تفاجئ البعض بالخبر الذي أوردته في البداية مجلة "جون أفريك" الفرنسية، التي كشفت عن واقعة رفع الجيش الموريتاني لعلم بلدهم في مدينة لكويرة بالصحراء، مشيرة إلى أن هذا التصرف أرغم وفدا مغربيا رفيع المستوى إلى التوجه نحو نواكشوط للقاء الرئيس الموريتاني. وذكرت "جون أفريك" أن الجيش الموريتاني لم يتوقف عن ممارسة السيطرة الفعلية على مدينة لكويرة، رغم أنها تتبع رسميا للمغرب، مردفة أن نواكشوط قررت تعزيز حضورها هناك، ورفع العلم الموريتاني، ما دفع الرباط إلى استفسار جارتها الجنوبية، حيث تخشى من تسلل عناصر البوليساريو إلى المنطقة. ويعلق الخبير في الشأن العسكري والاستراتيجي، سليم بلمزيان، على هذه الواقعة وخلفياتها، بالقول في تصريحات لهسبريس، إن الرأي العام المغربي يتعين أن يعلم أن لكويرة مدينة خاضعة للإدارة الموريتانية، وشبه خالية من السكان، وتوجد خلف الجدار الأمني". ولفت المتحدث ذاته إلى أنه للوصول إلى مدينة لكويرة الصحراوية، يجب الولوج إلى التراب الموريتاني، والدخول إلى العاصمة الاقتصادية نواديبو، وبعد تجاوز هذه الأخيرة ب 50 كلم، توجد لكويرة، وهي عبارة عن مدينة صغيرة شبه مهجورة، سبق لي زيارتها" يقول بلمزيان. واعتبر بأن لكويرة مشكل كبير عالق بين المغرب وموريتانيا منذ انسحاب هذه الأخيرة من الصحراء سنة 1979، فالمدينة بالنسبة الموريتانيين موريتانية، وتوجد فيها أعلام موريتانية"، مشيرا إلى أن "تواجدها بالمنطقة العازلة جعل أفواجا من البوليساريو تستقر فيها". واستطرد الخبير بأن نواديبو ولكويرة تقعان في شبه جزيرة، حيث تطل لكويرة على المحيط الأطلسي، وتطل نواديبو على سواحل موريتانيا، وباعتبار الأهمية الكبرى لنواديبو، القلب النابض لموريتانيا من خلال صادرات الحديد والملح والنفط، فإن حصول المغرب على لكويرة قد يقتل البلاد اقتصاديا، إذا ما قام بتطوير قاعدة لوجستيكية متطورة. ونبه المتحدث إلى أن "غياب بنية تحتية تربط المغرب بلكويرة بشكل مباشر، وارتباطها فقط بالشبكة الطرقية الموريتانية يجعل من التواجد الموريتاني بها ذا مصداقية"، مبرزا أن التحرك المغربي نحو نواكشوط لم يكن لإخماد أي توتر بين البلدين، بل على العكس جاء لترسيخ مسار تعزيز الثقة بين البلدين". ويرى الخبير أنه يتعين مناقشة موضوع لكويرة في إطار مفاوضات مباشرة بين المغرب وموريتانيا والجزائر، كأطراف رئيسية، وليس فقط ملاحظة، لكي لا يترك الموضوع إلى ما بعد حل النزاع، فيظهر أن هناك عائق آخر للاندماج المغاربي، خاصة أن المملكة دأبت في خطاباتها الرسمية على الحديث عن مغرب من طنجة إلى لكويرة.