جرى بالرباط تقديم "دليل التربية على المواطنة وحقوق الإنسان لشباب المغرب"، الذي تم إعداده بشراكة بين المجلس الوطني لحقوق الإنسان ومكتب المنطقة المغاربية من منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو"، بدعم من الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي من أجل التنمية. ويهدف هذا الدليل، الذي تم تقديمه في إطار ندوة حول موضوع "ثقافة حقوق الإنسان والتربية على المواطنة وحقوق الإنسان"، انعقدت تخليدا لليوم العالمي لحقوق الإنسان، إلى توفير مورد تربوي جديد للنهوض بتملك ثقافة حقوق الإنسان خاصة في أوساط الشباب، وذلك من خلال تزويد المكونين والمربين بأداة بيداغوجية تعتمد منهجا تربويا يؤلف بين بعدي المواطنة وحقوق الإنسان ويمزج بين الجوانب المتصلة بالنظريات والمعايير والتشريعات الوطنية ومعطيات الواقع المعيش. كما يتوخى هذا الدليل المساهمة في سد النقص الحاصل في الأدوات البيداغوجية بمجال التربية على المواطنة وحقوق الإنسان بالمغرب. ويشمل الدليل عشرين بطاقة بيداغوجية تجمع بين العام، النظام المعياري الدولي، والخاص، التشريع والمؤسسات بصلة مع المغرب، مع تخصيص الجزء الميداني من كل منها لمعالجة مختلف القضايا الملموسة الخاصة بالتجربة المغربية. وتربط كل بطاقة بيداغوجية بين ثلاثة مكونات تهم تقديم موجز للمرجعية الدولية وتشخيص مكثف للوضعية القانونية والمؤسساتية المغربية وسلسلة من التمارين والأنشطة التطبيقية الرامية إلى تنمية معارف ومهارات وكفايات المستفيدين بارتباط مع قيم حقوق الإنسان (الاستقلالية، المشاركة والحس النقدي). وفي تصريح للصحافة ، أكد رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ادريس اليزمي، أن هذا الدليل موجه للشباب، وتكمن أهميته في كون الشباب يمثلون 50 في المئة من المجتمع المغربي. وأبرز أن هذا الدليل يأخذ بعين الاعتبار المرجعيات الدولية في مجال حقوق الإنسان ويضعها في السياق المغربي الذي يتسم بمشهد مؤسساتي جديد خاصة مع دستور 2011، إذ يمزج في نفس الوقت بين المرجعية الدولية والسياق المغربي في كل إشكالية على حدة. وأعرب عن تطلع المجلس لأن يصبح هذا الدليل آلية لدى كل الفاعلين من المدرسية المغربية إلى المجتمع المدني وكذا على المستوى المؤسساتي، مؤكدا أن المجلس سيعمل على تكوين المكونين لنشر ثقافة حقوق الإنسان بشكل أوسع . كما أشار اليزمي إلى أن المجلس يشتغل مع كل آليات المواطنة الموجودة في المؤسسات التعلمية المغربية ، موضحا أن هناك حوالي 1500 نادي للتربية على حقوق الإنسان في هذه المؤسسات. وأكد أن الدليل وحده لا يكفي، حيث ينبغي مضاعفة الجهود على اعتبار أن المجتمع المغربي منفتح على أفكار حقوق الإنسان ، وعلى أفكار مختلفة . وشدد على ضرورة تقوية جهود نشر ثقافة حقوق الإنسان وابتكار آليات جديدة للعمل، معتبرا أن هذا الدليل يعد إحدى الآليات المهمة "لكن ليس كافيا". ومن جهتها، أكدت غولدا الخوري، ممثلة مساعدة المديرة العامة للعلوم الاجتماعية والإنسانية باليونسكو، أن المغرب يقوم بمحاولات مستدامة لتحقيق التنمية البشرية وحقق تقدما إيجابيا في مجال حقوق الإنسان. وأبرزت رغبة اليونسكو في نقل التجربة التي راكمها المغرب في مجال النهوض بحقوق الإنسان إلى البلدان العربية التي تعرف تحديات أكبر في هذا المجال، مضيفة أن ما يجري في العالم اليوم فتح الأذهان على أهمية النظر إلى موضوع حقوق الإنسان بشكل شمولي. واعتبرت أن ثقافة حقوق الإنسان ينبغي أن تنبثق من البيت أولا ومن الحياة اليومية للأفراد، مشيرة إلى أن اليونسكو تؤمن بالتعلم طوال الحياة وتركز كثيرا على الأنشطة التي يستفيد منها الأطفال والشباب خارج المدارس. وأشارت إلى أن أجندة 2030 التي اعتمدتها الدول الأعضاء في الأممالمتحدة بعد أهداف الألفية والتي ترتكز على منظومة حقوق الإنسان، تعطي فرصة للقيام بمجهود أكبر لتحسين ظروف العيش وليكون العمل مستقبلا قائما على تعزيز المنظومة الحقوقية وليس "المقاربة الإحسانية". وتضمن برنامج اللقاء ثلاث جلسات تتمحور حول مواضيع "ثقافة حقوق الإنسان، أي أسس؟ أي دور اليوم؟"، "المستلزمات المؤسساتية للتربية والتكوين في مجال حقوق الإنسان: ماذا تحقق منها في المغرب؟" و"التربية على المواطنة وحقوق الإنسان من الناحية العملية".