انطلقت فعاليات كأس العالم 2010 في عاصمة جنوب إفريقيا جوهانسبورغ، بمشاركة 32 فريق من القارات الخمس. وقد استثمرت جنوب إفريقيا أزيد من خمسة مليارات وستمائة مليون يورو من أجل تنظيم كأس العالم على أراضيها. عشرة ملاعب جديدة تم بناؤها خصيصا لهذه التظاهرة و الهدف الأول كان دفع عجلة الاقتصاد والتقليص من الفجوة الاجتماعية بين مختلف طبقات مجتمع جنوب افريقيا التي تحتل المرتبة 129 بين 182 دولة حسب التقرير الأخير للأمم المتحدة للتنمية البشرية . لا تقتصر الانعكاسات الاقتصادية للحدث كهذا على بناء الملاعب والمردود السياحي والمبالغ المقبوضة من بيع التذاكر، وما إلى ذلك من تبعات مباشرة. فثمة العديد من الأنشطة الجانبية ستساهم هي الأخرى في تسريع وثيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالبلد المضيف. وهكذا، بحسب وزارات الاقتصاد والمالية والعمل في پريتوريا، سيتيح تنظيم "مونديال 2010" خلق 129 ألف فرصة عمل، من بينها 50 ألف عمل دائم، واستحصال ما مجموعه 2.5 مليار دولار من ضرائب ورسوم إضافية. كما يتوقع الاقتصاديون أن تضيف مداخيل كأس العالم ما بين 0.3 و 0.7 نقطة مئوية إلى النمو الاقتصادي في هذا العام. وتراوح توقعات النمو لعام 2010 بين 2.3 و 3 في المائة. قد لا يختلف اثنان أن الاستثمار الرياضي أصبح جزءا مهما في المنظومة الاستثمارية وأصبح يمثل إغراء لتنويع المحفظة الاستثمارية لرجال الأعمال، إضافة إلى الأهداف الأخرى التي تخدمها. ولذلك فلا عجب أن نرى أن حقوق البث التلفزيوني التي دفعتها شبكة سكاي التلفزيونية لبطولة الأندية الإنجليزية Premiership لموسم 2010 إلى 2013 تزيد على 1.8 مليار جنيه استرليني بينما كانت لا تتجاوز 200 مليون جنيه عام 1992 ولمدة خمس سنوات. كما أن تكلفة استحواذ قناة ( الجزيرة الرياضية ) على قناة( ART) وحصولها على حقوق البث التلفزيوني بلغت مليارين وسبعمائة وخمسين مليون دولار كما ذكرت صحيفة إخبارية قطر الإلكترونية في خبر حصريّ لها. وبالمقابل يرى بعض المحللين أن المونديال يولّد خسائر اقتصادية ويسبب في أعباء كبيرة على الاقتصاد المحلي، فاليابان التي استضافت بطولة عام 2002 بالاشتراك مع كوريا الجنوبية لازالت تدفع اليوم فاتورة صيانة للملاعب التي بنتها لكأس العالم تفوق بكثير الأرباح المادية للمباريات التي جرت عليها. إذ تبلغ الخسائر السنوية لتلك المنشآت ستة ملايين دولار، تعوضها الحكومة من عوائد الضرائب. أما في ألمانيا، فقد شهدت البلاد خلال استضافتها لكأس العالم عام 2006 طفرة كبيرة في مبيعات الأغذية والمشروبات والمواد التذكارية، إذ ارتفعت المبيعات إلى 2.6 مليار دولار، ولكن سرعان ما اختفت هذه الطفرة بمجرد انتهاء البطولة. الرهانات الاقتصادية للحدث أكثر أهمية من النتائج الرياضية، في حد ذاتها خاصة مردودية ومداخيل المونديال. لكن تقدير المردود صعب وأصعب ما فيه هو أنه، قبل الحدث، تتعمد القيادات السياسية "نفخ"الأرقام، والمبالغة في تصوير المداخيل المرتقبة، طبعاً بهدف "تمرير" الحدث، والحصول على تعبئة جماهيرية ومساندة شعبية أكبر. هذا ما حصل مع فرنسا، عام 1998، حيث تبين لاحقاً أن المردود النقدي الحقيقي كان زهاء ربع التخمينات. وللرفع من مداخيل المونديال المنظم بجنوب أفريقيا بدأ الاتحاد الدولي لكرة القدم مبكرا في بيع 3 ملايين تذكرة لمباريات البطولة عبر مراحل، وذلك لضمان سهولة العملية وتفادي المتاجرة بالتذاكر في السوق السوداء، حيث طرح نحو 700 ألف تذكرة خلال شهري فبراير ومارس 2009 وأعلن تقديم 120 ألف تذكرة بسعر مخفض للمقيمين في جنوب أفريقيا والسماح لنحو 40 ألف عامل – ممن شاركوا في بناء الملاعب الرياضية وغيرها من المنشآت التي ستقام عليها البطولة – بحضور المباريات مجانا. وقد تراوح سعر التذاكر ما بين 80 دولارا لمباريات الدور الأول في البطولة و900 دولار لمباريات الدور النهائي. هذا وتتوقع الفيفا جني مايعادل 3.3 مليار دولار من دوري كأس العالم 2010، من إيرادات الدعاية والإعلانات وحقوق البث وغيرها. كما تتوقع الفيفا أن تبلغ مصاريفها ال 1.2 مليار دولار على الدوري، بما فيها 700 مليون دولار صُرفت في جنوب إفريقيا، ونحو 1 مليار على برامج التطوير والدعم المالي للاتحادات الوطنية إلى جانب مشاريع أخرى. هذا ومن إجمالي إيرادات الدوري وبخصم المصاريف، تجد الفيفا في جعبتها 1 مليار دولار لا تعتبره ربحا بل تصنفه كاحتياطي تستخدمه الفيفا في وجه أي مشاكل مالية غير متوقعة.