أكدت مصادر صحافية مصرية مطلعة على الأحداث التي شهدتها البلاد، أن الرئيس المصري المعزول محمد مرسي كان ينوي قبل الإطاحة به عزل وزير الدفاع القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول عبدالفتاح السيسي. وكانت اللحظة الفارقة بالنسبة لقادة الجيش في مصر، يوم 26 يونيو الماضي، ففي ذلك اليوم التقى كبار القادة بالرئيس محمد مرسي، أول رئيس يصعد لقمة السلطة في انتخابات ديمقراطية في البلاد، وتحدثوا معه بصراحة مؤلمة، وأبلغوه بما ينبغي له قوله في الكلمة التي كان من المقرر أن يوجهها للشعب مع تصاعد الاحتجاجات في أنحاء البلاد.
وقال ضابط كان حاضرا في الغرفة التي عقد فيها الاجتماع لرويترز "طلبنا منه أن يكون الخطاب قصيرا، وأن يستجيب لمطالب المعارضة بتشكيل حكومة ائتلافية ويعدل الدستور، وأن يحدد إطارا زمنيا لهذين الأمرين، لكنه خرج بخطاب طويل جدا لم يقل فيه شيئا، وعندها عرفنا أنه لا ينوي إصلاح الوضع، وأن علينا الاستعداد للخطة الاحتياطية".
وأضاف الضابط "كنا مستعدين لكل الاحتمالات من العنف في الشوارع إلى اشتباكات واسعة النطاق وجهزنا القوات لهذين الاحتمالين".
وطلب الضابط عدم نشر اسمه مثل الضباط العاملين الآخرين الذين أجرت رويترز مقابلات معهم بسبب حساسية الوضع. ومع ازدياد التوتر في الأيام التالية ظل مرسي على موقف التحدي. وقال مصدر عسكري إنه في مكالمة أخيرة مع القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول عبد الفتاح السيسي، يوم الأربعاء الماضي، ضحك الرئيس استخفافا بالمظاهرات الحاشدة التي نظمها المعارضون له.
وقال المصدر المطلع على اتصالات السيسي (58 عاما) الذي عينه مرسي قائدا للجيش بعد انتخابه رئيسا لمصر، في يونيو 2012، "لم يكن مرسي يصدق ما يحدث"، وتبخرت أي آمال متبقية في أن يدعو الرئيس إلى استفتاء على مستقبله أو يتنحى في هدوء.
وعقب ذلك ومع خروج الملايين إلى الشوارع نفذ الجيش خطته، فاحتجز مرسي في مجمع الحرس الجمهوري، وألقى القبض على قيادات رئيسية في جماعة الإخوان المسلمين، وتولى السيطرة على عدد من الأجهزة الإعلامية.
مهلة السيسي لمرسي
في اليوم التالي لمظاهرات 30 يونيو الماضي، حدد السيسي مهلة مدتها 48 ساعة لمرسي، فإما الاستجابة لمطالب المتظاهرين باقتسام السلطة مع المعارضة، وإما إفساح المجال أمام الجيش لطرح خريطة طريق أخرى.
وقال مصدر عسكري اطلع على التفاصيل إنه في لقاءين آخرين مع الرئيس، في الأول والثاني من يوليوزالجاري، كان القائد العام أكثر صراحة، لكن مسعاه قوبل بالرفض. وقال المصدر "توجه الفريق أول السيسي إليه وقال لنا عندما عاد إنه لا يصدق ما يحدث، وقال إن المحتجين بين 130 و160 ألفا فقط فقلت له: لا سيادتك إنهم أكثر بكثير من ذلك، وعليك أن تستمع لمطالبهم".
وأضاف المصدر "في الاجتماع الثاني ذهب السيسي ومعه تسجيل فيديو للاحتجاجات أعده الجيش وقال له: سيادتك الوضع خرج عن السيطرة واقتراحاتك لتغيير الحكومة وتعديل الدستور الآن فات أوانها ولن ترضي الشارع، أقترح أن تدعو لاستفتاء على استمرارك في الحكم، لكنه رفض وقال إن ذلك غير دستوري ومخالف للشرعية". وأمام رفض الرئيس كثف السيسي اتصالاته بمحمد البرادعي الذي اختارته جبهة الإنقاذ الوطني المعارضة للتفاوض مع الجيش وبالقيادات الدينية للمسلمين والمسيحيين متمثلة بشيخ الأزهر أحمد الطيب والبابا تواضروس رأس الكنيسة القبطية، وكان الاثنان قد أيدا حركة الاحتجاج علانية.
كما أشرك قائد الجيش مؤسسي حركة تمرد وزعيم ثاني أكبر الأحزاب الإسلامية، وهو حزب النور السلفي الذي ينافس الإخوان على أصوات المصريين.
والتقى الجميع بمقر المخابرات العسكرية في شارع الثورة، يوم الأربعاء الثالث من يوليوز الجاري، الذي انتهى فيه إنذار الجيش لمرسي لرسم خارطة طريق لمرحلة انتقالية ثانية.
وقال المصدر العسكري "حاول الفريق أول السيسي الاتصال بزعيم الإخوان المسلمين لاقتراح خيار الاستفتاء، لكنه رفض الحضور هو وآخرون، كما عرضها على الساسة وغيرهم لكن أعضاء تمرد رفضوها، واتفق الآخرون تقريبا على كل شيء اقترحته تمرد".