أول الغيث قطرة،وأول أيام حركة 20 فبراير سجل انتصارا حقيقيا لكل من آمن بالحركة وبأهدافها،فان تجد الآلاف من المغاربة في شوارع كافة المدن المغربية يصرخون بالتغيير وبضرورة الانتقال الى الديمقراطية الحقيقية،لأمر يستحق كل الإعجاب والتنويه خاصة ونحن نعلم حجم التضليل الكبير الذي سبق الحركة والذي جعل الكثير من المغاربة يحيدون عن ناصية الصواب وينساقون نحو أكاذيب صيغت بكل حرفية وإتقان.. فعلى امتداد أيام طويلة،حاول بعض المغفلين- الذي تأثروا ببعض المبالغات الصادرة من جهات معروفة-ان يمارسوا تشويها متعمدا لبعض الوجوه البارزة في الحركة،فاستنجدوا بمحترفي الفوتوشوب،وتحول الكثير منهم الى متخصصين في مونتاج الفيديو،وصار البعض منهم بقدرة قادر كاتبا صحفيا يكتب المقالات ويحرر الأخبار،كل هذا في سبيل وقف الحركة والتعرض لها بالمرصاد،حتى ولو أدى بهم الأمر الى وصف كل من يساند الحركة على انه عميل للبوليساريو والجزائر.. المسيرة نجحت وأعطت الدليل القاطع على ان تلك الآلاف التي حضرتها والتي وصلت الى حوالي 40 ألف بمدينة الرباط لوحدها واعية كل الوعي بأهمية الإصلاح السياسي في المغرب،فكل من حضر أصر على ان المغرب ليس بتلك الخصوصية الفارغة التي يتحفوننا بها،بل هو كغيره من البلدان العربية الأخرى يئن تحت وطأة الفساد ويحتاج لتسريع وتيرة الإصلاحات بدل لغة المساحيق التي لم تعد تنفع والتي كانت سببا في ترهل بشرة المغرب لتحتاج حاليا لعطار يستطيع إصلاح ما أفسده عباس والحكومات السابقة.. حركة 20 فبراير ربما كانت لتكون أفضل لو تم تجاوز بعض الأخطاء التي رافقتها منذ البداية،ولعل أهم هذه الأخطاء هو ان من تحدث باسمها في البدء كانوا أشخاصا لا تخولهم حياتهم الشخصية قيادة حركة بكل هذه القيمة وهذه القوة،وربما هذا هو ما دفع بسعيد بن جبلي بالكشف عن اسمه كزعيم لصفحة 20 فبراير الصفحة الأكبر في الفايسبوك التي تنادي بالتغيير بالمغرب،فقد كان جليا ان الحركة تحتاج لأسماء ثقيلة عوض بعض المرتزقة أمثال رشيد عنتيد الذي كنت متيقنا من انه سيبيع مبادئه وهو المشهور بالاحتيال على الناس عبر استجدائهم المال عبر الفايسبوك. لكن هذا لا يعني ان هناك زعيما ما أو رئيسا لهذه الحركة،فهي منبثقة من الشعب وهو من يتزعمها ويقرر مطالبها ،ولا يحق لأحد ان يتحدث باسم الشعب ما دام هذا الأخير قادرا على إبداء رأيه،وهذا ما تلمسته من خلال تلك الشعارات المميزة التي جابت شارع محمد الخامس بالرباط،فهي شعارات حملت نوعا من النضج السياسي الكبير،والذي يوضح ان عصر الاستخفاف بعقول المغاربة عبر القنوات المخزنية قد ولى الى غير رجعة.. وبالحديث عن الإعلام المغربي،أرى بأنه قد تجرع هزيمة أخرى أمام المغاربة الذين لم يعودوا يثقون به كثيرا،فهو لم يخصص دقيقة واحدة للحركة قبل يوم الأحد،باستثناء ذلك البلاغ الكاذب الذي عممته وكالة المغرب العربي للأنباء عن إلغاء المسيرات،وهي نفس الوكالة التي أخجلت نفسها بنشرها لخبر كاذب عن استجابة ضعيفة للشعب المغربي مع المسيرات،ولا ادري هل تلك الآلاف التي خرجت للتظاهر تمثل عند هذه الوكالة مجرد أطفال مدارس خرجوا من مدرستهم بعد تغيب الأستاذ،فقرروا القيام بجولة في وسط المدن أم ماذا؟؟ طبعا،حدثت بعض المناوشات في بعض المدن المغربية كمراكش وصفرو،وهو أمر كان متوقعا نظرا إما لاندساس بعض العناصر المشبوهة بين المتظاهرين،أو لغياب ثقافة المواطنة ومحاولة الانتقام من الدولة كما حدث بمدينة صفرو،لكن كل هذا لا ينفي نجاح المسيرة الأولى من عمر الحركة،لان مدنا أخرى كالرباط والدار البيضاء واكادير شهدت تنظيما عفويا في غاية الروعة،لدرجة ان ساحة البرلمان بالرباط لم تتحول فقط لمكان للاحتجاج،بل لعقد حلقيات تشرح الأسباب التي أدت الى المسيرة،وهي الحلقيات التي شارك فيها كل أطياف الشعب المغربي،فصرح كل واحد بما يعانيه وبما يريده من الحركة في ديمقراطية حقيقية سطرتها الجماهير الواقفة هناك،لان الأكيد ان ما يفرق بين الناس صار متجاوزا،وتسميات من قبيل يساري،إسلامي،ماركسي،امازيغي وغيرها من التفرقات صارت مجرد تفاصيل بعدما توحد الجميع نحو الجوهر وهو ضرورة حصول التغيير في المغرب.. من المبكر الحكم على الحركة بالنجاح،فهو لن يتم إلا بتحقيق المطالب التي سبق التعبير عنها أكثر من مرة،لكن،من حق كل من خرج للتظاهر ان يفخر بقيمة الرسالة التي وصلت الى كل من يعنيه الأمر،وهي الرسالة التي تفيد بأننا لم نعد نحتج للترقيع،ولم نعد نصدق ما تذيعه القنوات وطنية من تنمية محدودة لا تفضي الى المنتظر،ولم نعد نقوى الصبر ونحن نرى وطننا ينزف دما أمام كل هذه الخناجر التي تطعنه في السر،وتبكيه في العلن.. الرسالة وصلت إليهم جميعا،وهو يعرفون أنفسهم ولا يحتاجون منا لذكر أسمائهم،فإما ان يحققوا للشعب مطالبه بشكل شامل وصريح،وإما ان يعرضوا أنفسهم لغضب قادم لن يكون بالضرورة كما شاهدناه يوم الأحد.. [email protected]