عبرت الدول ال28 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، من بروكسيل، عن عزمها الالتزام بالشراكة مع المغرب، على المدى الطويل، معتبرة أنها "تحظى بقيمة أساسية لدى الاتحاد الأوروبي". وأشارت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، على متن البيان الختامي لمجلس الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي في دورته ال13، إلى أن الشراكة مع المغرب لها قيمة أساسية بالنسبة للاتحاد الأوروبي الذي أكد التزامه بها، على المدى الطويل، ودعمه للخيار الاستراتيجي للمغرب لتنفيذ إصلاحاته وتحديثه. واعتبر الاتحاد الأوروبي أن إعادة النظر في سياسة الجوار الأوروبية، والتي كان للمغرب مشاركة فعالة فيها ، فرصة لإعطاء هذه الشراكة، الجامعة للطرفين، دفعة جديدة. كما سجل الاتحاد، بعد أن رحب بالمشاركة الإيجابية والبناءة للمغرب في عملية التشاور المسبق لاعتماد سياسة الجوار الأوروبية الجديدة ، أن إعادة النظر في هذه السياسة توفر إطارا مناسبا لتعزيز التعاون بين المغرب والاتحاد الأوروبي على جميع المستويات. وقد اقترح الاتحاد الأوروبي بهذا الخصوص بدء مشاورات معمقة مع المغرب، في سنة 2016، بشأن طبيعة واتجاه الشراكة مستقبلا، وتنفيذها في مجال الدعم، وينبغي، وفق الاتحاد، أن تروم تعزيز المصالح المشتركة والمحددة بين الطرفين. من جهة أخرى، تطرق الاتحاد الاوروبي لجهود المغرب في مجال احترام حقوق الانسان والحريات الاساسية، وفق ما جاء بالبيان الختامي للدورة الثالثة عشر لمجلس الشراكة بين المغرب والاتحاد، المنعقد اليوم الاثنين ببروكسيل ، حيث وردت به إشادة بالجهود المبذولة من قبل المغرب في مجال احترام حقوق الانسان، والحريات الاساسية، خاصة موافقة مجلس النواب على الانخراط في الاتفاق الاختياري الاول المتعلق بالمثياق الدولي حول الحقوق المدنية والسياسية، والبروتوكول الاختياري المتعلق باتفاقية القضاء على كل اشكال التمييز تجاه النساء. كما نوه الاتحاد الاوروبي، في هذا البيان، بتقرير المجلس الوطني لحقوق الانسان حول المساواة والتكافؤ . وعبر الاتحاد الاروبي ايضا عن استعداده لمواصلة دعمه، ويشجع السلطات المغربية على تعزيز جهودها ، خاصة في مجال المساواة بين الجنسين، ومحاربة كل اشكال العنف القائم على اساس الجنس، وحريات الجمعيات والتجمع والتعبير، خاصة اصلاح قانون الصحافة والقانون الجنائي، في اطار احترام المبادئ الاساسية للدستور والالتزامات الدولية للمغرب. كما أشاد البيان بتعميق التعاون بين المغرب ومجلس اوروبا في عدد من المجالات ، كما يشجع المملكة على الاستمرار في الاستفادة التامة من آليات المجلس الاوروبي واطاره التنظيمي، وعلى تعزيز التعاون البرلماني واحترام الواجبات المرتبطة بوضع الشريك من اجل الديموقراطية. وطالت الإشادة، أيضا، الدور النشيط الذي يضطلع به المغرب داخل مجلس حقوق الانسان للامم المتحدة، وعبر الاتحاد الأوروبي عن تقديره للدور الهام للمملكة في ما يتعلق بآلية الاستعراض الدوري الشامل، مع الاشادة بدورها الايجابي في النقاش حول التعصب الديني ، ودعمها ل"مخطط عمل الرباط". ولم تفت الاتحاد الأوروبي الإشادة بجهود المغرب في مجال الوقاية من التطرف، والتطرف العنيف، معتبرا أنه يمكن تطوير تعاون مع المغرب في هذا المجال، خاصة فيما يتعلق بقضية المقاتلين الأجانب في شمال إفريقيا وأوروبا. وأضاف البيان أن الاتحاد الأوروبي، وفي إطار النقاشات داخله من أجل إجراءات مندمجة للمساعدة التقنية في مجال الأمن والتنمية، يثمن تعاون