الكثير من أصدقائنا في المشرق العربي وفي بعض دولنا الإسلامية يجهلون جهلا تاما نظام الحكم في المملكة المغربية، وهذا ناتج إما عن الجهل بتاريخ دول الغرب الإسلامي، أو عمدا لحاجة في نفس يعقوب كما يقال، أو حسدا من عند أنفسهم، وفي هذا السياق قال لي أحد الزملاء العرب في جمهورية البرازيل وهو يحاورني عن نظام الحكم في مملكتنا المغربية، فحاولت ما استطعت أن ألخص له الأمر في عجالة فقلت له سيدي: ظل المغرب بشعبه وبأبنائه وعلمائه وفقهائه عدة قرون وإلى يوم الناس هذا تحت ظلال مؤسسة "إمارة المؤمنين" رباطا قويا يجمع شمل المغاربة، ويحقق استمرار مرجعيتهم الدينية ووحدة جغرافيتهم الترابية والمذهبية، كما حمت أمن المغاربة الروحي والثقافي والفكري والاجتماعي.. وعليه امتازت الأمة المغربية بخصوصيات ومميزات انفردت بها عن باقي دول العالم الإسلامي والعربي، منها إمارة المؤمنين، كمؤسسة لنظام حكمهم وتدبير شؤون دينهم ودنياهم، لن يرضوا عنها بديلا، ولا يبغون عنها حولا، لما تحققه لهم من أمن وأمان وسلم وسلام وتقدم ونماء وازدهار، مع التضامن معهم في الأوبئة والكوارث الطبيعية وغيرها من هموم ومشاكل الحياة المعاصرة.. لهذا بين الفينة والأخرى يصدر جلالة الملك محمد السادس أمره الملكي السامي للسلطات المعنية بالتدخل العاجل في أمر ما، أو طارئ من الطوارئ كالزلازل مثلا أو الأوبئة، قصد العمل على تسهيل وتخفيف المعاناة الناتجة عنها، وخير مثال على ذلك تدخل جلالته في إدارة أزمة كورونا، بحيث اختطت المملكة المغربية نموذجا خاصا بها، فهي لم تسعَ إلى محاكاة النموذج الصيني، ولا غيره من النماذج، إنما اتبعت مسارَها الخاص في إدارة الأزمة، إدراكا منها اختلاف نظامها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي عن الدول الأخرى، لهذا نجحت المملكة المغربية وبتوجيهات سامية من جلالته إلى حد بعيد في تدبير أزمة كورونا وتفوقت على كثير من الدول التي تعد من الدول العظمى كأمريكا وبريطانيا وفرنسا والبرازيل.. وهذا بسبب النظرة الثاقبة والإجراءات الصارمة لجلالة الملك محمد السادس الذي اتخذها في بداية الجائحة، بالإضافة إلى تلاحم الشعب المغربي مع ملكهم الذي يكنون له كل الحب والود والتقدير والاحترام، علما أن هذا التعاون والتلاحم تجلى في كثير من محطات تاريخ المغرب القديم والحديث، سواء في الخطب والرسائل الملكية أو في القرارات المفصلية التاريخية التي اتخذها القصر الملكي في صالح شعبه والأمة المغربية، لأن علاقة المغاربة بملكهم تتخطى الحدود الجغرافية والدساتير القانونية والأعراف الدولية؛ بل هذه العلاقة تلامس الوجدان كما تلامس روح جميع المغاربة في الداخل والخارج عبر البيعة الشرعية ومؤسسة إمارة المؤمنين، فعلاقة الأم بأبنائها والعواطف الجياشة والحب المتبادل تجاه بعضهم البعض لا يرتبط بقوانين مدونة الأحوال الشخصية أو بضوابط وأعراف وقوانين منظمة، وإنما هي أرواح مجندة ومتلاحمة في ما بينها بالفطرة والوجدان والإيمان، وكذلك مؤسسة إمارة المؤمنين التي يمثلها الملك محمد السادس في المملكة المغربية، هذه العلاقة المتينة التي تربط الشعب المغربي -من طنجة إلى الكويرة- بملكهم وأميرهم عن طريق البيعة الشرعية لم يفهمها حتى قضاة محكمة العدل الدولية، عندما تمت استشارتهم بشأن العلاقة بين المغرب وسكان جزء من أرضه بالصحراء المغربية، لجهلهم بهذه الروابط الروحية والإيمانية التي تربطهم بملكهم. من هنا نفهم الاهتمام الخاص والشخصي الذي يوليه الملك محمد السادس للجالية المغربية المقيمة في الخارج؛ بالإضافة إلى حبه لشعبه المتفاني في خدمته بغية تحقيق رفاهيته وسعادته، سواء لأبناء المغاربة في الداخل أو الخارج، ونفهم كذلك عدم وقوع المملكة المغربية في مخالب التطرف والإرهاب الذي ازداد حدة وشراسة بعد فشل "الربيع" العربي، أو إن صح التعبير (الربيع التخريبي). وهذا بفضل الله تعالى أولا، وبفضل مؤسسة إمارة المؤمنين ثانيا.