قالَ مدير عامّ فرع منظمة العفو الدولية بالمغرب محمد السكتاوي، إنّ أمامَ المغرب فرْصة لوضْع حدّ للتعذيب، إذا التزمَ بتفعيل نوايا مسؤوليه، الذين عبّروا عنْ سعْيهم إلى القضاء على التعذيب، ويكونَ بالتالي، مصدرَ إلهامٍ في هذا المجال بالنسبة لدول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وأضاف السكتاوي في حديث لهسبريس، على هامش الندوة الصحافية التي نظمتها "أمنيستي" وعرضتْ فيها تقريرها حوْل واقع التعذيب في المغرب، خلال الفترة ما بين 2010 و 2014 أنّ المغرب يُمكن أن يلعب دورا رائدا في المنطقة إذا ما تقدم على مسار استئصال آفة التعذيب. وردّا على انتقادات المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان منظمة العفو الدولية، عشيّة تقديم تقريرها حول واقع التعذيب في المغرب، بكوْن طريقة وتوقيت عرْض التقرير "لم يُراعِ مستلزمات الحوار والتفاعل البنّاء"، قال السكتاوي "علاقتنا بالحكومة المغربية قائمة على الحوار، وكنّا حريصين دائما على أن يكون الحوار بيْننا مثمرا". واستطرد السكتاوي أنّ تقرير "أمنيستي" حوْل واقع التعذيب في المغرب والصحراء يندرجُ ضمن نطاق حملة عالمية تنظمها المنظمة في العالم أجمع، وجاء اختيارُ المغرب كبلد ذِي أولوية نظرا لما يتيحه من فرص للتغيير، خاصة وأنه في مرحلة انتقال، ومُقْدم على إجراء تعديلات جوهرية في المنظومة الجنائية والقضائية. وآخذت المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان على منظمة العفو الدوليّة عدم تضمين ردّ السلطات المغربية في صُلْب تقريرها، وأحالتْه على المُرفقات، وردّا على ذلك قال السكتاوي إنّ ذلك لا يعْني أيّ إقصاء للطرف الحكومي، مضيفا أنّ الأساسيّ هوَ أنّ ردود السلطات المغربية ألحقتْ بالتقرير، ويُمكن للرأي العامّ أن يطّلعَ عليها. وتابع "قبل إصدار التقرير وجهنا مذكرة تفصيلية ضمّنّاها بواعث قلقنا إلى الحكومة وتقبلنا ردودها ووضعناها في ملحق خاص بهذا التقرير، بحيث يمكن للرأي العام الاطلاع على بواعث قلقنا، وفي الآن ذاته الاطلاع على ردود الحكومة المغربية"، مشيرا إلى أنّ هذه المنهجية تمّ اعتمادها في جميع الحالات التي اشتغلتْ عليها "أمنيستي" في كل بلدان العالم. وفي حين جاء في التقرير الذي قدّمته منظمة العفو الدولية أنّ التعذيب في المغرب ما زال مستمرا، خلال الفترة الممتدّة بين 2010 و 2014، قال السكتاوي إنّ المنظمة لم تتوفّر لديها المعطيات الدقيقة حوْل واقع التعذيب خلال السنة الأخيرة، قائلا "نتمنّى أن يكون هناك تطوّر، خاصّة بعْد إعلان الملك أمام المفوضة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي أنه لن يتسامح مع التعذيب، واستطرد "نعتبر هذا التزاما، ونتمنى من السلطات المغربية أن تكون في مستوى هذا الالتزام". وفي ظلّ الانتقادات الموجّهة من طرف السلطات المغربية إلى منظمة العفو الدولية، بشأن اختيار المغرب إلى جانب أربعة بلدان أخرى لإعداد تقارير حوْل التعذيب، أوضح السكتاوي أنّ اختيارَ المغرب لم ينبع من كونه ضمن أسوأ الدول الممارسة للتعذيب في المنطقة، بل لمدى التأثير الممكن تحقيقه من خلاله على باقي بلدان المنطقة، والفرص التي تتيحها الإصلاحات المؤسساتية والقانونية الجارية، ومن ضمنها العمل على إنشاء آلية وطنية للوقاية من التعذيب. وأضاف السكتاوي خلال الندوة الصحافية التي عقدتها منظمة العفو الدولية "عَمَلُنا انطلق من شعورنا أنه سيكون له تأثير كبير من خلال أخذ حالة المغرب، نظرا للتطورات الإيجابية التي يشهدها، والتي سيكون لها تأثير ارتدادي على الدول المجاورة في شمال إفريقيا والشرق الوسط، ونحن نرى أنّ المغرب لديه فرصة ليكون مصدرَ إلهام للآخرين"، وختم بالقول "المغرب يقف في مفترق الطرق، فإما وعود ضائعة أخرى، وإما المضي بإرادة حاسمة على طريق الإصلاحات التشريعية والقانونية للقضاء على التعذيب إلى الأبد".