بينما يستمر النقاش العمومي حول إلغاء تزويج الفتيات القاصرات في المغرب، حيث تشدد الجمعيات الحقوقية على أن هذا الزواج انتهاك لحقوق الطفلات، أفادت ورقة بحثية بأن التداعيات السلبية لتزويج القاصرات تمتد أيضا إلى الجانب الصحي. ويؤثر الزواج المبكر، بحسب الورقة البحثية التي أعدتها فاطمة الزهراء إراوي، المسؤولة في البرنامج الوطني للصحة للتكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف بوزارة الصحة، على صحة وحياة الفتيات وأطفالهن، إذ يُعد الحمل المبكر والولادة المبكرة من الأسباب الكبرى لوفاة ومرض الفتيات المراهقات دون سن 19 في الدول النامية. وتصير الفتيات الحوامل بين عمر 15 و19 سنة أكثر عرضة مرتين للوفاة عند ولادتهن أكثر من الفتيات في عمر 20 سنة، بينما تكون الفتيات تحت عمر 15 سنة أكثر عرضة للموت 7 مرات أثناء الولادة. وتفيد الورقة البحثية المعنونة ب"الآثار الصحية لظاهرة تزويج الفتيات القاصرات" بأن الزواج المبكر قد يعرض الفتاة لمشاكل صحية بسبب ضعف جسدها قبل الحمل وأثناءه وتكرار الإنجاب، ما يصعّب عليها تحمّل هذه التجربة في سن مبكرة، إضافة إلى أن المراهقات الحوامل يتعرضن لمضاعفات ارتفاع ضغط الدم وتسمم الحمل بنسبة 20 في المائة مقارنة مع الحوامل في سن العشرين. وبحسب المصدر نفسه فإن الفتيات المتزوجات في سن مبكرة هن أكثر عرضة للإصابة بناسور الولادة (Fistule obstétricale)، الذي يعتبر أشد أنواع اعتلالات الولادة تحطيما لحياة النساء، مقارنة مع النساء اللائي تزوجن في عمر 20 سنة. وتمثل النساء المتزوجات مبكرا 65 في المائة من مجموع النساء اللواتي يعانين من مشكل ناسور الولادة. وتتجاوز التأثيرات السلبية للزواج المبكر الأمهات لتطال مواليدهن، إذ يرتفع معدل وفيات أطفال الأمهات القاصرات بنسبة تعادل 50 في المائة مقارنة بالأمهات في سن ما بين 20 و29 سنة، كما ترتفع لديهن معدلات ولادات الأطفال الخدّج وانخفاض الوزن عند الولادة والاختناق. وتشير الورقة البحثية إلى أن ظاهرة تزويج القاصر تؤدي أيضا إلى مشاكل صحية أحرى، من قبيل الإصابة بسرطان عنق الرحم الناتج عن الفيروس الورم الحليمي البشري HPV، والأمراض المنتقلة جنسيا، بما فيها فيروس نقص المناعة البشرية. وفي ما يتعلق بالصحة النفسية، تفيد الورقة بأن معظم الفتيات القاصرات لا يكنّ مُدركات معنى الزواج في عمر مبكر، الأمر الذي يُشعر الفتاة بالظلم، وفقدان حقها في الاختيار، وفقدان الشعور بالمساواة بينها وبين الفتيات الأخريات، وهو ما من شأنه التأثير على صحتها النفسية بشكل سلبي. ويؤدي الزواج المبكر كذلك إلى شعور الفتاة بالحرمان العاطفي ومن حنان الوالدين، إضافة إلى الحرمان من عيش مرحلة الطفولة، ما يؤدي بها إلى الإصابة بأمراض نفسية مثل الهستيريا والفصام والاكتئاب والقلق واضطرابات الشخصية. وتشتغل وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، بتنسيق مع رئاسة النيابة العامة، على وضع خطة عمل وطنية للحد من تزويج القاصرات، عبر اتخاذ عدد من الإجراءات، منها إدراج التحسيس بمخاطر تزويج القاصرات ضمن حزمة التثقيف الصحي المتوفرة ضمن البرامج الخاصة بصحة الأم والطفل والصحة المتنقلة. إضافة إلى ذلك، ستعمل الوزارة على الرفع من الوعي الصحي بشأن الصحة الجنسية والإنجابية وتنظيم النسل في إطار الإستراتيجية الوطنية للصحة الجنسية والإنجابية، ووضع نموذج موحد للخبرة الطبية في حال تزويج القاصر بشراكة مع النيابة العامة.