فرّقت قوات الأمن السورية المزودة بهراوات نحو 150 شخصًا، احتشدوا في وسط دمشق الأربعاء 16 مارس 2011، في بداية لثورة قد تشتعل تأسيًا لثورات أخرى بدأت في العالم العربي. ونقلت وكالة "رويترز" عن شاهد عيان قوله: إنّ عشرات من أفراد الأمن يرتدون الملابس المدنية هاجموا المتظاهرين، الذين تجمعوا أمام وزارة الداخلية للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين السياسيين. وأُصيب متظاهر واحد على الأقل في رأسه وتعرض آخرون للضرب، واعتقل 15 شخصًا على الأقل بينهم الناشطة السياسية سهير الأتاسي. وقالت الأتاسي: إنّ السلطات السورية لن تستطيع الإفلات من الاضطرابات الّتي تهز العالم العربي برفضها انفتاح النظام السياسي في البلاد والسماح بحرية التعبير. وقال متظاهر: "جروا سهير من شعرها وأخذوها بعيدًا". ومن بين المعتقلين طيب تزيني (69 عامًا)، وهو أستاذ للفلسفة في جامعة دمشق، وشقيقه وابن كمال اللبواني وهو طبيب مسجون بتهمتي "إضعاف الشعور القومي" و"القيام بأعمال تعرض الدولة لأعمال عدائية". والتزم المحتجون الذين تجمعوا في ساحة المرجة الّتي ترجع للعصر العثماني بوسط العاصمة الصمت، ورفعوا صورًا لأقاربهم وأصدقائهم المسجونين قبل أن تنهال عليهم قوات الأمن بالضرب. ورفع أحد المتظاهرين صورة مهند الحسني، وهو محام نال جائزة دولية في حقوق الإنسان في مايو الماضي لدفاعه عن السجناء السياسيين. وفي الشهر التالي صدر ضده حكم بالسجن لمدة ثلاث سنوات. وصرخ أحد ضباط الأمن واصفًا المظاهرة بأنها فوضى، ورد المتظاهرون بأنها احتجاج سلمي. وفُضت المظاهرة عقب الهجوم، وواصلت قوات الأمن القبض على آخرين، ونقلتهم إلى حافلة زجاجها داكن اللون. وقال مسئول بوزارة الداخلية: إنّ "متسللين" حاولوا إثارة الفوضى أمام وزارة الداخلية. ثم بدأت مظاهرة مضادة قصيرة وهتف المواطنون خلالها "بالروح بالدم نفديك يا بشار"، في إشارة للرئيس السوري بشار الأسد. ومنذ أطاحت انتفاضتان شعبيتان برئيسي مصر حسني مبارك وتونس زين العابدين بن علي؛ كثفت السلطات السورية حملتها المستمرة منذ وقت طويل لاعتقال منشقين وشخصيات معارضة وكتاب مستقلين. وهناك ما يتراوح بين ثلاثة آلاف وأربعة آلاف سجين سياسي في سوريا محتجزين دون محاكمة على الأغلب يطالبون بنظام ديمقراطي بديلاً عن احتكار حزب البعث للسلطة المستمر منذ خمسة عقود. وانضم نحو 40 شخصًا الثلاثاء لاحتجاج في دمشق وردّدوا شعارات سياسية، وذلك في أول تحد لحزب البعث الحاكم، منذ الاحتجاجات المدنية التي اجتاحت دولاً في أرجاء العالم العربي. وقالت منظمة هيومان رايتس ووتش لمراقبة حقوق الإنسان ومقرها نيويورك: إنّ السلطات في سوريا كانت من الحكومات الأسوأ من حيث انتهاكات حقوق الإنسان في عام 2010، حيث سجنت محامين وعذبت معارضين، واستخدمت العنف لقمع الأكراد.