كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة تحتضن الدرس الافتتاحي لماستر المنازعات المدنية والتجارية    "وسيط المملكة" يسجل ضعف تفاعل الإدارة مع مراسلاته وتوصياته ويدعو لتحسين زمن رد الحقوق لأصحابها    و"هبيولوجيا" الخطاب.. أو حين يصبح العبث منهجا سياسيا    حقوقيون يسجلون استمرار قمع حرية التعبير وينبهون إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية    تراجع سعر صرف الدرهم مقابل الدولار والأورو خلال نهاية عام 2024    "صحة غزة": ارتفاع حصيلة شهداء الإبادة الإسرائيلية إلى 45 ألفا و805    وزير الخارجية السوري يدعو من قطر إلى رفع العقوبات الأمريكية عن بلاده    اضطرابات في حركة النقل بسبب تساقط الثلوج بكثافة في إنجلترا وألمانيا    نسيم الشاذلي يثير الجدل بخطوة مفاجئة بعد استبعاده من قائمة الوداد    مسرحية "هم" تمثل المغرب في الدورة الخامسة عشرة لمهرجان المسرح العربي    هكذا كنت (أحتفل) بنهاية السنة في السجن    برنامج الجولة 18 من البطولة الاحترافية ومواعيد المباريات المؤجلة    انتحار اللاعب الأوروغوياني أكونيا    نشرة إنذارية.. زخات رعدية قوية وتساقطات ثلجية بهذه المناطق    رسمياً.. بلدان إفريقيان يشرعان في إنتاج الغاز الطبيعي    انطلاق أشغال مؤتمر الألكسو ال14 لوزراء التربية والتعليم العرب بمشاركة المغرب    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الاثنين    الإعلان في المغرب عن تأسيس المنظمة الإفريقية لحقوق الإنسان    الناظور..جمعية مغرب الثقافات والفنون تنظم الدورة الثانية لمهرجان أنيا للثقافة الأمازيغية    وقفة احتجاجية تضامنا مع سعيد آيت مهدي أبرز المدافعين عن ضحايا زلزال الحوز    دوري أبطال إفريقيا: الرجاء الرياضي يفوز على ضيفه ماميلودي صن داونز '1-0'    عصابة للتنويم المغناطيسي تسرق ملايين الدينارات بلمسة كتف في بغداد    تاوسون تتوج بدورة أوكلاند للتنس بعد انسحاب اليابانية أوساكا    برشلونة يعلن جاهزية لامين يامال    انخفاض المبيعات السنوية لهيونداي موتور بنسبة 1,8 بالمائة    "ميتا" تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة لتطوير تجربة التواصل الاجتماعي    خبراء مغاربة يؤكدون عدم وجود تهديد استثنائي من "فيروس HMPV"    تفاصيل متابعة جزائري بالإرهاب بفرنسا    فيروس رئوي جديد يثير قلقا عالميا    المغرب يفرض "رسما مضادا للإغراق" ضد الأفران الكهربائية التركية    "أدناس" يستحضر تيمة "الشعوذة"    مصرع شخصين إثر تحطم طائرة خفيفة قبالة الساحل الشرقي لأستراليا    مطالب للحكومة بتوعية المغاربة بمخاطر "بوحمرون" وتعزيز الوقاية    الصين تطمئن بشأن السفر بعد أنباء عن تفشي فيروس خطير في البلاد    أسباب اصفرار الأسنان وكيفية الوقاية منها    آخر الأخبار المثيرة عن حكيم زياش … !    إسرائيل تؤكد استئناف المفاوضات مع حماس بقطر وكتائب القسام تنشر فيديو لرهينة في غزة    المرأة بين مدونة الأسرة ومنظومة التقاعد    بايدن يمنح وسام الحرية لشخصيات    المشاركون في النسخة ال16 من لحاق أفريقيا ايكو رايس يحطون الرحال بالداخلة    هزيمة جديدة للمغرب التطواني تزيد من معاناته في أسفل ترتيب البطولة الاحترافية    حادث سير بشارع الإمام نافع في طنجة يعيد مطالب الساكنة بوضع حد للسرعة المفرطة    أمن مراكش يحجز 30 ألف قرص طبي    5.5 مليار بيضة و735 ألف طن من لحوم الدواجن لتلبية احتياجات المغاربة    الهيئة الملكية لمدينة الرياض تُعلن تشغيل