المغرب وبلدان منطقة الساحل جنوب الصحراء، ويأمل في أن يتطور ذلك بغية مكافحة أكثر فعالية للشبكات الإرهابية. وتابع أن الاتحاد الأوروبي يؤكد أنه أمام حجم مخاطر الإرهاب، التي تستوجب ردا دوليا منسقا، يرغب في تكثيف تعاونه مع المغرب، ومع غيره من الشركاء الرئيسيين بالمنطقة، من خلال حوار سياسي متميز، وتحديد مشاريع ملموسة لمكافحة الإرهاب وأسبابه، لاسيما ظاهرة المقاتلين الإرهابيين الأجانب والتطرف، في احترام لسيادة القانون والحريات الفردية الأساسية. وأشار الاتحاد الأوروبي، في هذا الصدد، إلى الزيارة التي سيقوم بها مساعد الأمين العام، بيدرو سيرانو، ومنسق مكافحة الإرهاب في الاتحاد الأوروبي، جيل دي كيرشوف، مطلع سنة 2016 إلى المغرب، لتحديد، في مرحلة أولى، مجالات التعاون الممكنة. كما أشاد الاتحاد الأوروبي بالمغرب لدوره كمشارك نشيط في المنتدى الدولي لمكافحة الإرهاب، وكرئيس بصفة مشتركة إلى جانب هولندا لفريق العمل حول المقاتلين الأجانب، وكذا رئاسته المقبلة، بصفة مشتركة مع هولندا، لمنتدى عالمي سيعقد في ربيع 2016. وثمن البيان، من جهة أخرى، التقدم الذي أحرزه المغرب بتصديقه على اتفاقية مجلس أوروبا حول تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، ومشاركته في البرامج الإقليمية للاتحاد، وفي الاجتماعات المنتظمة حول المقاتلين الإرهابيين الأجانب بين الاتحاد الأوروبي والشركاء المتوسطيين، والذي التأم ثالثها في بغداد في أكتوبر 2015. وأضاف أنه "عقب زيارة ممثلي الأوروبول، أواخر نونبر الماضي إلى الرباط، نرحب ونشيد بأي تقدم بشأن اتفاق محتمل بين المغرب والأوروبول لتعزيز التعاون". كما طالت الإشادة السير الجيد للمفاوضات من أجل التوقيع على اتفاق إطار للمشاركة في العمليات العسكرية والبعثات المدنية للسياسة الأمنية المشتركة والدفاع مع المغرب، مرحبا بتذكير المغرب بالتزامه بتطوير هذه السياسة، واستمرار مشاركته الكبيرة في عملية أوفور أثينا في سنة 2007. وأعرب الاتحاد الأوروبي، من جهة أخرى، عن رغبته في العمل "بشكل وثيق مع المغرب في مجال الأمن في سياق تزايد عدم الاستقرار بالمنطقة، ومن أجل مواجهة التهديدات الخطيرة للتطرف". وبخصوص الوضع المالي، أكد الاتحاد الاوروبي أن الاقتصاد المغربي يبقى قويا وبمنأى نسبي عن الآثار السلبية للأزمة الاقتصادية والمالية . وأوضح الاتحاد أن ذلك راجع، على الخصوص، إلى تدبير حكيم للمالية العمومية ، وتنفيذ البرنامج الحكومي للإصلاح الهيكلي. بينما رحب الاتحاد الأوروبي بالتقدم الحاصل في مجال التبادل التجاري مع المغرب، مشيرا إلى أنه سجل نموا متصاعدا خلال سنة 2015 لصالح كلا الطرفين، وأن الاتحاد الأوروبي يبقى الشريك الاقتصادي الرئيسي للمغرب. وفي ما يتعلق بالتفاوض حول اتفاقية التجارة الحرة شاملة ومعمقة ، أكد الاتحاد الأوروبي أن الطرفين يجب أن يبقيا ملتزمين بإبرام اتفاقية للتجارة الحرة تأخذ بعين الاعتبار المصالح والأولويات المتبادلة ، في أقرب وقت. وذكر بأن اتفاقية التجارة الحرة سوف تهدف إلى تسهيل الاندماج التدريجي للمغرب في السوق الداخلية الأوروبية الذي سيمتد ليشمل نطاقا أوسع من اتفاقية الشراكة القائمة الآن ، بحيث ستدمج على سبيل المثال، تجارة الخدمات، و الصفقات العمومية ، والمنافسة، وحقوق الملكية الفكرية، وحماية الاستثمار ، والاندماج التدريجي للاقتصاد المغربي في السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي، في مجالات مثل المعايير الصناعية والتقنية والتدابير الصحية والصحة النباتية.