ليلة صوفية بامتياز بمدينة خريبكة "" حينما يحكي التصوف كينونته عاشت مدينة خريبكة العمالية الفوسفاطية ليلة 20 من رمضان المبارك ليلة حكي صوفي كانت من تنظيم الطريقة القادرية البوتشيشية بالمركب الثقافي، وقد تميزت هاته الليلة الصوفية الروحية الطاهرة باستمتاع الجمهور الكثيف بموادها وفقراتها، والتي تندرج في إطار تقليد ثقافي/ روحي تسعى من خلاله هاته الطريقة القادرية إلى نشر القيم الصوفية والمتمحورة حول محبة الله ورسوله المصطفى ( ص) .... و قد افتتحت هاته الليلة الصوفية المتميزة بآيات من الذكر الحكيم وكلمة ترحيبية وتأطيرية وتعريفية بالطريقة وبشيخها العارف بالله سيدي حمزة وقد كانت هاته الورقة من تقديم مقدم الزاوية بخريبكة محمد السعيدي ( مفتش بالتعليم الثانوي متقاعد) ، بالإضافة إلى تقديمات أخرى كانت من توقيع الأساتذة : سعيد التياري و محمد لمخنث والأستاذة ربيعة سحنون، لتبدأ فيما بعد تلك اللحظات السماعية والمديحية حيث استطاعت المجموعة السماعية التابعة لهذه الزاوية أن تهز أفئدة الجمهور الغفير الحاضر، فقد تفاعل وتعاطف الكل مع النصوص التي قدمت في هاته الليلة الصوفية الخريبكية... لقد كانت موضوعات هاته النصوص مرتبطة بالارتماء في أحضان الخالق ورسوله المصطفى (ص)، إنها نصوص تدعو إلى محاربة رعونة النفس والتشبت بقيم التسامح والمحبة والالتصاق بمن بعث من أجل تطهير القلب والجسد من الشوائب والزلات .... إنه الرسول الأكرم محمد عليه الصلاة والسلام .. لقد كانت هاته الليلة الصوفية بمثابة رسالة نابعة من هاته الزاوية/الفرع والتابعة للزاوية الأم ب " مداغ " ببركان ، إنها رسالة تهدف إلى نشر كل القيم السامية والأخلاقية والروحية.... الرافضة لكل أشكال العنف والتطرف .. إنها رسالة منبثقة من لب التصوف المنبثق بدوره من لب الرسالة السماوية/النبوية...إن التصوف في عمقه هو رسالة محبة تراهن على إصلاح الفرد، ومن تم إصلاح المجتمع بل وإصلاح هذا الكون برمته .... إنها رؤية نورانية/ ربانية، لا تبنى على لغة التكفير والقتل بقدر ما تبنى على لغة التفكير والتأمل في كينونة هذا الكون والإنسان وكل مكوناته المادية والروحية، إنها دعوة سلمية/ سلامية، مؤمنة برحمة الخالق ومحبة وعطف نبيه المصطفى ( ص) ومن يدور في فلكها من عارفين بالله وأولياء الله الصالحين والعباد التائبين العاشقين لله والمرتمين في أحضان نبيه... إنها التيمات التي انبنت عليها هاته الليلة الصوفية البوتشيشية والتي تميزت بالتجاوب الكبير والحضور الغفير ، وبهذا تكون هاته الطريقة قد خطت وسنت سنة حميدة بيضاء، لاتبتغي من ورائها إلا تعريف الناس بهذه الخصوصية الثقافية/ الروحية الصوفية التي تميز تاريخ وطننا عبر امتدادته الماضية والحاضرة والمستقبلية... ، إن العودة إلى التصوف إلى قيم المحبة ... فما أحوجنا إلى لغة العارفين بالله سواء في الماضي أو الحاضر أو المستقبل ، إنها لغة ما أحوج عالمنا اليوم إلى هاته اللغة لكي يطهر بها لغة العنف والحروب والتخريب وهي اللغة التي تسود هذا العالم، من هنا وجب الإصغاء إلى ما تقوله هاته النصوص الصوفية الضاربة بأعماق البعد الباطني والقلبي للإنسان...أو ليس الحل في اعتناق قيم المحبة مهما اختلفنا كألوان أو كأجناس أو كسياسات أو كاقتصاديات أو ليس التصوف إلا تلك الدعوة الداعية إلا حب الإنسان والرأفة به، من هنا نكون قد عدنا إلى لب الرسالة السماوية/ النبوية الداعية إلى تطهير القلب من كل حقد وبغض. الدكتور الحبيب ناصري خريبكة - المغرب