ما إن رأت صورته ملثّما، تتداولها مواقع التواصل الاجتماعي ومختلف وسائل الإعلام، بعد العملية الانتحارية التي استهدفت حافلة لأعوان الحرس الرئاسي وسط العاصمة تونس، حتى سارعت خديجة العبدلي بالتوجه إلى مقر الفرقة المختصة بمكافحة الإرهاب، بمحافظة أريانة، شمالي العاصمة، لتؤكد هوية صاحب الصورة. إنه ابنها، حسام بن الهادي بن ميلاد العبدلي، الانتحاري الذي فجر نفسه في ناقلة للعساكر، موقعاً 12 قتيلاً من الحرس الرئاسي التونسي، و20 من المصابين، في عملية أعلن تبنيها تنظيم الدولة الإسلامية، المشتهر بتسميته "داعش". حسام، البالغ من العمر 28 عاماً، والذي نشأ في حي الجمهورية الشعبي، عند تخوم العاصمة تونس، كان يعمل بائعاً متجولاً، وقد حاول "زعزعة أركان الدولة التونسية" بعمليته الإرهابية الأخيرة، وفق تصريح صادر عن رئيس حكومة بلاده، الحبيب الصيد. عُرف حسام بين أبناء الحي، خلال الأشهر الأخيرة، بانزوائه .. بعد أن كان الجميع أصدقاءَه، يلعب معهم مباريات في كرة القدم، وبعدها أصبح يجالس نفسه منفردا في المقهى، ثم يخرج مسرعاً لعربته المتجولة كي يبيع بعض الحلوى للصغار. ومنذ عمليته، ترك حسام أبناء الحي يتساءلون حول ما إذا كانت العزلة هي طريق تنظيم "داعش" بتحقيق الوصول إلى العبدلي، ليحوله إلى انتحاري قاتل. أمام بيت العائلة وقف جار حسام، إنه عاطف ذو ال33 عاماً والذي تحدث، وملامح الصدمة بادية على وجهه، قائلاً: "الجميع صُدم، كيف لشخص مثل حسام أن يقوم بهذا الفعل؟، صحيح أنه منزوٍ ولا يجالس أحدا منذ فترة، إلا أنه إنسان عادي كباقي شباب الحي، يؤدي صلاته، يبيع الحلوى في السوق وأمام مسجد الحي، ثم يعود إلى بيته إلى جانب أمه و أبيه". وأضاف عاطف: "لم نلاحظ عليه تصرفا غريباً سوى انزوائه، لم نفهم إلى الآن كيف جرت الأمور، وكيف تم استقطابه من قبل الجماعات الإرهابية". أما جاره صالح، صاحب ال29 عاماً، فقال: "قليلاً ما كنا نراه في الحي، خلال الأشهر الأخيرة، فهو كثير العزلة، لا أصدقاء مقربون له، لا من الحي ولا من خارجه، حتى في المسجد يجلس بمفرده يصلي ثمّ يغادره مباشرة". فضيلة، وعمرها 45 عاماً، هي صاحبة محل تجاري محاذ لبيت العبدلي، وصرحت بقولها: "لم نلاحظ عليه يوماً مظاهر للتطرف، ولا أشياء غريبة رغم قلة المعلومات عنه، فهو يبيع الحلوى التي نشتريها منه .. إنه إنسان بسيط وعائلته أبسط". و سبق للوحدات الأمنية في تونس أن عملت على إيقاف العبدلي، وجرى العثور لديه على "كتب دينية"، لكنها سرعان ما أُطلق سراحه لغياب الأدلة الكافية على اتهامه بفعل جرمي. جولة في شوارع الحي الذي عاش به حسام شهدت ترجيح البعض من جيرانه سبب تغيره، في الأشهر القليلة الماضية، إلى إمكانية استقطابه من قبل الجماعات الإرهابية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كشأن العديد من الشباب غيره، خاصة وأنه صاحب مستوى تعليمي محدود. * وكالة انباء الأناضول