بحضور رئيس جمهورية ليبيريا، وشخصيات رفيعة، ضمنها وزراء وصانعو السياسات وقادة الأعمال والمنظمات الدولية وخبراء اقتصاد، افتُتحت مساء أمس الأربعاء فعاليات وأشغال منتدى "ميدايز" (MEDays) في دورته الرابعة عشر تحت عنوان "من أزمة إلى أزمة.. نحو نظام دولي جديد". وفي خطاب مطول ألقاه في قاعة ممتلئة، قال جورج وياه، رئيس ليبيري: "إننا نعيش في عالم يعاني من أزمات وفوضى تهدد جوهر النظام الدولي"، ساردا في هذا الصدد مخاطر وبائية وصحية مثل "كوفيد-19′′ و"جدري القردة" و"إيبولا"، فضلا عن كوارث طبيعية وحروب، محذرا من "خطر اندلاع الحرب النووية في سياق يسِمُه عدم الاستقرار واللّايقين". وأضاف الرئيس الليبيري أن "هناك واقعا مريرا يعيشه العالم اليوم، يتمثل في صعوبة التدارك، بالنظر إلى الركود السريع للاقتصاد ومشاكل مختلفة الأبعاد"، داعيا إلى "النظر من جديد في هذه الأزمات"، التي تهدد في العمق أسُس الحياة البشرية بسبب الجوائح والحروب، معرّجاً على "إشكالية الهجرة ومآسي المهاجرين". "نحن لا نعيش كجُزر متفرقة، بل في عالم تحركه التكنولوجيا والعلوم، وعلينا أن نتحرك بشكل منسجم ونفهم بعضنا البعض، نظراً لأن العمل يجب أن ينصب على أن يصبح عالمُنا أكثر أمانا وتضامناً"، يسجل جورج وياه الذي اعتبر أن "مواجهة التحديات تتطلب تركيزا أكبر وتضافراً للمعارف". "نداء من أجل السلام" المسؤول الإفريقي ذاته، المعيّن حديثاً سفيرا للسلام، وجّه "نداء إلينا جميعاً؛ من أجل إعادة النظام والاستقرار إلى العالم الواحد"، قبل أن يتحدث عن "وضع الأزمة الذي يسود في إفريقيا"، محذرا من خطر الإرهاب الدولي بمنطقة الساحل وغرب إفريقيا التي صارت مرتعا للإرهابيين من حدود مالي الغربية إلى الكاميرون". كما تحدث عن "نزاعات مسلحة متعددة طارئة" بين إثيوبيا وإريتريا وبين الصومال وجمهورية الكونغو ورواندا وغيرها. وتساءل في هذا الصدد: "لماذا نحارب بعضنا البعض؟ ألَسْنا إخوة؟"، لافتا إلى أن "موجة الانقلابات العسكرية في إفريقيا تتعارض مع متطلبات دستورية وثقافة الديمقراطية". وأردف وياه قائلا إن "غرب إفريقيا تواجه أفظع التحديات من إرهاب وظهور انقلابات عسكرية جديدة، ما أدى إلى هروب السكان ونزوحهم"، منبها إلى تنامي "الفيضانات غير المسبوقة في تشاد والسودان ونيجيريا"، ما يجعلنا "نفقد المعركة ضد المناخ". ودعا رئيس ليبيريا، بصفته "سفيرا للسلم من يونيسف" ومن طرف حكومة بلاده، "في إطار منتدى ميدايز كل الدول والأمم إلى إيقاف حرب أوكرانيا، عبر وسائل دبلوماسية تنهي النزاع الذي تطال شراراته الوخيمة شعوبا واقتصاداتها"، مضيفا في نبرة حازمة: "لنُعطِ للسِّلم فرصة". ولم يُخف السياسي الإفريقي تثمينه لمشروع أنبوب الغاز بين المغرب ونيجيريا، ومن المرتقب أن يصل إلى أوروبا، واصفا إياه ب"مشروع هائل للطاقة سيعطي دفعة للمنطقة وغرب القارة من خلال سد العجز الطاقي القائم"، خاتما بأن "المنتدى سيمكننا من العمل معا على ضمان ترجمة الإجراءات العملية وتنفيذها". منتدى "من أجل إفريقيا" من جهته، وخلال كلمة ترحيبية ضمن الحفل الرسمي للافتتاح، بدا إبراهيم الفاسي الفهري، رئيس معهد "أماديوس" المنظم للمنتدى، سعيداً بعودة "ميدايز" بعد ثلاث سنوات من آخر دورة حضورية قبل الجائحة، مبرزاً "كرم وحرارة الترحاب اللّذين تُعرف بهما المملكة المغربية". وأكد أنه "خلال السنتين الأخيرتين، رغم إكراهات الجائحة، فإن معهد أماديوس لم يتوقف مجهوده البحثي والفكري كمركز تفكير نسج صلات عديدة مع أطراف إقليمية وازنة" باعتباره "منتدى أسّسه الأفارقة من أجل إفريقيا"، دون أن يغفل شكر ليبيريا على فتح قنصلية لها بمدينة الداخلة. وعي بالصدمات عمر مورو، رئيس جهة طنجةتطوانالحسيمة، اعتبر أن "طنجة أرض التقاء الحضارات والتبادل بين الثقافات الكونية"، مثمناً جهود منتدى "ميدايز" الذي "عوّدنا على اختيار مواضيع مهمة ذات راهنية وأسئلة تشغل صاحب القرار، خاصة في قارة إفريقيا". وقال إن "اختيار عنوان هذه الدورة ينمّ عن وعي بالصدمات ويدعونا، مسؤولين وباحثين وفاعلين، إلى التفكير في سبل تجاوز الأزمات واستباقها". وأضاف مورو، في معرض كلمته، أن "التاريخ يعلّمنا أن الأزمات تنقضي مهما طالت"، مشيرا إلى أن "أحسن وقت للاستثمار هو زمن الأزمات والتحديات"، موردا: "عشنا فترات تحول كبيرة في توجهات البلد سواء طاقيا بيئيا أو غذائيا". وتابع بأن "تحديات القارة ودول الجنوب، في سياق دولي بالغ التعقيد، تفرض استثمارات قوية وذكية ذات آثار إيجابية"، معبرا عن أمله في هذا المنتدى ونقاشاته ل"بلوغ حلول علمية وبحثية مبتكرة لأجل مستقبل أحسن، تلبي تطلعات الجنوب لما فيه خير إفريقيا وشعوبها". ونبه رئيس جهة طنجةتطوانالحسيمة إلى كون "أزمة ندرة الماء حادة بفعل انعكاس التغيرات المناخية والاستنزاف المفرط، وأزمة الغذاء تزيدها وقعاً"، مناديا ب"بدائل مستدامة وضمان التزود وترشيد الاستعمال" لهذه المادة الحيوية ذات الأولوية القصوى في السياسات العمومية لارتباطها بالتنمية وتقليص الفوارق. يشار إلى أن أشغال المنتدى تستمر إلى حدود يوم السبت 5 نونبر الجاري، بحضور إجمالي يقارب 5000 شخص، ضمنهم 200 متدخل ومحاضر في حوالي 50 جلسة نقاش ومائدة مستديرة تتناول قضايا تتعلق بالأمن والأزمات التي تواجه قارة إفريقيا.