أكد الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي والتركي رجب طيب اردوغان رغبتهما في فتح "صفحة جديدة" في العلاقات بين بلديهما خلال مؤتمر صحافي في القاهرة التي يزورها اردوغان لأول مرة بعد قطيعة دامت أكثر من عقد. واستهل السيسي المؤتمر الصحافي الذي أعقب محادثاته مع إرودغان مؤكدا الرغبة في "فتح صفحة جديدة بين بلدينا". وأكد الرئيس التركي من جانبه أن زيارته تمثل تدشين "مرحلة جديدة في العلاقات" مع مصر. وأعلن الرئيس المصري أنه قبل دعوة نظيره لزيارة تركيا في أبريل. وأوضح اردوغان أن الحرب في غزة تصدرت المحادثات مع السيسي. واتهم الرئيس التركي حكومة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو بأنها "تتبنى سياسة القتل والمجازر". وقال إن قصف غزة "تصرف جنوني من نتانياهو". وأكد السيسي اتفاقه مع الرئيس التركي على ضرورة "وقف إطلاق النار" في غزة. وقال إردوغان "إدارة نتانياهو تواصل سياسات الاحتلال والتدمير والمجازر"، وطالبها "بالامتناع عن نقل المذابح الى رفح، المكان الأخير الذي لجأ اليه المدنيبون في غزة"، في إشارة الى المدينة الواقعة في أقصى جنوب القطاع قرب الحدود مع مصر. وأضاف "العالم الاسلامي ومجلس الأمن الدولي والمجتمع الدولي يجب ألا يسمحوا بمثل هذا الجنون الذي قد يؤدي الى إبادة جماعية" للفلسطينيين. كما أكد "تقدير" تركيا و"دعمها لموقف مصر الرافض لمحاولات تهجير الفلسطينيين في غزة من أراضيهم". أعلن إردوغان الاثنين أنه سيتوجه إلى الإمارات ثم إلى مصر "لرؤية ما يمكن القيام به من أجل إخواننا في غزة" التي تتعرض لحملة قصف مركزة ومدمرة منذ أكثر من أربعة أشهر. وأضاف أن أنقرة تفعل "كل ما في وسعها لوقف إراقة الدماء"، بينما قُتل أكثر من 28 ألف فلسطيني غالبيتهم من المدنيين بحسب حكومة حماس، في القصف والغارات الإسرائيلية التي بدأت بعد الهجوم الذي شنته الحركة في جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر. وأدى هجوم حماس غير المسبوق إلى مقتل أكثر من 1160 شخصا في الجانب الإسرائيلي غالبيتهم من المدنيين، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام إسرائيلية رسمية. وكانت آخر زيارة لإردوغان الى مصر في عام 2012 عندما كان رئيسا للوزراء. وكان يرأس مصر حينها الإسلامي الراحل محمد مرسي حليف أنقرة. وشدد السيسي وإردوغان على أن مباحثاتهما تناولت تعزيز العلاقات الثنائية وخصوصا التعاون الاقتصادي والتجاري بينهما. وقال إردوغان إنهما اتفقا على رفع حجم "التبادل التجاري الى 15 مليار دولار في اقرب وقت ممكن" في حين بلغ في عام 2020 قرابة 11 مليار دولار. كما أشار الرئيس التركي الى رغبته في التعاون في مجال "الصناعات الدفاعية والطاقة" مع مصر. تدهورت العلاقات الثنائية منذ العام 2013 بعد إطاحة السيسي الذي كان في حينه وزيرا للدفاع، بالرئيس مرسي المنتمي الى جماعة الإخوان المسلمين. ومنذ ذلك الحين كرر إردوغان أنه "لن يتحدث اطلاقا" مع "شخص مثله"، في إشارة الى الرئيس المصري الحالي. وتحسنت العلاقات بين الرجلين، مع تقارب مصالحهما في العديد من النزاعات الإقليمية بما في ذلك السودان أو قطاع غزة. وتصافحا لأول مرة في فبراير 2022 خلال بطولة كأس العالم لكرة القدم في قطر، الدولة الاخرى التي عاودت مصر التواصل معها مؤخرا بعد اتهامها بالتقرب من جماعة الإخوان المسلمين. وتحادث السيسي وإردوغان أيضا غداة وقوع زلزال السادس من فبراير 2023 الذي خلف أكثر من 50 ألف قتيل في تركيا. وفي يوليوز تم تعيين سفراء من الجانبين. في شتنبر تحدث المسؤولان للمرة الأولى وجها لوجه على هامش قمة مجموعة العشرين في نيودلهي. ورغم تأزم العلاقات السياسية لفترة طويلة – إذ تدعم مصر وتركيا حكومتين متنافستين في ليبيا – بقيت العلاقات التجارية جيدة بين البلدين، فأنقرة هي الشريك التجاري الخامس للقاهرة. ومطلع فبراير أعلن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان موافقة أنقرة على بيع مصر طائرات مسيّرة هجومية. وعلى صعيد الحرب في غزة، استدعى إردوغان الذي وصف إسرائيل ب "دولة إرهابية" وحماس بأنها "حركة تحرر"، السفير التركي في تل أبيب مطلع نونبر، رغم استبعاده "القطيعة التامة" مع اسرائيل. قبل السابع من اكتوبر كان العديد من قادة حماس السياسيين يقيمون في اسطنبول، وطلب منهم بعد ذلك مغادرة البلاد. ولدى اندلاع الحرب في غزة، اقترح إردوغان وساطته لكن المفاوضات للتوصل الى هدنة قادتها حتى الآن قطر ومصر.