات الشركات العمومية والمكاتب الوطنية وغيرها من المؤسسات شبه العمومية والذي تنفقوه على شاكيرا وغيرها، وتحرمون أبناء المغرب العميق الذين لايزالون يلدون في ظروف أقل من الحيوانات وينقلون على "البرويطة" للمستعجلات، فحتى إذا ما استمريتوا في ترديد أسطوانة أن هذه المساهمة فهي للشركات والأبناك الخاصة والتي تراكمها من نهب وسلب المواطن البسيط، فاستعملوا قوتكم ونفوذكم لإجبارها على الاستثمار في المشاريع الاجتماعية على الأقل الخير مع العبد ومع الله، فهل يستقيم مهرجان بأكبر الموسيقيين العالميين في واقع المغرب العميق، بلحق قالوها الناس الأولين "آش خصك المريض الفقير الأمي العاطل المحكور المقصي الجائع المظلوم والعريان، قالو موازين أمولاي". *صحافي بالشروق