"فِيراجْ كَاميكازْ يْدِيبْلاَسِي وما عْلا بالو.. رِيسْبِي فْكُل بْلاَسْ أو الصحافة فِينا حَارُو".. هكذا قالوا، وفعلا حيروا الجميع واستفزوا أقلاما لتكتب عباراة الدهشة والإعجاب من إخلاص جماهيري فريد من نوعه. فكيف يتدبر الجمهور الأخضر الذي أطلق على نفسه صفة "الحَربِي" أو "وْلد الشَّعب" مصاريف التنقل والمبيت ملازما فريقه أينما حل وارتحل؟ وما هي العراقيل التي تضايق هذه الفئة عند تنقلاتها خارج البيضاء؟. هل لازمة "الواليدا.. سيفطي لعاقا" كانت مصدر جمهور الرجاء الوحيد للبقاء في مراكشوأكادير خلال "الموندياليتو" الأخير؟ وكيف يتلاحم الجميع في سبيل فريق واحد اسمه الرجاء الرياضي. توفيق، طالب من شباب منطقة سباتة بالدار البيضاء، تجاوز للتو عقده الثاني بقليل، متيم بحب الرجاء مند الصغر، تنقل رفقة الفريق في بعض رحلاته هذه السنة عكس السنين الأخيرة التي لم يفوت منها سوى القليل. تراجع جولانه مع "الجَرَادْ" لم يمنعه من عيش حلم المونديال مع النسور، فطار معهم إلى أكادير وبعدها إلى مراكش، لم يكن يظن أن حلاوة التشجيع ستستمر بعبور الرجاء للدور الموالي، ليقرر البقاء بأرض سوس، وهنا تحرك الشعار الرائع لجماهير الخضر "آلو آلو" والبقية حفظها المغاربة عن ظهر قلب. لم يكن توفيق وحيدا في سفره. كان ضمن مجموعة من الشباب يبحثون عن مكان للمبيت بأرخص ثمن، حتى يتمكنوا من توفير مبلغ تذكرة دخول المباراة المقبلة وآخر لقوتهم اليومي. وفي الوقت الذي تدبر فيه توفيق وأصدقائه ولو بشق الأنفس أمر بقائهم ضواحي أكادير، وبعد استقبال أهل المدينة لمقربيهم من البيضاء، فيما لجأ بعض الميسورين إلى الفنادق أو حتى اكتراء الشقق، كان آخرون يبيتون ثم يبيتون قرب الشاطئ لقصر ذات اليد، غير آبهين بالأخطار التي قد تواجههم، لا لشيء سوى لأجل الرجاء و رغبتهم في مشاركة حلم العالمية، حسب شهادات المشجع المعروف ب"بَّا الرَّايْس". من جنوب المغرب يأتي محمود، وهو تلميذ بالبكالوريا، مرة كل شهر تقريبا لمتابعة فريقه عن كثب بالبيضاء أو خارجها، ورغم سنه الصغيرة إلا أنه أصبح من مدمني تشجيع الفريق الأخضر، متحديا بعد المسافة، مضيفا ل "هسبريس الرياضية": "الدراسة وصعوبة توفير مبالغ كافية للتنقل، وضرورة إقناع والداي بأن سفري لتشجيع الرجاء شيء حتمي ولا يناقش، صعوبات أتجاوزها في غالب الأحيان، ولا أفوت أي صدام قوي للنسور، أوفر مصاريف التنقل بأي وجه كان، أما المبيت فأصدقائي في البيضاء كثر وهم يفون بالغرض". جوب المملكة طولا وعرضا ليس حكرا فقط على الرحال. غزلان، شابة من الشمال آثرت الاستقرار بالمحمدية والاشتغال هناك بعيدا عن العائلة، قريبا من حضن الرجاء. لا تُفَوت مباراة داخل الميدان أو خارجه لتكون أول الحاضرات من النساء، "والداي لا يمانعان تنقلي رفقة الرجاء، فأنا أسافر غالبا رفقة مجموعة من الأصدقاء، أفضل الذهاب والعودة في نفس اليوم وهذا ما اعتدت على فعله حتى في المونديال الذي كان مناسبة لأخد عطلتي السنوية من العمل حتى أتفرغ للرجاء" تقول غزلان تقنية طبوغرافية. الجماهير الملازمة للرجاء في تنقلاته دائما ما تلقى صعوبات ومضايقات كثيرة، أبرزها حسب شهادات للجمهور سوء المعاملة من قبل السلطات الأمنية التي تسهر على الأمن بالملاعب، وكذلك ضعف التنظيم خصوصا في المناسبات الكبرى، وهو ما ينجم عنه في الغالب ازدحام، عنف، شغب، سرقة وأشياء أخرى. "بَّا الرَّايْس" عاد ليتكلم من جديد عن بعض العناصر من الأطفال والمحسوبين على جمهور الرجاء، والذين يقومون بأعمال مشينة تعكس صورة سلبية ومخالفة للجمهور الحقيقي لدى قاطنة المدن التي يحج إليها الأنصار، مردفا.."شخصيا وفي مونديال الأندية، عثرت على أطفال لا يتجاوزون ال14 سنة، لا يحملون نقودا ولا حتى تذاكر المباريات، لا أعرف حتى كيف وصلوا إلى أكادير. تكفلت بإعادتهم للبيضاء عبر الحافلة، لأن مثل هؤلاء الأطفال يسيئون شيئا ما للرجاء رغم جهلهم لذلك، بيد أن رغبتهم الجامحة وحبهم للرجاء هو ما دفعهم للمغامرة". جمهور الرجاء كناديه كثير يصفه بالعالمي نظرا لجماهيره العريضة في كافة ربوع الوطن، وللطريقة المثالية التي يشجع بها فريقه داخل الملعب ولوحاته وإبداعاته الجميلة بالمدرجات، لكنه قبل ذلك جمهور مغربي وبامتياز، لنجاحه في ضم كافة تلاوين المجتمع في جمهور واحد ..ولذلك لقبوه ب"رجاء الشعب".