التقاربُ بين الرِّباط ومدريد لمْ يعُدْ مطمئنًا للبوليساريُو، فبعدمَا كانت الجبهة الانفصاليَّة تكتفِي بعتاب فرنسَا، فيما مضى، تحولتْ إلى توجِيه سهامهَا، في الأيَّام الأخيرة، نحو إسبانيا، باعتبارهَا منشأ المشكل. انتقاداتُ البوليساريُو لإسبانيا جاءت على لسان مَا يُسمَّى "الوزير الصحراوِي المكلف بأوروبا"، محمد سيداتِي، فِي قوله إنَّ مدريد جزءٌ من المشكلة أصلًا، حتَّى وإنْ كان بإمكانهَا أنْ تكون جزءً من الحل. وشاطرَ خُوسِي تابوادَا، رئيس لجنة الدعم الإسبانيَّة للبوليساريُو، موقف سيداتِي، ذاهبًا إلى أنَّ إسبانيا تظلُّ مسؤولَة عمَّا يعانِيه الصحراويُّون منْ مآسٍ، دون أنْ يأتِي على ذكر أطراف، تفاقمُ الوضعَ الإنسانِي بالمخميات. المسؤول الانفصالِي، حاول غدَاة مشاركته في لقاء حول الصحراء بجزر البليَار الإسبانيَّة، أنْ يحقق ضغوطاتٍ في إسبانيا ضدَّ المغرب، قائلًا إنَّ المجتمع الدولي مدعوٌّ إلى المحاسبة على ما، لما قال إنَّهُ ترهيبٌ يلاقِيه أبنَاء الأقالِيم الجنُوبيَّة. موازاةً مع توجيه انتقادات للمملكة الإيبريَّة، كثَّفت البُوليساريُو من تحركاتها في أكثر من مدينة إسبانيَّة، لتشملَ الباسك ومقاطعة وأستورياس ولاريوخا وساقوسا وكاستيا لامانتشا ، والأندلس ، وإكسترامادورا ، ومورثيا وآليكانتى. تحركُ البوليساريُو في إسبانيا أتى في نطاق جولةٍ يقوم بها ما يسمَّى "المجلس الوطنِي الصحراوِي"، في بلدان أوروبيَّة أخرى، فرنسا ورُوما وسويسرا، تعزفُ فيها على وترينْ بارزين؛ ممثلين في الملف الحقُوقِي عبر اتهام المغرب بالضلوع في انتهاكات تلزمُ آليَّة دوليَّة لمراقبتها، زيادةً على وتر "الثروات الطبيعيَّة في المنطقة، على اعتبار أنَّها تتعرضُ للاستنزاف، في حين أنَّ المنطقة لا تزَال محل نزاع. توجس جبهة عبد العزيز من تقوِية العلاقات المغربيَّة الإسبانيَّة، يتغذَّى فيما كانتْ مدريد قدْ بعثتْ بأكثر من رسالةٍ عن علاقتها مع المملكة، الأسبوع الماضي، بتكريمهَا المدير العام لمراقبة التراب الوطنِي، عبد اللطيف الحمُّوشِي، رفقة مسؤولين من "الديستي"، نظير إسهام المغرب في محاربة الإرهاب بالمنطقة، وإفضاء التنسيق معهُ على المستوى الأمنِي إلى الإطاحة بكثيرٍ من خلاياه. فِي غضُون ذلك، كانتْ إسبانيَا قدْ أثارتْ غضبًا لدى الانفصاليِّين في أبريل 2013؛ حين وقفتْ إلى جانب المغرب، عند تقديم الإدارة الأمريكيَّة مقترحًا يقضِي بتوسيع صلاحيَّات المينورسُو لتشمل مراقبة احترام حقوق الإنسان في الصحراء. وقوفٌ يدعمُ إرجاء المغرب مطالبته بسبتة ومليليَّة، مقابل براغماتيَّة إسبانيَّة تنافسُ الحضور التقليدي لفرنسا في المغرب.