لم يسبق لوكالة المغرب العربي للأنباء أن قامت بانتقاد وزير أول سابق، أو ممارسة دور المعارضة "الإعلامية" للبرنامج الحكومي، وكانت الوكالة دائما تحاول نقل أخبار الحكومة وتصريحات وزرائها دون اجتهاد من كاتب الخبر، واستمرت كذلك "مدرسة" في نقل أخبار الحكومة وتقاريرها وبياناتها حرفيا، إلا أنها، ومع ذلك، كان يلام عليها "تحوير" الأخبار وتوجيهها في ما يخص بعض الأحداث الاجتماعية في مناطق عديدة، كسيدي افني أو الحسيمة أو انفكو....، وغيرها من نقاط التوتر كالصحراء مثلا، إذ كانت وكالة المغرب العربي للأنباء تعد من وجهة نظر، حقوقيين وجمعويين وأحزاب تعمل خارج الحقل الرسمي، بوقا "للمخزن" الإعلامي باميتاز، مثلها في ذلك مثل قنوات القطب العمومي التي ظلت وفية لمقولة "كولو العام زين". إلا ان انتقاد الوكالة، الضمني والصريح في الآن ذاته، للخرجات الإعلامية لرئيس الحكومة، يعني لدى متتبعين أنها اختارت، ولأول مرة، أن تلبس رداء "الاستقلالية" للهجوم على رئيس الحكومة، عبر مراسلها في باريس، الذي انجز ما يشبه تقريرا إخباريا عن طريقة تواصل بنكيران وخطابه، متلقفا تصريحات من مختصين في التواصل، وسائق طلكسي، للانتهاء إلى خلاصة مفادها اتسام أسلوب بنكيران في التواصل ب"الشعبوية"، وانتقاد قراراته وتصريحاته التلقائية. رد فعل الوكالة كان هو أنها تريد دخول عهد "الاستقلالية" في التعامل مع الخبر، وان ما كتبه مراسلها بباريس لا يعني بأي شكل من أشكال أنها طرف في الصراع بين الحكومة والمعارضة، مع دفاعها عن توخى المهنية و نقل الخبر باحترام تام لمعاييره ومكوناته، إلا أن ما يستشف من أسباب نزول هذا المقال والطريقة التي كتب بها، من باريس، أن صاحبه كان موجها إلى نتائج محسومة سلفا، بل كل من قرأ المقال بإمعان، يتبين له أنه كان تحت الطلب، والدليل على ذلك أن تركيز الوكالة على حوار أنجز في شهر يونيو، استضافت من خلاله القناتان الأولى والثانية بصفة مشتركة، بنكيران بطلبه منه، لتقديم أجوبة للمواطنين حول زيادة الحكومة في أسعار المحروقات وتأثيرذلك على أسعار باقي المواد الأساسية، يطرح الكثير من علامات الاستفهام حول مكمن الخبر في مقال مراسل باريس، بل إنه يطرح أسئلة كثيرة حول إن كانت الغاية من انجاز هذا المقال الناري هو الرد على ما جاء على لسان بنكيران في حوار خص به قناة الجزيرة القطرية، أكد فيه أن علاقته بالملك ليست دائما سمنا على عسل، وأن هناك خلافات تحدث بين الفينة والأخرى، بينه وبين الملك بشأن قرارات شتى. وهنا مربط الفرس، إذ أن ما قاله بنكيران في دفاعه عن قرار الزيادة في أسعار المحروقات نقلته وكالة المغرب العربي للأنباء حينها دون اجتهاد من محرريها، لتأتي اليوم فتقوم بالتعليق النقدي عليه، في محاكمة واضحة لأسلوب رئيس الحكومة في التواصل. يجب التذكير بالمهام التي قامت بها وكالة المغرب العربي للأنباء في قت مضى من خلال تحريرها مقالات ونشرها بلاغات ضد معارضي النظام في الداخل والخارج، بل حتى بنكيران لم يسلم من حملات الوكالة، "المخزنية"، لما كان في المعارضة، لنتذكر تصريحات نقلتها الوكالة من فاعلين سياسيين ضد تصريحات بنكيران بخصوص ما عرف آنذاك ب"التشكيك" في أحداث 16 ماي، و دفاعها عن وزارة الداخلية والبام لما اتهم بنكيران أم الوزارات بدعم حزب الهمة في انتخابات 2009" فضلا عن قضية "الجنسية الفرنسية" لنائب العدالة والتنمية عبد العزيز أفتاتي، وغيرها من المقالات التي كانت تدبج على مقربة من أم الوزارات ضد المناوئين للمخزن دون أن يفسح المجال أمام هؤلاء للرد على التهم التي تطالهم.