المسار البرتقالي من قطار الرياض    "نصاب" يسقط في قبضة الشرطة    جنازة تشيّع السكتاوي إلى "مقبرة الشهداء".. نشطاء يَشهدون بمناقب الحقوقي    نشرة إنذارية: زخات رعدية قوية وتساقطات ثلجية على المرتفعات بعدد من أقاليم الشمال    تامر حسني يخرج عن صمته ويكشف حقيقة عودته لبسمة بوسيل    سليم كرافاطا وريم فكري يبدعان في "دا حرام" (فيديو)    خبراء يحذرون من استمرار تفشي فيروس "نورو"    تشاينا ايسترن تطلق خط شنغهاي – الدار البيضاء    الشاعرة الأديبة والباحثة المغربية إمهاء مكاوي تتألق بشعرها الوطني الفصيح في مهرجان ملتقى درعة بزاكورة    بنكيران: الملك لم يورط نفسه بأي حكم في مدونة الأسرة ووهبي مستفز وينبغي أن يوكل هذا الموضوع لغيره    الثورة السورية والحكم العطائية..    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حل الصراع المغربي-الجزائري على النموذج الفرنسي-الالماني
نشر في هسبريس يوم 22 - 12 - 2015

إن الصراع الموجود حاليا بين المغرب والجزائر حول الصحراء والذي اصبح يعد من أقدم الصراعات الدولية يمكن حله على الطريقة التي حلت بها فرنسا والمانيا مشاكلهما الحدودية التي امتدت على مدى قرون من الزمن.فلقد وقعت بين الدولتين( فرنسا والمانيا ) حروب عديدة من اهمها حرب 1870-1871م هذه الحرب كان سببها تباين المواقف بين ملك فرنسا نابليون الثالث والوزيرالاول الالماني (بروسيا) بسمارك حول مشكلة العرش في اسبانيا، فبدأت فرنسا بإعلان الحرب على بروسيا،هذه الحرب هي التي ستفضي بلا شك الى الحرب العالمية الاولى،وهذه الاخيرة كانت سببا كذلك في الحرب العالمية الثانية.فحرب 1870م انتهت بانتصار بروسيا على فرنسا،فحقق بذلك بسمارك هدفا من أهم أهداف حياته وهو توحيد الامبراطورية الالمانية التي احتلت فيها بروسيا مكانة الصدارة.وانتهت الحرب بين الدولتين بإبرام معاهدة صلح في قصر فرساي(مقر الملكية الفرنسية)كانت شروطها مذلة لفرنسا حيث ضم بسمارك منطقتي الالزاس واللورين الفرنسيتين الى المانيا وإرغام فرنسا على تغيير الخرائط الجغرافية،حتى المدرسية منها،بحيث اصبحت المقاطعتان ضمن الاراضي الالمانية،وإجبار فرنسا على دفع تعويضات مالية كبيرة للألمان (200 مليون جنيه استرليني).ولقد عارض الفرنسيون هذه المعاهدة وأعلن نواب الالزاس واللورين تمسكهم بفرنسا وقدم الكثيرون استقالتهم.وكان ممن استقالوا الكاتب الكبير فيكتور هوجو الذي لخص موقفه في كلمات تثبت بعد نظره: »هناك أمتان أوربيتان ستصبحان رهيبتين من الآن فصاعدا،الاولى انتصرت والثانية هزمت. « ظلت منطقتا الالزاس واللورين جرحا عميقا في قلب فرنسا حتى جاءت الحرب العالمية الاولى لتستغلها فرنسا فرصة لاسترجاع ما سلب منها في حرب 1870م وإعادة الاعتبار لهذا البلد.وفعلا فقد انهزم الالمان في هذه الحرب وفرضت عليهم فرنسا مع حلفائها شروطا قاسية في نفس مكان المعاهدة الاولى وهو قصر فرساي وتضمنت هذه الشروط:استرجاع منطقتي الالزاس واللورين واقتطاع اراضي من المانيا لصالح الدول المجاورة وحرمانها من جميع مستعمراتها التي وزعت على المنتصرين وإرغامها على دفع غرامة مالية لتعويض كل الخسائر التي لحقت المنتصرين في هذه الحرب...هذه المعاهدة كانت بمثابة انتقام من المعاهدة الاولى، وهي بدورها خلقت مناخا شجع على بروز النازية في المانيا بزعامة هتلر الذي كان جنديا سابقا في الحرب العالمية الثانية وأسيرا لدى الفرنسيين)،حيث عمل على التحضير للحرب العالمية الثانية التي كانت كارثة اخرى على الاوربيين.
