على الرغم من دعاوى احترام حرية الرأي والتعبير والملبس في العديد من الدول الغربية، إلا أن دولة كندا تأتي كغيرها من بلاد الغرب التي تبرز تناقضًا لهذا الشعار الذي ترفعه مثل هذه الدول، ثم تبرِز نقيضَه بمواقف تعارض مثل هذه الدعاوى. ففي مونتريال، ونتيجة لحالات الاستعداء اليهودي من خلال تحكم الجاليات اليهودية في أجهزة الإعلام والاقتصاد، بدأت هذه الجاليات ترفع شعاراتٍ مناهضةً للحجاب، تعكس حالةً من الضغينة، وتناقضًا في المواقف والشعارات، والزعم بأن مثل هذه الدول تحترم الحريات الشخصية، وتقدّر الحريات العامة. الدولة الكندية كغيرها من دول الغرب أصبحت تتخذ مواقف شبه عدائية من النقاب، عندما أعلنت الحكومة هناك شعار أن "النقاب في كندا.. لا هو مرحب به ولا هو محظور"، وذلك استجابةً لحملات العداء المتزايدة في دول العالم للأقليات، وتقنينًا لممارسة شعائرهم ومحاولات الحدّ من تمسّكهم بسمتهم الإسلامي. وتستند مثل هذه المزاعم على دعاوى زائفة بمحاربة الإرهاب، وإن كانت في الحقيقة ترجمةً واقعية للخوف من الإسلام، وحالات الرعب التي أصبحت تنتاب الغرب، نتيجة تزايد أعداد معتنقيه، وانصرافهم عن الكنيسة. الخوف من الإسلام ولذلك أصبحت العديد من الدول الغربية تطبق شعار "الإسلاموفوبيا"، وهو الشعار الذي يسود العديد من الدوائر والمؤسسات الغربية بعد أحداث سبتمبر الشهيرة، والتي تعرضت لها الولاياتالمتحدةالأمريكية في العام 2001. ويأتي شعار النقاب في كندا بأنه "لا هو مرحب به ولا هو محظور" انعكاسًا لحالة من العداء المستتر للإسلام، ونتيجة أصبح يعتادها المسلمون في الغرب، حتى أصبحت عامة نتيجة لتأثيرات رجال الأعمال اليهود على الاقتصاد والإعلام، ومن خلالها تستطيع هذه الجاليات اليهودية استعداءَ الحكومات الغربية على غيرها من الجاليات، وخاصةً الإسلامية منها، بجانب السعي إلى تعزيز نفوذها وإحكام هيمنتها للتأثير على دوائر صنع القرار السياسي بدول الغرب. ويأتي تأثير هذا اللوبي أمام صمت وعدم فاعلية من جانب الأقليات المسلمة، حتى أصبحت حرياتهم مهدَّدة، وهي بالطبع الحريات الدينية، وأوصلتهم حالتهم هذه إلى عدم تحقيق مكاسب دينية لهم، فضلًا عن انسحاب العديد من حقوقهم وحرياتهم الدينية، بفعل حالات الاستعداء تارةً، ونتيجة لضعفهم تارة أخرى، أو نتيجة لسلبية حكوماتهم الإسلامية، وصمت مؤسساتهم الإسلامية عما يدبَّر لهم. والأمثلة على ذلك كثيرة، وتتنوع بين حالات منع ارتداء الحجاب في بعض مواقع العمل والمدارس والجامعات بالدول الغربية، وبين منع المآذن، وتقنين إنشاء المساجد في بعض المناطق، واتساع رقعة التشهير والطعن في شعائر المسلمين الدينية. هذا علاوة على حملات الاضطهاد الواسعة للمسلمين في الدولة الكندية في مواقع العمل، وخاصةً في المناصب المرموقة، حيث يتمُّ قصرُها على جنسيات غير عربية، فيما يتمُّ حصر الوظائف الدنيا على المسلمين كأعمال الحراسة والتنظيف والمطاعم، وغيرها من المناصب غير المؤثرة، وإن كانت هناك ثمة جهود من المسلمين بكندا للارتقاء بأوضاعهم وتطلعهم إلى مواقع عمل بحثية ومناصب متميزة. هجرات إسلامية وبإطلالة على الهجرات العربية والإسلامية لكندا، نلاحظ أنها تنحدر من دول كباكستان والهند ومصر ودول المغرب العربي، وخاصةً ممن كان أبناؤها يعملون في دول الخليج العربي، فهاجروا إلى كندا متسلحين بشهاداتهم العلمية الرفيعة وخبراتهم الطويلة ومدخراتهم التي أفنوا