مسالك ضيقَة تجتازُهَا العلاقات الموريتانيَّة المغربيَّة، هذه الأيام، رغمَ غيابِ ما يؤكِّدُ "الأزمَة" على الصعِيد الرسمِي، أوْ ذَاكَ ما يبدُو على الأقل، من النقاش الدائر في موريتانيا، على إثر عمدِ عشرات السائقِين الموريتانيين، الذِين ألفُوا دخول المغرب، إلى الاحتجاج، على ما اعتبروها تعقيداتٍ تواجههم متَى ما طلبُوا تأشيرة الدخُول إلى المملكة. وكالة نواكشوط للأنباء، أفردتْ تغطيةً في قصاصاتها، للاحتجاج، ونقلتْ عن المتحدث باسم السائقِين، من مركز نواذيبُو الحدودِي، استياءً في موريتانيَا، مما بات السائقون يواجهونه من مصاعب متَى ما همُّوا بدخول المغرب، فِي حين أنَّ السائقِين المغاربة يحصلُون على التأشيرة دون مشاكل تذكر. أمَّا صحيفة "زهرة شنقِيط"، فعنونتْ مقالًا لها ب"تطور خطير في العلاقات الموريتانية المغربية"، أوردتْ فيه عمَّا قالتْ إنَّها مصادر خاصة، أنَّ التوتر الذِي تعرفهُ العلاقات بين البلدين مردُّهُ إلى رفض نواكشوط اعتماد القنصل المغربِي الجديد، دونَ تقديم مسوغات عدم قبوله. وفي الشأن ذاته، زادت المصادر أنَّ وزير الخارجيَّة الموريتانِي، أحمد ولد تكدِي، اعتذرَ للسفير المغربي بنواكشوط، عبد الرحمن بن عمر، عن تسويغ رفض القنصل الجديد، مخبرًا إياهُ أنه حديث العهد بمنصبه، وأنهُ سيراجع الرئاسة لمعرفة حيثيَّات القرار. وجريًا على عادتهَا، سارعتْ البوليساريُو عبر أذرعهَا الإعلاميَّة إلى قراءة احتجاج السائقِين الموريتانيين، كمَا لوْ كانَ مؤشرًا على درجةٍ قصوى من التوتر، وتراجع النفوذ المغربِي في المنطقة، قائلةً إنَّ التوتر في العلاقاتِ بين البلدين لمْ يعُدْ سرًّا. هسبريس نقلتْ ما تلَا الاحتجاج من ردود فعل في موريتانيا، إلى مدير المركز المغربِي للديبلوماسية الموازية، وحوار الحضارات، عبد الفتاح البلعمشِي، فقال إنَّ ثمَّة بالفعل من يلاحظُ توترًا بين المغرب وموريتانيا، فِي خضم التنافس المغربِي الجزائرِي فِي المنطقة، مؤكدًا أنَّ مصلحة كل دولة تفرض تعزيز الرقابة من فترة إلى أخرى، لا بغرض الحد من تنقل الأفراد والسلع، وإنمَا لأجلِ نوعٍ من السباق. وبالتالِي فإنَّ ما الإجراءات الأمنيَّة والإداريَّة التي يعمد إلى اتخاذهَا بين الحين والآخر، عاديَّة، وإنْ استغلتهَا بعض الجهات الإعلامية في موريتانيا لتضخِيم الموضوع، واستثماره بأسلوب معهُود، إذْ لا يصحُّ، وفقَ الأكاديمي المغربِي، أنْ نتحدثَ عن توتر ما لمْ تكن هناك تدابير من أعلى مستوى في نواكشوط كمَا في الرباط تشِي بذلك. سيمَا أنَّ اللجنة المشتركة بين البلدين تشتغلُ بشكلٍ عادِي، وقدْ تابعنَا كيف أنَّ وزير الاتصال المغربِي ظلَّ يخرجُ في كل مرة يتجدد فيها الحديث عن أزمة، إلى النفي. الباحث ذاته، شدد على أنَ من الجدير بالمغرب أنْ يعامل موريتانيا بشكل خاص، ويبسطَ المساطر، لأنَّه من غير المعقول أنْ يتمَّ التضييق على التجار أو الطلبة الموريتانيين، لأنَّ من مصلحة البلدين أنْ يقويًّا علاقاتهما، لا أنْ يرجعَا بها إلى الوراء، "إذْ لا يجبُ أنْ يطغَى الجانب العاطفِي في تناول تلك العلاقات، بقدر ما ينبغِي دعمهَا باتفاقيات جديدة منتجة تلزمهما معًا".