شاركت المملكة المغربية إلى جانب عدد من الدول، على غرار الولاياتالمتحدةالأمريكية والإمارات والمملكة المتحدة وقطر وألمانيا، في مشاورات غير رسمية بشأن دعم العملية السياسية في ليبيا، على هامش اجتماعات الدورة الثامنة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك بحضور عبد الله باتيلي، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، حسب ما أفاد به بيان لوزارة الخارجية الأمريكية. المصدر ذاته أشار إلى أن المشاركين أعربوا عن تضامنهم مع الشعب الليبي في أعقاب الفيضانات التي هزت مدينة درنة شرقي البلاد؛ فيما شددت واشنطن، في هذا الاجتماع، على "الحاجة إلى التزام دولي متجدد لدفع العملية السياسية في ليبيا برعاية أممية؛ بما في ذلك الحث على وضع اللمسات الأخيرة على مشروع قانون الانتخابات، ودعم جهود الممثل الأممي لعقد اجتماع مع أصحاب المصلحة الليبيين الرئيسيين لتحفيز المسار الانتخابي على أساس اتفاق سياسي". من جهتهم، سجل محللون أن مشاركة الرباط في هذه المشاورات تعكس التزام المغرب بالدفع بالعملية السياسية في البلاد واستمرارا للجهود الدبلوماسية للمملكة المغربية التي احتضنت جولات عديدة من الحوار بين الفرقاء الليبيين؛ من اتفاقات الصخيرات إلى مشاورات بوزنيقة وصولا إلى رعايتها لأشغال اللجنة الليبية المشتركة "6+6" لإعداد القوانين الانتخابية في يونيو الماضي، التي توجت بتوافقات حظيت على إثرها الرباط بإشادة دولية على دورها المهم في هذا الإطار. التزام ثابت إدريس أحميد، محلل سياسي ليبي، قال إن "الرباط كان لها وما زال دور مهم في التسوية السياسية في ليبيا من خلال احتضان العديد من اللقاءات؛ أهمها احتضان اللجنة التي أشرفت على إعداد القوانين الانتخابية"، مشيرا إلى أن "مشاركة المغرب في هذه المشاورات تعكس الالتزام الثابت للدولة المغربية في مواكبة الانتقال نحو الديمقراطية في ليبيا وإرساء نموذج سياسي متماسك على أساس قاعدة دستورية صلبة". وأضاف أحميد، في تصريح لهسبريس، أن "حضور المغرب في هذا النوع من المشاورات يعكس كذلك ثقة المنتظم الدولي والأممالمتحدة في مصداقية الجهود الدبلوماسية التي تقودها الرباط على الساحة الليبية، وفي إمكانياتها على احتضان مختلف الفرقاء الليبيين وتقريب وجهات النظر فيما بينهم من أجل استكمال المسار الانتخابي على أساس توافقي بما يخدم مصالح الشعب الليبي". ولفت المتحدث عينه إلى أن "المملكة المغربية قامت بدورها تجاه الشعب الليبي؛ غير أن الكرة الآن توجد في ملعب الشارع الليبي المعني بالوصول بالدولة الليبية إلى بر الأمان، خاصة أن التطورات الأخيرة على غرار فيضانات درنة كشفت عن حاجة البلاد الملحة إلى الاستقرار وضرورة إيجاد حل للأزمة السياسية في ليبيا". وخلص المحلل السياسي الليبي ذاته إلى أن "الفرصة مواتية لكل الأطراف الليبية من أجل إبداء حسن النية والالتزام بالتوافقات التي حصلت في المغرب؛ وبالتالي الذهاب إلى انتخابات ديمقراطية تنافسية باعتبارها أساس بناء الشرعية وتجاوز حالة الانسداد الحاصل في العملية السياسية، ومن ثم بناء دولة مؤسسات قادرة على تجاوز التحديات المحدقة بالمنطقة". تكملة للمسار سعيد بركنان، محلل سياسي، قال إن "مشاركة المغرب في هذه المشاورات تكملة للمحطات التي شاركت فيها الرباط منذ أن أقنعت الفرقاء الليبيين بضرورة البحث عن حل سياسي للأزمة الليبية ووضع أسس الدولة الليبية لما بعد مرحلة الثورة؛ وهو ما تمخض عنه اتفاق الصخيرات، المرجع الأساسي الذي يمكن تطويره لخروج الأزمة الليبية من نفقها المظلم". وأضاف بركنان أن "الحضور المغربي في هذا الاجتماع دليل على أنه المملكة من البلدان التي يثق فيها الفرقاء الليبيون والتي تعتمد عليه الأممالمتحدة في شخص مبعوثها الخاص إلى ليبيا لمساعدته في إيجاد حل سياسي لهذه الأزمة"، مشيرا إلى أن "مرجعية المفاوضات الليبية للتطور في حل الأزمة جلها تمت على أرض المغرب؛ من اجتماع الصخيرات واجتماع بوزنيقة واجتماعات طنجة، وصولا إلى اجتماعات لجنة الانتخابات الأخيرة". ولفت المتحدث عينه إلى أن "الدور المغربي يكتسب ثقة كبيرة من المحددات التي تضعها الدبلوماسية المغربية في ما يخص الملف الليبي، وهذه المحددات هي التي تكسب الموقف المغربي قوة ودورا لا يمكن تجاوزه سواء من لدن الفرقاء الليبيين أو من لدن الدول المعنية وكذا من لدن الأممالمتحدة"، مسجلا أن أول هذه المحددات يكمن في أن "المغرب يميز ما بين الشرعية وما بين تدبير التوافق، إذ يؤكد أن الليبيين وحدهم من يملكون شرعية اختيار من يدبر شأنهم العام وشأنهم السياسي عبر انتخابات برلمانية ورئاسية نزيهة وبأن حل الأزمة الليبية لا بد أن يتم في إطار السيادة الكاملة لليبيا وفي إطار وحدتها الترابية". وسجل المحلل السياسي عينه، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "المغرب طالما أكد أن أي حل للأزمة الليبية يجب أن يتم في إطار ليبي-ليبي بعيدا عن التدخلات الأجنبية وفي إطار سلمي برعاية أممية وليس حلا عسكريا على الإطلاق". وخلص إلى أنه "من خلال هذه المحددات التي رسمتها الدبلوماسية المغربية اتجاه ليبيا يبدو أن رسالة المغرب وصلت إلى الفرقاء الليبيين والأممالمتحدة والدول المهتمة بكون المغرب يقدم جهوده كلها من باب التزامه اتجاه الليبيين أولا واتجاه دوره الإقليمي ووزنه العربي؛ وهي الرسالة التي تم استيعابها جيدا، وبدا من الضروري إشراك المغرب في أية مشاورات تهم العملية السياسية في ليبيا".