قضى الاتحاديون نحو 14 ساعة من الجدل، أول أمس الأحد، لصياغة بيان ختامي حول الندوة التنظيمية للحزب، خرج من عنق زجاجة الخلافات.. إذ تضمن المصادقة على قرارات اعتبرت " ثورية" في التوجه "الجديد" للاتحاد، مثل ضبط مهام الكاتب الأول، واعتماد نظام اللائحة في انتخاب هياكل الحزب، والعودة إلى عمل الخلايا ل"المصالحة مع الجماهير". وعاد حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إلى الاعتماد على التنظيمات الخلوية في الترويج لمشروعه السياسي، واسترجاع "مجده" الضائع في صفوف الطبقات الكادحة، بعدما ذاق مرارة عقابها الانتخابي منذ دخوله إلى الحكومة، قادما من صف المعارضة. وقال جواد شفيق، عضو اللجنة التحضيرية للندوة التنظيمية للحزب، التي اختتمت أول أمس الأحد، في الرباط، إن "الاعتماد على الخلية ليس كمفهوم تنظيمي قديم في الثقافة الستالينية، لكن على نحو منفتح، يعد زاوية أساسية في خلاصات هذه الندوة في البناء التنظيمي الجديد للاتحاد". وأضاف شفيق، في تصريح ل "المغربية"، أن "الاتحاديين باتوا مطالبين بتشكيل خلايا في العمل والأماكن العامة والحي والمناسبات، لشرح مشروع الحزب المستقبلي، وتصحيح المعطيات المغلوطة، وتأكيد ارتباطه بقضايا الجماهير، لاستقطاب المزيد من المواطنين إلى صفوفه". وصادقت الندوة التنظيمية للحزب، بالإجماع، على اعتماد نظام اللائحة في انتخاب المكتب السياسي للاتحاد، والمكاتب الجهوية والإقليمية والمحلية، ما اعتبر "ثورة"، حسب وصف شفيق، في تاريخ القرارات التنظيمية للحزب، وهو مطلب انبرى لمعاكسته أتباع أسماء قيادية، مثل عبد الهادي خيرات. واعتبرت مصادر حزبية مطلعة أن "انعقاد هذه الندوة يعد، في حد ذاته، حدثا، بعدما سعت جهات عديدة داخل المكتب السياسي إلى التحجج بحجج واهية لتأجيلها، من قبيل انشغال المناضلين بالمونديال، وعطلة الصيف، واختتام الموسم السياسي". وكان من أهم نتائج هذه الندوة التنظيمية "توسيع صلاحيات الكاتب الأول، وضبط مهامه واختصاصاته، كمسؤول أول في الحزب، والمفاوض باسمه مع الدولة والمؤسسات"، واعتبار "الفرع الحزبي هو الأساس في سياسة القرب واستقطاب الجماهير، وتدبير حياة مناضليه اليومية، من الانخراط إلى منح التزكيات، بعد مده بالإمكانيات المادية المطلوبة". وحددت وثيقة الندوة، التي صنفت كأرضية تاريخية، مهام أعضاء المكتب السياسي بشكل واضح، بعدما تقرر إحداث "كتابات وطنية في الشؤون السياسية" وأخرى في الشؤون التنظيمية وغيرها، مع التأكيد على أهمية العودة إلى التنظيمات القطاعية، لدعم المشروع السياسي للحزب. وجددت الندوة التزام حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بعدم خروج تحالفاته السياسية عن مكونات الكتلة الديمقراطية، وحلفائه في اليسار، بينما انتقد البعض مجرد استقبال عبد الواحد الراضي وفدا عن حزبي الاتحاد الدستوري والحركة الشعبية. وطرح المندمجون في الحزب مستقبل التيارات، إذ عرض محمد لحبيب الطالب وثيقة الاندماج، بعد أن لم يرتق هؤلاء في المحطات التنظيمية، التي عرفها الحزب منذ التحاقهم به، من الحزب الاشتراكي الديمقراطي سابقا، فقوبل ما جاء به الطالب ب"إجماع الندوة على أن قضية التيارات غير مرفوضة، لكن الوقت لم يحن بعد"، بتعبير شفيق، عضو اللجنة التحضيرية للندوة الوطنية التنظيمية للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. وكان الراضي، الكاتب الأول للحزب، قال، في افتتاح الندوة، إن المسألة التنظيمية أضحت إحدى الأسس المركزية لإعادة بناء الحزب، وتحقيق مزيد من التجاوب بينه وبين المجتمع. وأوضح الراضي أنه يتعين على الحزب أن يختار الطرق، التي تتلاءم مع العقلية والبيئة المغربيتين، وكذا الظروف الراهنة، من خلال الاهتمام بكيفية تأطير المجتمع، والتواصل معه ونهج سياسة القرب، بالإضافة إلى الاتفاق على كيفية اختيار قيادات الحزب ومرشحيه للانتخابات، معتبرا أن "الندوة تعد استجابة لانتظارات مناضلي الحزب، الذين يتطلعون إلى تعزيز مناعته، وجعله قادرا على مواجهة كافة المشاكل الداخلية والخارجية، التي قد تعترض مسيرته".