اختار الكاتب آدم وولكر منحى مغايرًا للدفاع عن الإسلام وصورته، إذ اختار أن يناقش الإسلام استنادا إلى كتابه، ليوضح للقراء أن هذا الأخير الذي تُهَاجم آياته بسبب تفسيرات يستنبط من خلالها العنف والقتل، يتعرض للتشويه لا غير، مؤكدا أنه يتم استئصالها من سياقاتها لتتماشى مع الرسائل التي يراد تمريره عبرها، وهو بالضبط ما يفعله تنظيم داعش. الكاتب وباختياره هذا، يحاول أن يفسر أن في القرآن نوعان من الآيات، وأن تفسير هذه الآيات يجب أن تحترم فيه السياقات كي لا يتم تحويرها، إذ يجد أنها خير طريقة يمكن اتباعها لعدم المساس بالرسالة السلمية التي جاء بها هذا الكتاب. وهذا نص المقال مترجما: يضم القرآن بعض الآيات العنيفة، لكنه يحتوي أيضا على آيات أخرى توضح لنا كيفية تفسيرها، وهذا في نظري نبأ سيئ لمنتقدي الإسلام. لقد استطاع تنظيم داعش الإرهابي أن يجرّد الكثير من الناس من الشعور بالعظمة اتجاه الإسلام، فرغم أن غالبية المسلمين لديهم قراءة سلمية للقرآن الكريم، ولكن كلما ارتكب التنظيم المزيد والمزيد من الفظائع، تبدأ فكرة أن القرآن يدعو إلى العنف بالتضخم في أعين غير العارفين بهذا الدين. يمكن لبحث سريع على الإنترنت أن يبرز بعض الآيات التي تبدو من خلال قراءتها ظاهريا، أنها تثبت هذه الشكوك. وفي نفس الصدد، نجد أن منتقدي الإسلام كثيرا ما يذّكّرون بالآيات التي تدعو إلى قتال المشركين، وآيات كهذه تترك أي شخص محايد يتساءل: هل يعتبر الإسلام مجرد موضوع للتفسير؟ وهل الخط الفاصل بين مسلم سلمي وآخر إرهابي هو الآيات التي تُتبع وتلك التي يتم تجاهلها؟ لا، هذا هو الجواب المقتطف من القرآن الكريم، فمسألة كون الدين الإسلامي سلمي أو متطرّف ليس مجرد مسألة تفسير، وذلك لسبب بسيط وهو أن القرآن يخبرك بالضبط كيفية تفسير ذلك. إذا كنت قد قرأت القرآن، عليك أن تفهم أن آياته لا تدعو إلى قتل الغربيين، بل هي معقولة تماما في سياقها. القرآن الكريم ينصّ بوضوح على أنه يحتوي على نوعين من الآيات: آيات لسياق مستقل، وآيات أخرى تُعتمد لأي سياق كان، وتعتبر هذه الأخيرة آيات لا لبس فيها، وهي خالدة ويمكن تطبيقها في كل حالة. أما الآيات التي جاءت من أجل سياق مستقل فهي تلك التي تخص حالات معينة، والتي لا يمكن قراءتها في معزل عنه. "السلام" هو واحد من المعاني الحرفية للإسلام، وهو بالتأكيد هدفه الأساسي، وكتابه يعلن صراحة على أنه لا إكراه في الدين. وفيما يتعلق بالحرب، فإن القرآن يعلّم متبعيه أنه يسمح لهم بالقتال فقط من أجل الدفاع عن أنفسهم. الآيات التي غالبا ما يعتمدها منتقدو الإسلام هي تلك الآيات التي تعتمد على سياق محدد، ولا تنطبق إلا على وقت الحرب التي أعلنت صراحة ضد المسلمين بسبب دينهم، عندما كان يتم طردهم من منازلهم ويتم اغتيالهم بشكل روتيني. أما عن كيفية تعايش المسلمين مع الشعوب المسالمة المعتنقة للديانات الأخرى، فهنا لا يمكن للقرآن أن يكون أكثر وضوحا، إذ أنه يعلن صراحة أنه لا ضرورة للقتال إلا إذا تمت مقاتلة المسلمين بسبب دينهم أو إن أخرجهم مقاتليهم من منازلهم بغير حق. حتى نكون واضحين، الإسلام ليس مجرد كتاب للتفسير، لأن القرآن نفسه يشرح لنا كيفية تفسيره، وأي تفسير آخر هو إما مغرض عمدا، أو تفسير إنسان جاهل عادي. عندما سيتم تقبل هذه الفكرة، يمكننا أن ندرك شر داعش دون السماح لهم بالتفرقة بيننا، فالوحدة مقابل كل هذا التنوع هي أفضل وسيلة لإلحاق الهزيمة بهم، أو على الأقل أفضل الطرق لعدم الانحدار إلى مستواه، وهذا هو الشيء الذي آمل أن نتمكن جميعا من الاتفاق عليه، بغض النظر عن معتقداتنا الدينية.