لكن ما يهمنا في هذه الاحاطة التاريخية هو ان العداء الالماني - الفرنسي الذي امتد على مدى قرون كانت خسائره فادحة على جميع المستويات.فكيف عمل الألمان والفرنسيين على وضع حد لهذه الاحقاد التاريخية ؟ فما بين سنة 1948-1953م كان على رأس وزارة الخارجية الفرنسية احد الشخصيات التاريخية الذي كان يفكر بذكاء عكس سابقيه وهندس لبناء تعاون الماني –فرنسي فوق المناطق المتنازع حولها على الحدود بين البلدين وكان ذلك هو بداية مايسمى حاليا بالاتحاد الاوربي.هذا الشخص هو روبير شومان وزير خا رجية فرنسا الذي توفي سنة 1963م وسبق له ان شارك في الحرب العالمية الثانية كجندي ولم تفارقه طوال حياته صور الضحايا التي خلفتها هذه الحرب خاصة في صفوف الالمان والفرنسيين،كما وضع في السجن من قبل البوليس السري الالماني"الجيستابو" وتمكن من الهروب منه.دفعته هذه المحن الى البحث عن وسيلة لإبعاد شبح الحروب عن فرنسا وألمانيا وبالتالي عن القارة الاوربية فوجد الحل في بلورة اول مشروع اقتصادي بين الدول الاوربية تكون دعامتاه الاساسية المانيا وفرنسا الدولتان الكبيرتان في اوربا .ولقد جاء ذلك في خطابه الشهير سنة 1951م الذي قال فيه:
»يتطلب توحيد الامم الاوربية إزاحة العائق القديم بين فرنسا وألمانيا...وإن الحكومة الفرنسية تقترح وضع كامل الانتاج الفرنسي-الالماني من الفحم والصلب تحت تصرف سلطة عليا مشتركة،في إطار منظمة مفتوحة للبلدان الاوربية الاخرى.وسيمكن الانتاج المشترك للفحم والصلب من ضمان تأسيس قواعد مشتركة للتنمية الاقتصادية،وهو الخطوة الاولى في مسلسل بناء اتحاد فدرالي أوربي،سيغير مصير هذه البلدان التي امضت ازمنة طويلة في صنع أسلحة الحرب التي غالبا ما تكون هي ضحيتها الاولى.وسيظهر التعاون الاقتصادي المأمول،أن كل حرب بين فرنسا والمانيا،مستقبلا لن تصير فقط غير معقولة،بل ستصبح عمليا مستحيلة«
وفعلا هذا ما حصل فالعداء التاريخي بين الدولتين زال والحرب بينهما أصبحت مستحيلة الوقوع لان المناطق المتنازع حولها على الحدود اصبحت النواة الاولى للتعاون الاقتصادي في قطاعي الفحم والصلب بعدها امتد التعاون الى باقي المجالات وانضمت اليه دول اخرى حتى وصل الان 28 دولة.
