على بُعد ستة أشهر من انتهاء ولاية الحكومة الحالية، اعترف الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، ووزير السكنى والتعمير وسياسة المدينة، محمد نبيل بنعبد الله، بأنّ الحكومة التي يوجد حزبه ضمن مكوّناتها لم تُفلح إلى حدّ الآن في تنزيل كلّ مقتضيات دستور 2011، قائلا: "لم نصل بعدُ إلى الدرجة المطلوبة في تنزيل الدستور". غير أن بنعبد الله، الذي كان يتحدّث في ندوة نظمتها مؤسسة "فكر للتنمية والثقافة والعلوم"، في موضوع "سنوات من تطبيق الدستور 2011-2016.. الحصيلة والآفاق"، اليوم الأربعاء بالرباط، حاول النأي بالحكومة عن تحمل مسؤولية عدم تنزيل مقتضيات الدستور لوحدها، قائلا: "كل ما ناضلنا من أجله على مستوى تثبيت المؤسسات ودورها، وفصل السلط، والحقوق السياسية والثقافية، والتي أدمجت في الدستور، هي مسؤوليتنا جميعا". الأمين العام لحزب "الكتاب"، الذي حرص على الحديث بصفته أمينا عاما للحزب، وليس كعضو في الحكومة، قال إن "السؤال الذي ينبغي طرحه في الوقت الراهن هو هل يمكن تطبيق الدستور إذا لم يكن هناك دعم من الجميع لتنزيل المبادئ التي جاء بها على أرض الواقع بالمفهوم الديمقراطي الحقيقي؟، معتبرا أن هذا السؤال ما زال مطروحا إلى يومنا هذا. واستطرد بنعبد الله بأنّ المنطلق الذي يجب الانطلاق منه هو وضع المسألة الدستورية في سياقها التاريخي، "لنعرف أين كنّا وأين نحن، ومع من يمكن أن نتحالف لتقديم المسار الدستوري والديمقراطي، لتجاوز الصراع السياسي الذي لا يمكن أن ينتهي"، حسب تعبيره، "ولكن في الدستور، حذار من عدم تحديد أين تكمن المقاومة، والإكراهات الحقيقية"، يقول المتحدث ذاته. وردًّا على الانتقادات التي وجَّهها الكاتب الأوّل لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إدريس لشكر، للحكومة، في ندوة "مؤسسة فكر"، بشأن عدم قدرتها على تنزيل مقتضيات دستور 2011، قال بنعبد الله: "الخلاف غير موجود بين من يريد توجها تقدميا واضحا ومنفتحا وبين محافظين، إنما المعركة بين من يريد إعطاء صلاحيات للوثيقة الدستورية وبين من لا يريد ذلك". غير أن بنعبد الله اعترف، في المقابل، بوجود خلافات وسط مكونات الحكومة حول بعض الجوانب المتعلقة بالمفاهيم القيمية والثقافية، مشيرا في هذا الصدد إلى الخلاف الذي دبّ بين حزبه وحزب العدالة والتنمية حول هيئة المناصفة ومحاربة كافة أشكال التمييز، معتبرا أن هذا الصراع سيستمرّ، "لكنّ الأهم هو كيفية التفكير في حسم معركة التنزيل الديمقراطي للدستور، بعد وصول المجتمع إلى وضع متْنٍ دستوري جديد"، على حد قوله. وبخصوص القوانين التنظيمية التي لم يجْر إخراجها بعد، وعددها أربعة، قال بنعبد الله إن "لها وضعية خاصة"، إذ إنّ القانون التنظيمي المتعلق بمجلس الوصاية "تعود فيه الصلاحية الكاملة للمؤسسة الملكية"، أما القانون التنظيمي المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية فقال بنعبد الله إنه يتعين "أن تكون لنا الجرأة والشجاعة لبلورة الأمر على أرض الواقع، لأنّ أي تأخير للنقاش حول هذا الموضوع غيرُ مُجْدٍ".