مازالتْ قضيّة إحالة نائب الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالقنيطرة، القاضي محمد الهيني، على المجلس الأعلى للقضاء يوم 18 يناير الجاري بمقّر وزارة العدل والحريات، على خلفيّة رفْع فرق الأغلبية بالبرلمان شكاية ضدّه يتهمونه فيها بنشر مقالات رأيٍ مستفزّة لهم وبخرق واجب التحفظ، (مازالت) تعرفُ مزيداُ من التطوّرات، وأخذتْ بُعْدا دوليّا. فبعْدَ الوقفة التي خاضها عدد من القضاة والمحامين أمامَ وزارة العدل والحرّيات، تزامنا مع إحالة القاضي الهيني على المجلس الأعلى للقضاء، الذي بتّ في القضية، معتبرين ذلك "تعدّيا على اختصاصات الملك"، عمَد كلّ من النقيبين عبد الرحمان بنعمرو وعبد الرحيم الجامعي إلى تدويل قضيّة الهيني، من خلال رسالة موجّهة إلى المقررة السامية الخاصة باستقلال القضاة والمحامين لدى هيئة الأممالمتحدة بسويسرا. النقيبان، وبعْدَ استعراض حيثيات القضية في الرسالة الموجّهة إلى المقررة الأممية، "كابرييلا كنول"، اعتبرا أنَّ مضمون الشكاية المرفوعة ضدّ القاضي الهيني، "تمثل مزاعم مفتقدة لأي أساس، وانتهاكا صارخا لأحد الحقوق الأساسية التي يتمتع بها القضاة في العالم بأسره، وهي الحق في حرية الرأي والتعبير والفكر، باعتبارها إحدى أسس حقوق الإنسان المعترف بها أيضا من طرف الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية وتوصياتهما". وذهبَ النقيبان بنعمرو والجامعي إلى اعتبار الشكاية المرفوعة ضدّ القاضي الهيني من طرف فرق الأغلبية بالبرلمان، "تمثل إحدى وسائل التضييق على كل قاض لإزاحته من النقاشات المجتمعية الأساسية المتعلقة باهتمامات الرأي العام المغربي"، وأضافت الرسالة أنَّ قضيّة القاضي الهيني "ذات أبعاد خطيرة تهدد حقوق القضاة وحرياتهم بشكل عام، والقاضي محمد الهيني بشكل خاص". وفي حينِ يؤكّد وزير العدل والحريّات أنه لم يتدخّل في قضية الهيني، عبّر بنعمرو والجامعي عن مخاوفهما بخصوص المسطرة المثارة من طرف بعض البرلمانيين من الأغلبية البرلمانية الحكومية، وبخصوص مجريات المحاكمة ضد الهيني؛ وتنبع هذه المخاوف، بحسب مضمون الرسالة، من كوْن وزير العدل والحريات هو الذي يرأس هذه المحاكمة، "وهو خصم وحَكم"، وفق ما ورد في رسالة بنعمرو والجامعي. وكانَت الهيئات المدافعة عن القاضي الهيني قد وضعتْ مذكرة تجْريح ضد وزير العدل والحريات، الذي يرأس المجلس التأديبي، باعتباره ينتمي لأحد الأحزاب السياسية الأساسية المقدمة للشكاية؛ وطالبَ بنعمرو والجامعي من المقررة الأممية السامية الخاصة باستقلال القضاة والمحامين لدى الأممالمتحدة ب"اتخاذ ما ترونه ضروريا من إجراءات مناسبة تبعا لمسؤولياتكم في مواجهة الأخطار المهددة للقاضي محمد الهيني".