بالرغم من اكتساحه لعدد من المدن الكبرى في جل مناطق المملكة، إلا أن عدد المقاعد التي حصدها حزب العدالة والتنمية في الأقاليم الصحراوية لم يتغير كثيرا، وبقي الحزب يحصل على عدد قليل من المقاعد في جماعات وجهات الصحراء الثلاث. وبالرغم من المقاعد التي حصل عليها في كل من كلميم وطنطان والداخلة وجماعات قروية أخرى، إلا أن ذلك لم يخول له أن يرأس إحدى الجهات، أو حتى المجالس الجماعية، مما جعله يختار المشاركة في التدبير المحلي في طنطان، أو الاصطفاف مع المعارضة كما حصل في المجلس البلدي لكلميم، بعد أن فشل تحالفه مع التجمع الوطني للأحرار والاستقلال في الإطاحة بالاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. بالرجوع إلى نتائج "البيجيدي" في المدن الصحراوية، نجد أنه لم يتمكن من رئاسة أية جهة من الجهات الثلاث، كما أنه لم يحصل على رئاسة أي من المجالس البلدية، حيث كان الاستثناء الوحيد هو في مدينة طنطان، التي حصل فيها على 12 مقعدا، لكنه اختار التنازل لحزب الأصالة والمعاصرة، الذي لم يحصل إلا على ستة مقاعد، وذلك من أجل الإطاحة بمرشح حزب الاستقلال السالك بولون. وضع يطرح مجموعة من الأسئلة، خاصة حول أسباب فشل الحزب الإسلامي في تجاوز أحزاب كالاستقلال والتجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة، التي ظلت تعتمد على عائلات معروفة من أجل حصد أكبر عدد من المقاعد، وهذا ما كرسته انتخابات الرابع من شتنبر، إذ كانت مساهمة هذه العائلات بارزة في حصد هذه الأحزاب لرئاسة الجهات الثلاث ومجالسها الجماعية. هيمنة القبيلة يفسر أستاذ علم الاجتماع في جامعة محمد الخامس بالرباط، رحال بوبريك، النتائج المتواضعة التي حصل عليها حزب العدالة والتنمية، بهيمنة المنطق القبَلي في الأقاليم الصحراوية، على عكس المدن الكبرى، التي "تحررت من هذه الهيمنة وأنتجت طبقة وسطى تصوت على أساس موقف سياسي متحرر من المال وهيمنة القبيلة". وأوضح الباحث في الشؤون الصحراوية، أن الانتخابات في الصحراء لم تعرف "تصويتا سياسيا"، يقوم على أساس برامج محددة الأهداف، أو إيديولوجية معينة، مما "نقّص من حظوظ "البيجيدي" في نيل مقاعد أكثر خلال هذه الانتخابات". مساطر خاصة ومن المفارقات التي رصدها رحال بوبريك، كون العدالة والتنمية الحزب الوحيد الذي تضم نخبه الصحراوية فئة شابة تنحدر من أوساط مختلفة، ولا توظف السند القبلي من أجل كسب مزيد من أصوات الناخبين، مضيفا أن "هذا الحزب يكاد يكون الوحيد الذي كسر منطق القبيلة". ومن بين أبرز العوامل التي تكرس الوضع الحالي للحزب الإسلامي في جهات كلميم- واد نون والعيون- الساقية الحمراء والداخلة- واد الذهب، يبين الخبير في الشؤون الصحراوية، هي تعقد المساطر التي يتبعها في مسألة منح التزكيات، إذ "يشترط أن يكون المرشح منتميا للحزب وتدرج في هياكله، ولهذا السبب يلجأ عدد من المنتسبين لعائلات كبيرة لارتداء ثوب أحزاب أخرى تمنحهم التزكية مقابل الحصول على مقاعد انتخابية". واستبعد المتحدث ذاته أن تتغير الخريطة الانتخابية في الأقاليم الصحراوية، خلال المدى القصير، بالرغم من تحقيق الحزب الإسلامي لبعض المقاعد وتقدمه في ترتيب الأحزاب في بعض المدن، "إلا أن هذا التقدم يبقى متواضعا" بالمقارنة مع مناطق أخرى من المغرب. وتساءل بوبريك عن أسباب استبعاد الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، للأقاليم الصحراوية من زياراته التي قام بها لمختلف مدن المغرب، رغم أهميتها.