تحل الذكرى الخامسة لحراك "الربيع المغربي"، الذي أشعل شوارع المغرب باحتجاجات أطلق شرارتها شباب تحت يافطة "حركة 20 فبراير"، التي طالبت بإسقاط الفساد والاستبداد، فعجلت بتعديل دستوري غير مسبوق، أجريت إثره انتخابات تشريعية سابقة لأوانها، منحت إسلاميي "العدالة والتنمية" مفاتيح تسيير الحكومة، في تجربة سياسية لا زالت فصولها مستمرة. وتختلف الآراء حول الأداء السياسي لحكومة عبد الاله بنكيران، الذي جاهر برفض انخراطه في حراك 2011 دون أن يعلن، في الوقت ذاته، الدور الذي لعبته احتجاجات "20 فبراير" في منح حزبه صدارة انتخابات "25 شتنبر"، بعدما كان في المعارضة، وهو الأداء الذي طالما قاسه المتتبع المغربي بمدى وفاء "إخوان المغرب" بوعدهم في "إسقاط الفساد والاستبداد". عبد الرحيم العلام، مدير مركز "تكامل للدراسات والأبحاث"، اعتبر أن استفادة حزب العدالة والتنمية من الحراك العشريني، "لا يمكن أن ينكره أي أحد، وباعتراف قادة الحزب"، مضيفا أن إسلاميي "المصباح" باتوا "أكبر المستفيدين من حركة 20 فبراير، وأنه الحزب الوحيد في المنطقة التي عاشت الثورات الذي انضم إلى الحكم ومازال كذلك، قادما إليه من المعارضة". "العدالة والتنمية" المعارض وقتها، يضيف العلام، في تصريح لهسبريس، ترك المعارضة للفراغ "والتحق بالجهة الأخرى بعيدا عن شباب حركة 20 فبراير والهيئات المكونة لها"، موردا أن بنكيران قطف ثمار الحراك و"برر للقصر أن الحزب ليس ضد الملكية"، فيما يرى أن المغاربة الذين "أرادوا الإصلاح وغير مرتاحين لحركة 20 فبراير منحوا أصواتهم للحزب حتى وإن لم يتفقوا معه.. وهذا أكبر فائدة استفادها". وتابع الباحث في العلوم السياسية بالقول إن حزب العدالة والتنمية "رفع شعار الحراك في إسقاط الفساد والاستبداد، لكن عبر الصناديق، وحتى يستقطب الناس الذين فضلوه على حركة 20 فبراير"، وفق تعبيره، فيما شدد على أن مستوى انتظار المغاربة الذين منحوه 107 مقاعد في الانتخابات التشريعية السابقة لأوانها "هو المستوى ذاته من الانتكاسة التي جاءت بها حكومة يقودها حزب لم يستطع استغلال الثقة التي منحت له قبل خمس سنوات". العلام شرح كيف أن حزب العدالة والتنمية، القائد لأول حكومة بعد دستور 2011، "فتح أوراشا وترك أخرى دون أن يحرك فيها ساكنا؛ مثل ملفات الفساد التي لم يستطع معالجتها أو وجدها أكبر من حجمه، وتوجه إلى فتح نقاشات أخرى بدلا من محاربة الفساد"، مستدلا على ذلك بملفات الريع". ووصف العلام واقع أداء الحكومة طيلة السنوات التي تلت حراك "20 فبراير"، بالانتكاسة، مضيفا أنها تتضح أيضا مع "تراجع مستوى الحريات وحقوق الإنسان، وبالتضييق على النشطاء وعزل القضاة"، بالإضافة إلى "تأزم الوضع الاقتصادي، وارتفاع نسبة البطالة، وانخفاض نسبة النمو، وعدم تفعيل نتائج التحقيق التي تزعم الحكومة فتحه في حالات الفيضانات والحوادث وتعنيف المحتجين". وتساءل المتحدث: "أين هي الانتظارات التي ينتظرها المواطنون من حكومة عولوا عليها بشكل كبير منذ خمس سنوات؟"، مشددا على أن الشروط التي ساهمت في اندلاع احتجاجات المغرب عام 2011 ومنحت "العدالة والتنمية" فرصة الحكم، "متوفرة الآن، يضاف إليها تأييد عدد من الأحزاب للحركات الاحتجاجية الحالية، فيما كان العكس مع حركة 20 فبراير التي وقفت كل الأحزاب ضدها". "هناك موجة ثانية من حراك 2011 ستحل بالمغرب لا محالة، دون التكهن بتوقيتها، لأن الأمر شبيه بالكوارث الطبيعية"، يتوقع عبد الرحيم العلام، الذي أكد أن "أحدا لم يكن يتنبأ، بمن فيهم الخبراء، باندلاع ثورة في تونس التي كانت أوضاعها مستقرة"، فيما اعتبر أن "حركة 20 فبراير" تبقى "ذكرى دون أن نحاول إحياء الموتى، لأنها حققت وأخفقت ولا يمكن الرهان عليها كثيرا في المستقبل أمام إمكانية ظهور حركات جديدة".