أرجعَ الإعلامي عبد الرحيم أريري، مديرُ نشر أسبوعية "الوطن الآن"، سببَ سقوطِ الشباب المغربي في أتون التطرف والإرهاب، إلى ما سماها "السموم القادمة من الشرق". وقالَ أريري، في ندوةٍ نظمها مركز هسبريس للدراسات والإعلام، مساء اليوم الجمعة بالرباط: "لا شيءَ يأتي من الشرق غير السموم، ومآسي المغرب المتعلقة بالتطرف الديني كانَ مصدرها الشرق". واستفتحَ أريري مداخلته في الندوة بالحديث عن الدّور الكبير الذي لعبته المخابرات المغربية وأجهزة الأمْن في إجهاض مخططات إرهابية، سواء داخلَ البلاد أوْ في بلدان أخرى؛ وهُوَ ما جعلَ عددا من الدول الغربية الكبرى، مثل فرنسا وبلجيكا، ودُول أخرى، تطلبُ مساعدة المغرب لتفكيك الخلايا الإرهابية على أراضيها. مديرُ نشر أسبوعية "الوطن الآن" قالَ إنّ "قوّة المخابرات المغربيّة لا تنحصرُ فقط في التكنولوجيا المتطورة التي تستعملها لجمع المعطيات، وتخصيص ميزانيات مهمّة لجهاز الاستخبارات، بلْ في كفاءة العنصر البشري، الذي أصبح العالم يشهد له بالكفاءة والفعالية والولاء للمهنة". واستطردَ أريري بأنَّ "المغرب استطاع تفادي عدد من المخاطر الإرهابية خلال السنوات الأخيرة، وذلك بفضل السياسة الاستباقية التي ينهجها في التعاطي مع هذه المخاطر، إضافة إلى الإجراءات المتخذة لإصلاح الحقل الديني، على المستوى الاجتماعي". وتابع مدير نشر أسبوعية "الوطن الآن" بأنَّ "الأضلاع الأربعة التي ركّز عليها المغرب لمحاربة التطرف الديني، (السياسة الاستباقية، الحكامة الأمنية، هيكلة الحقل الديني، تحسين الوضعية الاجتماعية)، آتتْ أكْلها، وإنْ كانت التنمية الاجتماعية ما زالت لم ترْقَ إلى المستوى المأمول، بسبب تعثر الأوراش الكبرى". "باستثناء التنمية البشرية التي تعرفُ نوعا من التراخي، فإنّ القراءة الرزينة لما تحقق تقتضي منا أنْ نقول إننا نحصد الثمار الإيجابية للسياسة المتّبعة، وهذا ما يشهد به العالم"، يقول أريري، مضيفا أنَّ "الفعّالية التي أبانت عنها المخابرات المغربية في تفكيك الخلايا الإرهابية مصدر فخر لنا، وشهادة تقدير في حق المغرب". وردّا على سؤالٍ طرحهُ الباحث في العلوم السياسية عمر الشرقاوي، الذي أدارَ الندوة، إلى جانب نائب رئيس مركز هسبريس للدراسات والإعلام، نور الدين لشهب، حوْلَ تفسيره لالتحاق أعداد كبيرة من المغاربة بتنظيم "داعش"، قالَ أريري إنّ "عدد المغاربة الملتحقين بداعش لا يمثل نسبة مهمّة مقارنة مع مقاتلي الدول الأخرى". وأشارَ المتحدث في هذا الصدد إلى الأرقام التي كشف عنها وزيرُ الداخلية الفرنسي، حول عدد المواطنين الفرنسيين الملتحقين بتنظيم "داعش"، والذين بلغ عددهم 1500 شخص، وهوَ نفسه عدد المغاربة، تقريبا، الذين التحقوا بالتنظيم، قائلا: "فرنسا بغناها وقوتها الاقتصادية أنتجت العدد نفسه من مقاتلي المغرب في داعش". واستطرد أريري أنه "حتى لو بلغ عدد المغاربة المقاتلين في صفوف تنظيم "داعش" ألفيْ جهادي فهذا لا يمثل شيئا وسط ستين ألف مقاتل، الذين يقاتلون في صفوف التنظيم"، مضيفا: "القول إن المغرب مُصدّر للإرهابيين يجب أن يعادَ فيه النظر". أريري تساءل عن سبب عدم تسليط الأضواء على الدول التي تحتلّ صدارة الدول المصدرة للمقاتلين إلى تنظيم "داعش"، مثل الجزائر، التي تأتي في الرتبة الرابعة، وفسّر ذلك بكون الأخيرة تتكتم عن ذكر عدد مواطنيها الملتحقين بالتنظيم، ولا تقدّم إحصائيات بهذا الشأن، وبالتالي تنعدم أمام المراقب الداخلي والخارجي أرضية إحصائية يمكن الاعتماد عليها، بيْنما المغرب يقدّم الإحصائيات والمعلومات. ورغم تأكيده على فعالية المخابرات المغربية، والأجهزة الأمنية، وقدرتها على تجنيب المغرب مخاطرَ التهديدات الإرهابية، إلا أنّ أريري شدّد على ضرورة إبقاء مستوى اليقظة عاليا، "لأنّ المخاطر قائمة"، يقول المتحدث.