في سياق تجديد خريطة الطريق المشتركة بين المغرب وإسبانيا، وفي أول زيارة له منذ بداية الولاية التشريعية بالجارة الشمالية، قال وزير الشؤون الخارجية والاتحاد الأوروبي والتعاون الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، إن "موقف مدريد من الحكم الذاتي مازال كما هو ولم يتغير". يذكر أن الإعلان المشترك المصادق عليه في 7 أبريل 2022 ينص على أن "إسبانيا تعتبر المبادرة المغربية للحكم الذاتي التي تم تقديمها سنة 2007 الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية لتسوية هذا النزاع". وأضاف ألباريس: "العلاقات بين البلدين لها آفاق قوية في إطار تنظيم مونديال 2030، وتدفعنا إلى تطويرها بشكل كامل. وكل قطاعاتنا الحكومية الجديدة ستعمل على تعزيز العلاقات مع المغرب، وتنمية المبادلات التجارية، التي وصلت إلى 20 مليار يورو". وأورد المسؤول الإسباني ذاته أن "مسألة ترسيم الحدود البحرية يتواصل الحوار والاجتماعات الرسمية حولها، وذلك بمشاركة المجموعة المستقلة لجزر الكناري". "المغرب شريك مهم" وزاد وزير الخارجية الإسباني: "المغرب شريك مهم لإسبانيا، وهو الشريك الثالث اقتصاديا لنا. المملكة تمثل لنا مصالح كبيرة، خاصة في ما يتعلق باستثمارنا، الذي لا تنحصر فائدته في المغرب، بل تشمل حتى إفريقيا". "المغرب يقدم سياسة مثالية في مكافحة الهجرة السرية، ونشجع أن تكون هنالك هجرة داخلية وشرعية في المغرب. كما يجب أن نؤطر الإطار الخاص بالهجرة بيننا"، يورد ألباريس، موضحا أن "مدريد تريد أن تعزز اتجاه العلاقات مع المغرب، ولديها وتيرة عمل مستمرة"، وزاد: "الأهداف بيننا واضحة، باعتبارنا بلدين جارين نشتغل بطريقة موثوقة، ومحترمة، بما سيعزز طموحات شعبينا". وبخصوص الجمارك، أفاد الدبلوماسي الإسباني بأن "كل ما تم الاتفاق حوله سيتم تنفيذه، وهنالك مشاريع مهمة تهم ثغري سبتة ومليلية، من أجل تنميتهما"، مشيرا إلى "غياب جدول زمني متفق عليه، لكن الاتصالات متواصلة". من جانبه صرح وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، بأن "اختيار ألباريس للمغرب دليل على عمق العلاقة بين الرباطومدريد". وأضاف بوريطة في معرض حديثه أن "العلاقات بين المغرب وإسبانيا في أحسن أحوالها منذ عقود، ولم تصل أبدا إلى هذا المستوى من الصلابة والقوة، منذ أن تم لقاء العاهل المغربي مع سانشيز، وأعطيت لهاته العلاقة قوة كبيرة وصلابة". وأشار الوزير ذاته إلى أن "رسالة العاهل المغربي إلى سانشيز بعد فوزه أكدت عزمه توطيد العلاقات مع إسبانيا، وتعزيز المرحلة الجديدة من الشراكة الإستراتيجية والحوار الدائم والبناء". "نتعاون في المجال الاقتصادي والتعاون الإستراتيجي وفق مصالحنا المشتركة، ووفق منطق رابح-رابح، والعلاقات مبينة بيننا على الاحترام المتبادل، وتمكننا من تفهم موقف كل طرف، دون وجود قرارات فردية"، يورد وزير الخارجية المغربي. وبين بوريطة أن "مدريدوالرباط تشتغلان وفق روح إيجابية، والنتائج تظهر اليوم، إذ تؤكد مدريد موقعها كشريك أول خارجي للمملكة، وأرقام 2023 ستكون قياسية ومفاجئة اقتصاديا". وتابع المسؤول الحكومي المغربي: "قناعتنا اليوم هي أن خارطة الطريق بيننا تم تنفيذها بشكل كبير، وطموحنا أن ننهي ما تبقى، وسيتم ذلك في أقرب ذلك. كما نبحث تصورا جديدا في العلاقة يشمل شتى المجالات، مع الانفتاح على قطاعات جديدة، وكل الأوراش التي يطمح المغرب إلى تحقيقها مستقبلا ستكون إسبانيا شريكا فيها". وعرج بوريطة على مسألة الخطاب الملكي حول الواجهة الأطلسية، معتبرا أن "مدريد عنصر هام في الرؤية الملكية حول المحيط الأطلسي كمكان للتعاون بين البلدين، وتطوير الساحل الأطلسي المغربي والإفريقي، وتعزيز العلاقات مع الساحل". ونوه وزير الخارجية المغربي بموقف مدريد الداعم للحكم الذاتي في الصحراء، قائلا: "ننوه بهذا الموقف الإيجابي والواضح من جارتنا الشمالية". تطورات فتح الجمارك وفي مسألة الجمارك كشف بوريطة أن "البلدين حققا تقدما كبيرا في مسألة فتح الجمارك عبر معابر سبتة ومليلية المحتلتين، وكل ما يوجد في إعلان القمة الثنائية سيتم تنفيذه بشكل حرفي"، مردفا: "هنالك فريق عمل يواصل الاشتغال في هذا الشق، مع تجارب تمت في المعبرين، أخذنا منها دروسا، ونعمل بشكل بناء ومشترك حتى نصل إلى صيغة تمكننا من التقدم وتجنب الرجوع إلى نقطة الصفر، على اعتبار أن إسبانيا والمغرب لا يقبلان الوضع القديم". وشدد الوزير على أن "مشكل تأخر فتح الجمارك هو تقني وليس سياسيا"، مشيرا إلى أن "هنالك اجتماعات مستمرة من أجل حضور فرق تقني يقدم تصورا ونموذجا سليما"، وزاد: "نتمنى فتحها في الشهور القادمة". وفي ما يهم القضية الفلسطينية، كشف الوزيران أن مواقف مدريدوالرباط متفق عليها في ما يخص الحرب في قطاع غزة، إذ يدعوان إلى وقف الحرب، ومرور المساعدات إلى المدنيين، مع التنديد باستهداف العزل من أي جهة كانت. وفي هذا السياق، قال بوريطة: "إن الوضع في غزة لم يعد يطاق، ولنا الرؤية نفسها مع إسبانيا، إذ نريد وقف الأعمال العسكرية في أقرب وقت، ولا نريد استهداف المدنيين من أي جهة كانت، ونطالب بإيصال المساعدات لغزة، وندعم السلطة الفلسطينية، ونحن مع مقاربة بمنطق تدبير الأزمات، ونريد أن يتحمل مجلس الأمن مسؤوليته في ضرورة إقامة فلسطين مستقلة". من جانبه شدد ألباريس على أن "إسبانيا ستواصل الاعتراف بفلسطين لأن شعبها يحتاج إلى صوت يسمع"، مردفا: "كما نشارك المغرب في ضرورة وقف الحرب وإيصال المساعدات، وعدم استهداف المدنيين من كلا الجانبين".