جدل واسع ذاك الذي أعقب إعلان نتائج امتحان الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة، دورة دجنبر 2022، إذ استغرب الكثيرون نجاح 2081 متباريا فقط من أصل 70 ألف متبار اجتازوا الامتحان. الجدل الذي ضجت به مواقع التواصل الاجتماعي، سواء من قبل المتبارين "الراسبين"، أو من طرف منتسبين إلى مهنة المحاماة، وغيرهم، لم يتوقف عند عدد الناجحين فقط، بل تجاوزه إلى التشكيك في مصداقية ونزاهة المباراة، بعدما برزت أسماء ناجحين يحملون ألقاب محامين معروفين. وسارع "طلبة الحقوق المعطلون"، الذين اجتازوا امتحان الأهلية لمزاولة المحاماة، مباشرة بعد نشر نتائج الامتحان، مساء أمس السبت، إلى إصدار بيان إلى الرأي العام اعتبروا فيه أن المباراة شابها "فساد ومحسوبة وزبونية". وقالت الجهة التي أصدرت البيان إنها لاحظت على مستوى لائحة الناجحين في الامتحان "وجود عدد كبير جدا من أسماء النسب المعروفة في الساحة القضائية، من أبناء وحواشي المحامين والقضاة والمسؤولين"، وأن "أسماء النسب المعروفة تغزو لائحة الناجحين". وبحسب إفادات من متبارين اجتازوا الامتحان فإن الأخير "شابته اختلالات منذ البداية، حيث لم يتم احترام الجدول الوصفي للامتحان"؛ إضافة إلى عدم تشديد المراقبة ولجوء متبارين إلى "النقيل". "ي.ب"، أحد المتبارين الذين اجتازوا الامتحان، قال في تصريح لهسبريس إنهم لم يُخبروا سلفا بأن الإجابة الخاطئة تُحسب في التنقيط "ناقص 1′′؛ أي إنها تُفقد المتباري نقطة من رصيده، مستغربا اعتماد هذا النظام. وأضاف المتحدث ذاته: "الخرق الثاني الذي شاب الامتحان هو أنهم قالوا لنا إننا لن نُمتحن في الأسئلة المتعلقة بالمنظومة القضائية إلا في الامتحان الشفوي، ومع ذلك طُرحت علينا أسئلة تتعلق بهذا الموضوع في الامتحان الكتابي". ويستغرب المتبارون في امتحان الأهلية لمزاولة المحاماة كيف نجح 4000 متبار في امتحان سنة 2019، الذي لم يتعدّ عدد المشاركين فيه 30 ألفا، في حين لم ينجح سوى 2081 في امتحان دجنبر 2022 الذي اجتازه 70 ألف متبار. وتساءل متبارٍ اجتاز الامتحان في مدينة القنيطرة: "زعما گاع هاد 67 ألف اللي منجحوش سْطولا"، واصفا الشعور الذي ساوره وزملاءه "الراسبين" بعد الاطلاع على نتائج الامتحان ب"الصدمة". ويُلقي المتبارون الذين لم ينجحوا في امتحان الأهلية لمزاولة المحاماة مسؤولية "إقصائهم" على هيئات المحامين، وعلى وزير العدل، معتبرين أن هذا الأخير انصاع للمحامين الذين "يريدون احتكار المهنة". وقال أحد المتبارين من بني ملال لهسبريس: "المحامون ضغطوا بقوة على وزير العدل الذي رضخ لمطالبهم"، وتابع: "الجميع يعرف أن الامتحانات تُصحح بطريقة آلية، أي إن النتائج يمكن أن تكون جاهزة في ظرف نصف ساعة، فلماذا أخّروا إعلانها حوالي شهر كامل؟". ولم يتسنّ أخذ رأي وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، في الموضوع، إذ لم يرد على الهاتف رغم إعلامه بالطرف المتصل عبر رسالة قصيرة. وتعذر أيضا استقاء رأي عبد الواحد الأنصاري، رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب، لوجود رقميه الهاتفيين خارج الخدمة. وكانت مباراة الأهلية لمزاولة المحاماة محطّ ملاحظات وُجهت إلى وزير العدل خلال مناقشة الميزانية الفرعية للوزارة في البرلمان، حيث تساءل برلمانيون حول مدى قدرة بنية الممارسة على استيعاب آلاف المحامين الذين سيلجون المهنة بعد النجاح في المباراة. وتمسّك وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، بأحقية المترشحين في الولوج إلى ممارسة مهنة المحاماة، بتأكيده أن "قانون المباراة هو أن كل من نجح يمرّ". ويدرس المتبارون الذين لم ينجحوا في الامتحان الكتابي الخيارات التي سيردون بها على "إقصائهم"، ومنها خوض أشكال احتجاجية من أجل المطالبة بإعادة الامتحان، وضمان إجرائه في ظروف شفافة ونزيهة.