نفذت النقود من جيبك فجأة، وعندما هممت بتغيير الاتجاه صوب وكالتك البنكية من أجل استخلاص مبلغ من المال تذكرت أن اليوم عطلة، وقبل أن تفقد الأمل في الخروج من هذا المأزق خطر ببالك أن تقصد أقرب صراف آلي (شباك أوتوماتيكي) لتحصل منه على المال باستخدام بطاقتك البنكية.. لكن ما إن وقفت أمام شاشة الصراف الآلي حتى صدمتك عبارة "شباك غير جاهز".... إنه مشهد يتكرر في المدن الكبرى كما الصغرى، خاصة خلال أيام السبت والأحد والأعياد الوطنية والدينية.. مشكلة تعطل مصالح زبناء بعض الأبناك وتضطرهم إلى قطع مسافات طويلة بحثا عن شباك جاهز، ولا تنفعهم كل تلك الشكايات التي يتقدمون بها إلى رؤساء مؤسساتهم البنكية في الحد من تكرار هذه المشكلة. ولا تكمن المشكلة فقط في عدم جاهزية الشبابيك الأوتوماتيكية للعمل بل في الأعطاب التي تشوب هذه الآلات أحيانا، مما تنجم عنه أخطاء لا يدفع ثمنها غير الزبائن، كما هو الشأن بالنسبة إلى عزيز، الموظف بشركة خاصة بالدار البيضاء، حيث قال إنه اشتكى وبعث بأكثر من 4 مراسلات كتابية إلى رئيس وكالة بنكية بشارع محمد الخامس يستفسر فيها عن مصير مبلغ 2000 درهم خصمت من رصيده بسبب خطأ "ارتكبه" الصراف الآلي، دون أن يلقى أي جواب لاستفساراته، على حد تعبيره. أرخى عزيز (32 سنة) ربطة عنقه تعبيرا عن تضايقه مما وقع له، ثم استطرد قائلا: "قبل حوالي شهر، حاولت سحب مبلغ ألفي درهم عن طريق البطاقة الإلكترونية من شباك أوتوماتيكي، لكن العملية تمت بدون سحب أية ورقة نقدية، والغريب أني فوجئت باقتطاع ذلك المبلغ من رصيدي..". وحسب المتحدث نفسه، فإنه ليس الوحيد الذي وقع ضحية هذا "الخطأ"، حيث أكد أنه فوجئ لدى محاولته إشعار مسؤولي الوكالة البنكية بالنازلة بوجود عدد كبير من المواطنين الذين تعرضوا لنفس المشكل، وهو ما أكده محمد بنقدور، رئيس الاتحاد الوطني لجمعيات حماية المستهلكين، حيث قال إن مسؤولي جمعيات حماية المستهلك يتوصلون باستمرار بشكايات تتمحور حول مختلف خدمات الأبناك عموما والشبابيك الأوتوماتيكية خاصة. وأوضح بنقدور، في تصريح ل"أخبار اليوم"، أن الناس "غالبا ما يفاجؤون، خلال أيام العطل، إما بكون الصرافات الآلية معطلة أو غير متوفرة على الأوراق النقدية أو أنها تقوم بابتلاع البطائق البنكية.. مما يتسبب في تعطيل مصالح المواطنين". وأضاف المتحدث أنه في إطار عمل هذه الجمعيات فإنها تبلغ مشاكل المواطنين إلى المسؤولين بالأبناك وتحاول الوقوف على أسباب هذه المشاكل، غير أن هؤلاء المسؤولين لا يجدون تبريرات مقنعة لتفسير تكرار هذه الوقائع غير "الأعطاب التقنية". لكن يبدو أن هذه الرواية لا تقنع كثيرا من الناس، مثل عبد الرحيم، وهو موظف في شركة خاصة بالبيضاء، حيث يقول إنه يعاني كثيرا من كون الشباك الأوتوماتيكي الوحيد الذي يوجد بالقرب من مسكنه يتعطل أكثر مما يشتغل، حسب تعبير عبد الرحيم. يتحدث عبد الرحيم بنبرة الواثق من نفسه وهو يؤكد أن أسطوانة "الأعطاب التقنية" التي يرددها مسؤولو وموظفو الوكالة البنكية في مثل هذه الحالات "ما هي إلا ذرائع واهية". والحقيقة في نظر المتحدث هي أن بعض الوكالات البنكية "تتعمد تعطيل شبابيكها الأوتوماتيكية أيام العطل والسبت والأحد حتى لا يتمكن الزبائن من سحب مبالغ كبيرة من الأموال". نفس الكلام يردده كثير من الناس، لكن الأمر يبقى مجرد "تخمينات" في ظل غياب أدلة ملموسة تثبت هذه الأقوال. وعاد رئيس الاتحاد الوطني لجمعيات حماية المستهلكين ليطالب المؤسسات البنكية ب"تخصيص تقنيين يسهرون على جاهزية هذه الآلات خلال أوقات العطل، وذلك حتى تؤدي الشبابيك الأوتوماتيكية الوظيفة التي اخترعت من أجلها"، يقصد خدمة الزبائن طيلة أيام الأسبوع دون انقطاع. للإشارة فقط، فإن الصراف الآلي من اختراع الاسكتلندي جون شيفرد بارون (1925-2010) عام 1967. والطريف أن ما دفعه إلى اختراع هذه الآلة ليس سوى ما كان يعانيه من صعوبة في استخلاص الأموال من البنك خلال عطل نهاية الأسبوع، ما جعله يفكر في اختراع نظام بنكي مفتوح على مدار الأسبوع، وعندما اقترح الفكرة على مدير بنك أبدى إعجابه بها وطلب منه العمل على صنع تلك الآلة ووعده بشرائها منه. وانكب جون على مشروعه مدة عام كامل حتى توصل في النهاية إلى نموذج أول ماكينة صراف آلي أعلن عنها عام 1967، حيث قام بنك "باركليز" بافتتاح الشباك الآلي الذي يعمل على مدار اليوم. وتوقع الكثيرون آنذاك فشل هذا الاختراع إلا أنه الآن يعد من أكثر الاختراعات انتشارا. وقد تم الاحتفال في ولاية فلوريدا في فبراير 2007 بمرور 40 عاما على هذا الاختراع، حيث كان جون شيفرد بارون الذي جاوز سن ال80 ضيف الشرف.