سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ما يفزع في تضامن طلبة أمريكا وأوربا مع فلسطين! يريد المدافعون عن جرائم إسرائيل مسلمين. وعربا. هائجين. وغاضبين. ومنفعلين. ومعفرين بالتراب. يحرقون الأعلام. ويدوسون عليها
يريد المدافعون عن جرائم إسرائيل نوعا واحدا من التضامن مع فلسطين. ويشجعون عليه. يريدون تلك المظاهرات التي يضرم فيها مسلمون ملتحون النار في علم إسرائيل. يريدون سخاما. ودخانا أسود في الأجواء. ولعابا يتناثر. ورذاذا في الفضاء. وصراخا. وعنفا. يريدون مسلمين. وعربا. هائجين. وغاضبين. ومنفعلين. ومعفرين بالتراب. يريدون همجية في الاحتجاج. يريدون هذه الصورة لأنها تخدمهم. يريدون إرهابا. ودما. وتفجيرات. يريدون أن ينتمي كل متظاهر. وكل معتصم. وكل إنساني. وكل رافض للظلم. وللاحتلال. لتنظيم الإخوان المسلمين. ولحركة حماس. و تحركه إيران. يريدون أن يكون اسم فلسطين مقترنا بكل ما هو سيء. وأن يكون رهابا. وقد سقط في أيديهم. وهم يرون شبابا أمريكيا. وأوربيا. متعلما. ويشكل نخبة المستقبل. يرفض إبادة شعب محاصر. ومعزول. ويحتج على المجرم. وعلى من يدعمه. ويموله. في جامعة كولومبيا. وفي كاليفورنيا. وفي معظم الجامعات الأمريكية. وفي مدرسة العلوم السياسية في باريس. وفي السوربون. وفي لندن. وروما. وفي كل مكان. وما يفزع المدافعين عن ما ترتكبه إسرائيل أنه من الصعب الترويج إلى أنهم ينتمون إلى التيار العالمي للإخوان المسلمين. ولا إلى حركة حماس. ولا القول بأنهم يتلقون تمويلا من النظام الإيراني. فمعظمهم من أبناء الطبقة المتوسطة الأمريكية. والبورجوازية الصغيرة. والمتعلمة. ومن الهجرات المندمجة والناجحة.ومن غير العرب والمسلمين. ولهم امتدادات في المؤسسات الإعلامية. وفي النخب السياسية والثقافية. وفي الخطاب المهيمن. وليس من السهل شيطنتهم. ولا الاستمرار في قمعهم. وفي تحريض اليمين المتطرف عليهم. و كل يوم من الاعتصامات يعني مزيدا من فضح حكوماتهم المتواطئة. ومن الضغط عليها. ولا حل لمواجهة هؤلاء الشباب المقبلين على الحياة. والذين يدرسون في أرقى الجامعات. إلا اعتبارهم أقلية يسارية متطرفة. أو الاستنجاد بكلمات غامضة. و تستعمل في غير سياقها. وكيفما اتفق. ولخدمة اليمين المتطرف. وخطابه. من قبيل الWokisme. و الcancel culture. وكل من تضامن مع فلسطين. وكل من رفض الصمت. وكل من ندد بهذا القتل اليومي لسكان غزة فهو معاد للسامية. و ستلاحقه تهمة الإشادة بالإرهاب. لكن الشباب الجميل. والمتعلم. والحي. الشباب الأمريكي. والفرنسي. والإنجليزي. يخرج عن بكرة أبيه. ضاجا بالحياة. وبالإنسانية. محرجا حكوماته. وآباءه الذين خرجوا في الماضي ضد الحرب في فيتنام. واضعا الولاياتالمتحدة في ورطة. فاضحا لها. حيث تتمنى الحكومات في أمريكا وفرنسا وإنجلترا أن يكون أبناؤها الطلبة من أصول مسلمة وعربية. حتى تعتبرهم من الإخوان المسلميين. لكنهم للأسف الشديد هم أبناء أمريكا الذين لم يعودوا قادرين على تحمل كل هذا القتل وكل هذه الإبادة التي ترتكب باسمهم. وبأموالهم. وبتواطؤ من مسؤوليهم السياسيين. ومن جامعات أمريكا انتشرت العدوى في كل العالم. وكل يوم تلتحق جامعة راقية أو مدرسة عليا بموجة التضامن مع فلسطين. ومع هؤلاء الطلبة صارت فلسطين من جديد قضية عادلة. صارت في مركز الغرب. وفي صروحه العلمية. وفي حرمه الجامعي. صارت في حياة الأمريكي وفي انشغالاته اليومية. وفي أخباره. وفي حسه الإنساني. وفي استهلاكه. صارت أمريكا تصدر لنا التضامن مع غزة كما تصدر الأفلام والفاست فود والأغاني. ولم تعد صورة فلسطين مختزلة في مسلمين هائجين يشعلون النار في علمي أمريكا وإسرائيل. ويرددون شعارات عنصرية. ويدوسون على الصور كالحمقى. بل صارت بإخراج أمريكي. وفي باحات. وحدائق جميلة. وفي عشب أخضر. وبأناشيد باللغة الإنجليزية. وبأحذية النيو بالانس. وحسب آخر صرعات الموضة الشبابية. و شقراء. وسوداء. وبكل الألوان. والأقليات. وهذا التحول هو الذي يخيف إسرائيل وكل من في صفها. وهو الذي يفزع طمأنينة كل من يقتل يوميا الشعب الفلسطيني بدم بارد. وكل من يشجعه على ذلك. وهو الذي سيؤثر على مستقبل القضية أكثر من أي سلاح. ومن أي خطاب آخر.