يسود تكتم شديد في الأوساط الصحية الوطنية، لاسيما بالمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد بالدار البيضاء، بعد واقعة "انتحار" طبيب جراح مقيم كان يعمل في مصلحة المسالك البولية بالمركز المذكور، في إطار تدريب السنة الختامية من دراسات الطب المتخصص، نتيجة ما اعتبره الأطر المعنيون "تعاملا مهينا وترهيبا وضغوطات نفسية" عانى منها زميلهم أثناء مزاولة مهامه؛ بينما علمت هسبريس بإيفاد لجنة وزارية مركزية للتحقيق في حيثيات الحادثة ودواعيها. وفي مستجدات القضية، قررت "اللجنة الوطنية لطلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان واللجنة الوطنية للأطباء الداخليين والمقيمين بالمغرب"، في بيان مشترك، "تنظيم وقفات تأبينية وطنية للدكتور رشيد ياسين رحمه الله، بكافة المراكز الاستشفائية الجامعية يوم الأربعاء 7 شتنبر 2022′′، داعية عموم الطلبة والأطباء الداخليين والمقيمين إلى "حمل شارات سوداء ابتداء من اليوم نفسه". صدور البيان يأتي تأكيدا لخبر نشرته جريدة هسبريس الإلكترونية سابقا، عن اعتزام الأطر الطبية من المقيمين والداخليين تنظيم أشكال احتجاجية تضامنا مع زميلهم الفقيد، وتنديدا بما وصفوه ب"استمرار هذا النوع من الممارسات الذي مازال حاضرا ومتفشيا في بعض المصالح الاستشفائية التابعة للمراكز الجامعية بعموم التراب الوطني، ما يجعل هذه الأخيرة غائبة وبعيدة كل البعد عن الدور المنوط بها في تكوين أطباء الغد، ضاربة عرض الحائط كل النظريات البيداغوجية الحديثة التي تجعل من الطالب محور هذه المنظومة". وحسب البيان المشترك الذي تتوفر هسبريس على نسخة منه فإن "اللجنتين تتابعان بقلق شديد ما يتم نشره بخصوص قضية وفاة الدكتور ياسين رشيد، وما تواتر من شهادات متعددة تؤكد ما كان يتعرض له، رحمه الله عليه، من جميع أشكال الظلم والتنكيل بشكل ممنهج من طرف أحد الأساتذة". كما تقررت "بشكل مستعجل، مراسلة كل من وزارة الصحة والحماية الاجتماعية ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، وعمادة كلية الطب والصيدلة بالدار البيضاء، وإدارة المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد، وشبكة عمداء كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان، ورئاسة جامعة الحسن الثاني، والمكتب المحلي للنقابة الوطنية للتعليم العالي؛ وكذا مختلف الهيئات الحقوقية، من أجل التدخل العاجل لاسترداد حق المرحوم الدكتور ياسين رشيد والقطع مع كافة الممارسات التي تحط من كرامة الطلبة والأطباء". وجددت الوثيقة تأكيد ما صرح به مصدر مقرب من عائلة الطبيب ياسين، مسجلة أن "اضطرار الفقيد للتدريب خارج أرض الوطن كان سبيلا للابتعاد من تلك الضغوطات والإهانات اليومية، التي لا تمت للتكوين الطبي بأي صلة، ولا تتماشى مع الضوابط البيداغوجية والإنسانية الواجب اعتمادها في جميع مراحل الدراسات الطبية والجراحية"، وفق التعبير الوارد فيها. وبعد استقراء اللجنتين للوضع واستماعهما إلى مختلف الشهادات التي تصب في الرواية نفسها، يضيف البيان، فإن "أحداثا متشابهة تم التحقق من صحتها، تعرض لها طلبة وأطباء داخليون ومقيمون في العديد من المصالح الاستشفائية، من ظلم وتعسف نفسي وبدني"، مشيرا إلى استنكار هذه الفئة من الأطر الطبية "الصمت الرهيب الذي تنتهجه الجهات الوصية في الكشف عن نتائج التحقيق وملابسات هذا الحادث المأساوي". وحمل المصدر ذاته "تحذيرا من بعض الممارسات الترهيبية والاستفزازية التي يعيشها الطلبة الأطباء والأطباء الداخليون والمقيمون بمقرات عملهم وتكوينهم، خصوصا بعد هذه الواقعة الأليمة"، معبرين عن "رفضهم القاطع كل الأساليب التحقيرية والتمييزية الممنهجة، التي تؤدي عند البعض إلى مضاعفات نفسية وجسدية حادة وخطيرة". ومقابل مطالبتهما ب"توفير الظروف اللازمة لضمان بيئة مهنية سليمة لتكوين وعمل الطلبة والأطباء، انطلاقا من معايير بيداغوجية وتقييمات دورية وموضوعية على مستوى أراضي التكوين والتدريب"، جددت الهيئتان المهنيتان "تضامنهما مع عائلة وأصدقاء الدكتور ياسين رشيد، مع استعدادهما التام للدعم المادي والمعنوي الكافيين إلى حين إحقاق الحق". يشار إلى أن جريدة هسبريس الإلكترونية حاولت استقاء تأكيدات رسمية بخصوص تطورات الملف، رابطة الاتصال بأكثر من مسؤول في وزارة الصحة والحماية الاجتماعية؛ إلا أنه لم يتسنّ لها ذلك. بينما المؤكد أن تكتما شديدا يحيط بمجريات التحقيق الكامل وجمع المعطيات واستقرائها من طرف لجنة مركزية للتفتيش أوفدتها الوزارة الوصية.