فلماذا لا يكون الامر عليه كذلك بالنسبة للمغرب والجزائر؟ فالمنطقة المتنازع حولها يمكن تحويلها الى منطقة اقتصادية بها مشاريع مشتركة بين البلدين وتكون هي النواة لبناء مشروع اتحاد المغرب العربي ويمكن ان تنضاف اليه دول مجاورة كمالي والسنغال وتنفتح هذه المجموعة على القارة السمراء التي تتوفر على امكانات بشرية وطبيعية هائلة تتنافس حولها الدول والشركات لاستغلال خيراتها.وفي نفس الوقت مواجهة تحديات الارهاب باستئصال مشاتله التي تتخذ من الصحراء وكرا للتفريخ، والحد من الهجرة السرية التي تشغل بال دول العالم حاليا.وعوض صرف الاموال الباهضة في شراء الاسلحة التي تتعرض للصدئ تحت اشعة شمس الصحراء الحارة يمكن وضع بنيات تحتية جاذبة للاستثمارات لتحقيق التنمية وإيجاد حلول لمشاكل سكان البلدين .
فتاريخ العلاقات المغربية الجزائرية لم يكن فيها عداء كبير على النحو الذي كان بين المانيا وفرنسا،بل ما غلب عليها هو التعاون خاصة في الظروف الصعبة.فلما خرجت الجزائر من تحت السيطرة العثمانية واستعمرتها فرنسا في سنة 1830م ،قدم المغرب في عهد السلطان م.عبد الرحمان دعما كبيرا للمقاومة الجزائرية التي تزعمها الامير عبد القادر وذلك بحكم علاقات الدين والجوار التي كانت بين البلدين،وتحمل المغرب تبعات هذا الدعم حيث هزمته فرنسا في معركة اسلي الشهيرة وقزمت اراضيه في معاهدة لالة مغنية .وفي القرن العشرين كان التعاون بين الحركة الوطنية الجزائرية والمغربية في اوجهه سواء في مرحلة تأسيس مكتب المغرب العربي بالقاهرة سنة 1947م الذي يعتبر من اكبر المظاهر لرغبة ابناء المغرب الكبير في التعاون على تحرير اوطانهم من الاستعمار.كما كان مؤتمر طنجة الذي جمع الاحزاب السياسية في كل من المغرب والجزائر وتونس سنة1958م يعبر عن التضامن المتين لتحقيق الوحدة بين هذه الدول الثلاثة ،ولتحقيق هذا الغرض اقترح المؤتمرون تشكيل مجلس استشاري للمغرب العربي كمرحلة انتقالية...لكن لما تم الاستقلال إذا بالمواقف تتغير وكل بلد ينصرف لبناء مؤسساته من ادارة وجيش وقضاء وهياكل الاقتصاد...وظهرت خلافات وصلت احيانا الى حد اندلاع الحرب كما وقع في حرب الرمال بين المغرب والجزائر سنة 1963م.ومع ذلك فتاريخ العلاقات المغربية الجزائرية يطبعه التعاون وليس الصراع الدموي كما كان بين فرنسا والمانيا اللتين نجحتا في تحويله التي تعاون اقتصادي انعكس ايجابا على الشعبين واستفادت منه الشعوب الاخرى المجاورة.اما المغرب والجزائر فيخسران كل سنة عدة نقط من ناتجهما الداخلي وهما في حاجة اليه بسبب هذا الصراع الذي تضرر منه الشعبين كثيرا.فالتعاون هو نقيض الصراع لانه يسمح للجميع بتقاسم المكاسب والفوائد.والمحيط الجهوي والدولي لا يسمحان بهذا التنافر.وعليه فإن حل هذا المشكل يعد اختيارا استراتيجيا لا رجعة فيه،وتكلفة التأخر تكبر بسبب مجموعة من التحديات ما فتئت تزداد امام الدولتين وتحد من تطلعات شعوبهما.لكن على ما يظهر عدم وجود الرغبة والطموح يدل على عدم النضج السياسي.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.