لا تقتصر أضرار التدخين السلبي على عبئ المرض وتكاليفه الطبية المباشرة وغير المباشرة، بل تتعداها إلى مقتل أزيد من 600 ألف من غير المدخنين، إلى جانب 6 ملايين شخص يموتون سنويا بسبب تعاطيهم للسجائر أو النرجيلة أو تناولهم للتبغ الممضوغ. ومن الحقائق المؤسفة التي كشفت عنها تقارير أممية أن نصف أطفال العالم، ما يقارب 700 مليون طفل، يتعرَّضون دون رغبة منهم للدخان السلبي ويعانون من الويلات التي يجرها عليهم، والأدهى أنهم يتعرضون لمخاطر التدخين السلبي داخل بيوتهم حيث يفترض وجود أحرص الناس على صحة الأطفال. وتتمثل المخاطر المحدقة بهؤلاء الأطفال وسائر المدخنين السلبيِّين في استنشاق زهاء 4000 مادة كيماوية، منها 50 مادة معروف عنها أنها مسبِّبة للسرطان لدى الإنسان، وفق ما أكدته الدكتورة هدى الوليل، المتخصصة في أمراض الجهاز التنفسي والحساسية، حيث يؤدي التدخين السلبي كذلك إلى إصابة الأطفال والبالغين بالأمراض القلبية الوعائية، والعديد من أمراض الجهاز التنفسي، ما يؤدي إلى الوفاة. وحذرت الوليل من تسبب التدخين السلبي بالإصابة بأمراض القلب والشرايين والجهاز التنفسي، كضيق القصبات الهوائية والحساسية والزيادة من احتمال الإصابة بسرطان الرئة، مقارنة بمن هم بمنأى عنه. وأكد المركز العالمي لبحوث السرطان أن كلا من التدخين السلبي والمباشر يندرجان تحت تصنيف مسببات السرطان عند الإنسان. من جهة أخرى، لفتت المتحدثة لجريدة هسبريس الإلكترونية إلى أن تدخين المرأة الحامل السلبي ينتج عنه نقص في نمو جنينها ويسبب الموت المفاجئ لدى حديثي الولادة، وأشارت إلى أن الشباب واليافعين المعرضين للتدخين السلبي داخل بيوتهم هم عرضة مرتين أكثر للشروع في التدخين المباشر. وأوضحت الاختصاصية في أمراض الجهاز التنفسي والحساسية أن المدخن يستنشق ربع كمية دخان السجائر ويخرج كمية كبيرة منه خلال الزفير، كما تنتشر ثلاثة أرباع كمية الدخان في الهواء ليستنشقه سلبا الأفراد المجاورون، وهو يحتوي على كمية المواد السامة نفسها المستنشقة من المدخن وعلى كمية أكبر من مواد أخرى كأكسيد النيتروجين. وأبرزت الوليل غياب أي تصنيف للحد الأدنى من كمية الدخان التي دونها يكون التعرض السلبي دون أضرار. مشيرة إلى أن منظمة الصحة العالمية أكدت أن دخان السجائر ينتقل من المساحات المخصصة للتدخين إلى تلك غير المخصصة حتى بوجود نظام تهوية أو أبواب فاصلة مغلقة. في الصدد ذاته، توصي منظمة الصحة العالمية بتوفير البيئة الخالية من الدخان بنسبة 100 بالمائة باعتبارها الإستراتيجية الوحيدة الفعَّالة لتقليص التعرُّض لدخان التبغ في الأماكن المغلقة، وإصدار تشريعات تلزم أماكن العمل المغلقة والأماكن العامة بأن تكون خالية تماماً من الدخان، وتطبيق وإنفاذ القانون واعتماد استراتيجيات تثقيفية لمحاصرة التدخين السلبي في الأماكن المغلقة، ولاسيَّما داخل المنازل.