قالت منظمة هيومن رايتس ووتش" HRW"المدافعة عن حقوق الإنسان أمس الاربعاء انها سجلت تراجعا في حقوق الانسان في المغرب بالنسبة للعام 2009 مما يهدد التقدم الذي حققه المغرب في هذا المجال خلال العشر سنوات الماضية. وقالت المنظمة المستقلة ومقرها نيويورك في ندوة صحفية أمس الأربعاء بالرباط "هناك تراجع بشكل عام في المغرب مما يقوض التقدم الذي تحقق في وقت سابق من هذا العقد." وقالت سارة ليا ويتسن المديرة التنفيذية لقسم الشرق الاوسط وشمال افريقيا للمنظمة في الندوة "المغرب لديه مجتمع مدني حيوي وصحافة مستقلة لكن السلطات بمساعدة القضاء تستخدم تشريعات قمعية لمعاقبة وسجن معارضين سلميين وخاصة منتقدي النظام الملكي والمشككين في مغربيةالصحراء أو يسيئون الى الاسلام." وأشار تقرير المنظمة الخاص بالمغرب إلى استمرار اعتقال الصحفي المغربي ادريس شحتان منذ أكتوبر الماضي بسبب مقال عن صحة الملك وكذلك الناشط الحقوقي شكيب الخياري الذي صرح لوسائل اعلام اسبانية أن مسؤولين مغاربة متواطئين مع مهربي مخدرات في شمال المغرب قبل أن توجه له السلطات تهمة تحويل أموال بدون ترخيص واهانة السلطات وتحكم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات. كما أشار التقرير الى بعض محاكمات الارهاب أشهرها محاكمة "شبكة بلعيرج" التي أدانت فيها المحكمة 35 شخصا. وقالت المنظمة ان المحكمة استندت بشكل يكاد يكون كليا الى التصريحات التي نسبت الى المتهمين من قبل الشرطة بالرغم من أن معظم المتهمين تنكروا لتلك التصريحات أمام قاضي التحقيق والمحكمة. وفي الندوة الصحفية قالت سارة ليا ويستن ان المنظمة ليس هدفها المعارضة وتسجيل أن " دائما هناك تراجعات في الحقوق في تقاريرها" خاصة عن المغرب وشمال افريقيا. وقال ايريك جولدستاين "ليس بالضرورة أننا نريد في كل تقرير سنوي ان نقول ان هناك تراجعا في بلد او منطقة ما.. بالنسبة للمغرب مثلا كان ماضيا في الطريق الصحيح لكن سجلنا في السنوات الأخيرة ركودا أو تراجعا." وقال "بالنسبة للمغرب هناك خصوصية هناك انفتاح مهدد بالتراجع" كما انتقد التقرير باقي دول منطقة شمال افريقيا اذ جاء فيه أن " رئيسي الجزائر وتونس كلاهما أعيد انتخابه بعد أن تم تعديل الدساتير ليتمكنا من الترشح مرة أخرى ولم يظهرا دلائل على تقبل أوسع للمعارضة." الناصري يدعو بعض المنظمات غير الحكومية الدولية إلى التحلي بالموضوعية ومن ناحية أخرى دعا وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة خالد الناصري بعض المنظمات غير الحكومية الحقوقية الدولية إلى التحلي بمزيد من التروي والموضوعية ، واصفا خطابها ب"السطحي" ومقاربتها ب "الانتقائية" . وقال الناصري في لقاء صحافي عقب انعقاد مجلس الحكومة أمس الأربعاء في معرض رده على سؤال حول وضعية حقوق الإنسان بالمغرب في تقرير منظمة "هيومن رايتس ووتش" أنه "من الضروري أن تتحلى المنظمات غير الحكومية الدولية الكبيرة بقدر كاف من التروي والموضوعية لتحدد مكمن نقاط ضعف المغرب". وأضاف " ننتظر من المنظمات غير الحكومية الدولية الكبرى أن تتحلى بالشجاعة لتقول الحقيقة ، التي هي أكثر تعقيدا بالمغرب". كما آخذ وزير الاتصال بعض المنظمات غير الحكومية الدولية على تبنيها لخطاب "سطحي ومقاربة انتقائية تضع المغرب، بشكل ممنهج، في قفص الاتهام، بدعوى أن هناك محاكمات، والتي تبقى على كل حال ، محاكمات عادية". وقال الوزير إن الأمر "لا يتعلق بمحاكم استثنائية"، مضيفا أن المتابعين ليسوا محرومين من حق الدفاع. وأضاف "هناك خطاب نمطي أصبح متداولا ، في الكثير من المنتديات، يصف المغرب بأوصاف أبعد ما تكون عن الحقيقة علما بأن موقف منظمة "هيومن رايتس ووتش" كان أكثر توازنا لأن هناك إشارة إلى أن مجال الحريات مجال واسع". وتابع "إننا في المغرب كمجتمع وكشعب وكقوى وكمؤسسات وكدولة منخرطون في بناء الدولة الديمقراطية الحداثية، ضمن ظروف خاصة بالمغرب، وقد تسير الأمور في بعض الأحيان ببطء ... غير أننا منخرطون في مسلسل لا يقبل التراجع ولا التوقف". وأوضح أن المغرب انخرط بشجاعة وعزم وإصرار في مسلسل غير قابل للتراجع لتعزيز الحريات والحقوق والديمقراطية. وأضاف "ننتظر من المنظمات غير الحكومية الدولية الكبيرة، التي تحظى بالاحترام والمصداقية مثل "هيومن رايتس ووتش" أن تقدر المنجزات الكبيرة في مجال حقوق الإنسان بالصحراء المغربية حق قدرها، وأن تنظر إلى الأمور على حقيقتها . ودعا الناصري المحللين والمتتبعين الأجانب إلى التحلي ببعد النظر وبالشجاعة في تقاريرهم حول حقوق الإنسان بالأقاليم الصحراوية، موضحا أن الانفصاليين يستغلون هامش الحرية الواسع الذي ينعم به المغرب للمس بمشاعر وكرامة الشعب المغربي. وتساءل الوزير عما إذا كانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" مؤهلة لأن تقفز على المعطى الأساسي الجيواستراتيجي الذي يجعل موضوع حقوق الإنسان بالصحراء غير منحصر في إشكالية حقوق الإنسان، بل يتعداها ليصل إلى مستوى النزاعات الجيواستراتيجية والجيوسياسية في المنطقة. وخلص إلى أن "هذا هو المعطى الأساسي الذي يتعين على هذه المنظمة ومثيلاتها من الهيئات التي نحترمها والتي ننتظر منها أن لا تخبط خبط عشواء، أن تأخذه بعين الاعتبار، وألا تتعامل بانتقائية في ملف شائك مثل هذا".