في سبيل الحصول عليها زهرة شبابهم. وعادة ما تزعم مكاتب المهاجرين إلى كندا والمنتشرة في العديد من الدول العربية والإسلامية لهؤلاء المهاجرين أنهم لن يتعرضوا إلى أية مضايقات عنصرية أو دينية في كندا، وأن الدستور الكندي يعمل على حمايتهم. إلا أن واقع الحال يقول: إن الحكومة الكندية فشلت في حماية أمثال هؤلاء المهاجرين الذين يتعرضون إلى أقسى أنواع التعذيب النفسي، وخاصة بعد وقوع أحداث سبتمبر، حيث بدأ الكنديون ينظرون إلى كل عربي ومسلم بعين الارتياب. ولذلك فإنه بمجرد ملاحظة الكنديين لشخص عربي أو مسلم، حتى ممن يتبنى ثقافة الغرب، يجد هؤلاء أنفسهم أمام العديد من أشكال التفرقة والعنصرية بسبب أسمائهم وانتماءاتهم الإسلامية. ونتيجة لذلك ارتفعت معدلات البطالة بين المهاجرين المسلمين إلى مستويات غير مسبوقة، حتى أن حوالي 75% من المهاجرين لا يستطيعون الحصول على وظائف تتناسب مع مؤهلاتهم الأكاديمية، لتكون الوظائف الهامشية من نصيبهم. وغالبًا ما يرفض أصحاب العمل إدماج مثل هذه الكفاءات في مؤسساتهم وشركاتهم بدعوى عدم حصولهم على الخبرة الكندية الكافية، وكثير من هؤلاء المهاجرين من حملة الشهادات العليا في بلادهم أو الجامعات الكندية، إلا أنه يتم توظيفهم في وظائف صغيرة، للعمل بالأجر اليومي كحراس أمن وعمال نظافة في مطاعم وسائقي سيارات أجرة. ولذلك يتعرض المسلمون في كندا لتمييز مبني على أسباب دينية، في الوقت الذي ترمي فيه سياسة الهجرة الكندية إلى تحقيق هدفين هما استدراج هذه الكفاءات الوطنية إلى خارج بلدانها والاحتفاظ بهذه العقول المسلمة داخل أراضيها. وتساهم وسائل الإعلام في ترسيخ تلك العنصرية باستمرارها في نشر الكتابات المسيئة للدين الإسلامي، للدرجة التي أصبح فيها المسلمون يخشون على أنفسهم وممتلكاتهم. وجود تاريخي وتعتبر كندا ثاني دول العالم مساحة بعد روسيا، حيث تقتسم مع الولاياتالمتحدة قارة أمريكا الشمالية، وتعيش فيها أقلية مسلمة لها أهميتها، وإن لم تكن كبيرة العدد. وتشير تقديرات كندية إلى المناطق التي هاجر إليها المسلمون، فمن البلاد العربية وغرب آسيا قدم 97 ألفًا، ومن جنوب آسيا هاجر 91 ألفًا، ومن البلاد الأفريقية 12 ألفًا ومن جنوب أوروبا 4 آلاف نسمة، بينهم 300 من البلقان. يُضاف إليهم آلاف المهاجرين من الجمهوريات التي كانت تتكون من يوغوسلافيا إضافة إلى مهاجرين من الصين والفلبين وبلاد أخرى في شرق آسيا وجنوبها الشرقي. وحمل هؤلاء جميعًا معهم العقيدة الإسلامية المشتركة مغلفةً في ثقافات متعددة إلى بلد يقوم أساسًا على تعدد الثقافات المهاجرة. لكن كما هو حال المسلمين المهاجرين إلى الولاياتالمتحدة، فإن الهجرة الإسلامية إلى كندا التي تجاورها تنقسم إلى هجرة قديمة، وأخرى حديثة، الأولى توجد ركائزها في مدينة "إدمونتون" بمقاطعة "ألبرتا" و"لندن" بمقاطعة "أنتاريو"، علاوة على "مونتريال" و"تورنتو" وكذلك " فانكوفر" في كولومبيا البريطانية بأقصى غرب كندا. أما الهجرة الحديثة فقد نشطت منذ الستينيات، وهاجر إلى كندا شباب على مستوى الثقافة والتعليم فتحت أمامهم الأبواب وأعانهم على تنظيم أنفسهم تكوين مجتمع إسلامي متعدد الكفاءات، إضافة إلى هجرة أحدث منذ أواخر الثمانينيات جاءت إلى كندا بمسلمين على قدر من الثراء النسبي أضاف إلى المجتمع الإسلامي قدرات اقتصادية، كانت لا تتكون بين المهاجرين الأوائل إلا بعد سنوات طويلة من العناء. *الإسلام اليوم