تحول بيت الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، نهاية الأسبوع الماضي، إلى قبلة لقادة أحزاب المعارضة، وفي مقدمتهم مصطفى الباكوري، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، بالإضافة إلى زعماء حزب الاستقلال، الذين زاروا بنكيران في غياب أمينهم العام. ورغم أن الهدف المعلن هو التفاوض حول دعم مرشحي حزبي الاستقلال والأصالة والمعاصرة لرئاسة مجلس المستشارين، إلا أن الصور التي التقطت لقادة المعارضة، في بيت بنكيران، تأتي أسابيع قليلة من الحرب الكلامية التي بلغت ذروتها بين هذه الأحزاب؛ إبان الحملة الانتخابية. وفي الوقت الذي اعتبر البعض هذه الزيارة "نوعا من المجاملة السياسية" و"البروتوكول"، أكثر من أن تكون تعبيرا عن تغير حقيقي في مواقف هذه الأحزاب، إلا أن اتجاها آخر يربطها بالخطاب الملكي الأخير، خلال افتتاح الدورة التشريعية، بعدما طالب الملك محمد السادس النخبة السياسية بأن ترتقي بالخطاب السياسي، وذلك بعد أن شهدت الحملة الانتخابية الأخيرة "معارك كلامية قوية" بين القادة السياسيين. صورة الباكوري في بيت بنكيران أعادت إلى الأذهان كيف أن الطرفين تبادلا الاتهامات، بعدما اجتهد رئيس الحكومة في الهجوم على الأمين العام للPAM، ووصفه بأنه "طيّح الذلّ" على الأمناء العامين للأحزاب؛ بينما اعتبر الباكوري أن بنكيران يحاول تطبيق "ديمقراطية حماس" في المغرب. ويرى محمد الغالي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، أن اللقاءات الأخيرة التي جمعت بنكيران بقادة أحزاب المعارضة، تعتبر "تفاعلا إيجابيا" مع مضامين الخطاب الملكي الأخير، موردا أن الخطاب كانت فيه إشارات بيداغوجية مهمة في العمل السياسي، "مفادها أنه يجب التعاون، وأن يقوم كل طرف بدوره، في إطار ما يمكنه الدستور؛ وبالتالي تجاوز السلوكيات التي لا تعبر عن النضج السياسي". وأكد الغالي أن التصريحات والسلوكيات السياسية التي صدرت عن السياسيين خلال فترة الانتخابات الأخيرة لا تعبر "عن مضامين دستور 2011، الذي يضمن لكل طرف مداخل للقيام بدور سياسي مهم"، مردفا أن الزيارات الأخيرة فيها إشارات إلى أن "الأيام المقبلة ستعرف تغيرا على مستوى سلوك الفاعلين السياسيين". وبرر الغالي توقعه بأن المدة المتبقية للحكومة الحالية هي أشهر قليلة، وأن "أمامها الكثير من العمل، خصوصا على مستوى القوانين التنظيمية؛ وبالتالي فأي دخول جديد في التلاسن والحرب الكلامية لن يكون في صالحها". ورغم أن الغالي استبعد أن تكون زيارة الباكوري لبنكيران في بيته دليلا على تقارب بين الحزبين، إلا أنه شدد على أنها "تعتبر مؤشرا على بداية تغير في التعامل بين الحزبين اللذين أصبحا قطبي الرحى في العمل الحزبي بالمغرب، وكل حزب يمكن أن يكون نواة في قطب". أما في ما يخص حزب الاستقلال، فقد اعتبر أستاذ العلوم السياسية أن زيارة قادة حزب الاستقلال لبنكيران، وسط غياب الأمين العام لحزب الميزان حميد شباط، دليل آخر "على أن الأزمة بين حزب الاستقلال وحزب العدالة والتنمية ناتجة عن صراع بين شخصين هما شباط وبنكيران، وليست أزمة حزبية"، مواصلا أن حزب الاستقلال وصل بعد الانتخابات الماضية إلى خلاصة مفادها "أن حزب المصباح هو الأقرب إليه وليس حزب الأصالة والمعاصرة، كما أن التجمع الوطني للأحرار مقتنع بأن الأصالة والمعاصرة هو الأقرب إليه أكثر من العدالة والتنمية".