مقدمة: خلال المبحث الاول من الفصل الثالث، تناول الباحث في كتابه معوقات التنمية بالمغرب ، بعض معوقات التنمية التي يرى الكاتب أنها تعوق وتحول دون تحقيق التنمية، سواء بالمغرب أو بجهة تادلا/ أزيلال، معتبرا كراء مقرات العمل وإسناد المسؤوليات لغير أهلها وتداخل لاختصاصات وتقارير المثالب وسوء التدبير الإداري وانعدام استمرارية الإدارة... بالاضافة الى أمراض الإدارة، والتي تكمن في الشطط في استعمال السلطة، الخوف من الإدارة، الرشوة والمسح في الاخر... - التعريف بالكاتب: نال الباحث شهادة البكالوريا سنة 1973م، ثم الإجازة في السلك الأول سنة 1975 ليتابع دراسته لينال شهادة الدروس المعمقة سنة 1984 في الأدب المغربي، ثم دبلوم الدراسات العليا تحت إشراف الاستاذ عباس الجراري في موضوع "أحمد بن أبي القاسم الصومعي". لينال شهاة دكتوراه الدولة في الأدب المغربي في موضوع " تاريخ الحركة الأدبية والفكرية بجهة تادلا أزيلال بميزة حسن جدا تحت إشراف الاستاذ عبد الجواد السقاط. اصدر الباحث مجموعة من الكتب والأبحاث والدراسات منها: تاريخ منطقة تادلا وبني ملال. ومضات من تاريخ تادلا-أزيلال. من أعلام منطقة إقليم تادلا وبني ملال. أحمد بن أبي القاسم الصومعي ومعه زوايا المنطقة. معوقات التنمية بالمغرب جهة تادلا أزيلال "نموذجا". المبسط في النحو والإعراب. المبسط في الصرف والتصريف. له مجموعة من المقالات والابحاث - التعريف بالكتاب: يضم الكتاب : معوقات التنمية بالمغرب، جهة تادلا/ أزيلال "نموذجا"، دراسات في الشأن العام المحلي، مساهمة في التنمية البشرية بالمغرب، الطبعة الأولى لسنة 2007، مطبعة النجاح الجديدة- الدارالبيضاء، 128 صفحة،وهو كتاب من الحجم المتوسط، يتضمن الكتاب أربعة فصول و13 مبحثا بالاضافة الى خاتمة وفهرس. المبحث الأول :الإدارة العمومية حاول الباحث الدكتور المصطفى بن خليفة عربوش في هذا المبحث،أن يرصد أهم الأسباب التي حالت دون أن تكون الإدارة العمومية قاطرة التنمية في بلادنا. وتوصل الأستاذ إلى كون الإدارة العمومية تتميز بميزتين ميزة العيوب وميزة الإمراض. 1- ميزة العيوب: وتتجلى ميزة العيوب في اكتراء المقرات لإيواء مكاتب الموظفين الحكوميين وبالتالي استنزاف خزينة الدولة، مما يؤدي إلى إحساس المواطن الدائم بعدم الثقة في الادارة التي لا تستقر في مكان دائم. هذا بالاضافة الى إسناد المؤوليات لغير أهلها ،و تداخل الاختصاصات بين المصالح الإدارية، بل حتى داخل المصلحة الواحدة، كما ان الإدارة تعاني من سوء التدبير الإداري من خلال غياب التنسيق بين المصالح وعدم استمرارية الإدارة، بالإضافة إلى غياب تشجيع المسؤولين وهو ما سماه الباحث بتقرير المثالب بحيث يتم الاقتصار اثناء التفتيش على ذكر المثالب والنقائص دون ذكر المحاسن، كما هو الشأن بالنسبة لتقارير مفتشي رجال التعليم. بالإضافة إلى عيب أخر ويتمثل في كون بعض المسؤولين ينطلقون من مقولة ( أش طلعني) كمبدأ لتحقيق المصالح الشخصية . 2- ميزة الامراض: أما فيما يتعلق بميزة الامراض والتي يلخصها الباحث في مجموعة من النقط تبتدئ بالشطط في استعمال السلطة بالإضافة إلى الخوف من الإدارة كالشرطة والمحكمة ...ومن بين الأمراض التي أصابت الإدارة المغربية تفشي ظاهرة الرشوة في صفوف المسؤولين وغياب الضمير المهني، مما يدفع المواطنين إلى فقدان الثقة فيهم انطلاقا من مقولة (والله ما نتيق ) ثم عدم تحمل المسؤولية من لدن المسؤولين من خلال المسح في الأخر ، بالإضافة الى الغش في تقرير وتدشين بعض المشاريع وهي ما سماه الباحث الساقية والغراف"ضرب يديك" . ثم انتقل الباحث إلى الحديث عن التعليم حيث شخص بعض أمراضه في الخريطة المدرسية إذ أن نسبة النجاح تختلف من مدرسة إلى أخرى، بالإضافة الى مشكل التعليم الذي يتمثل في التعريب أو الفرنسة، فمرة تقوم الوزارة بحملة من أجل تعريب المعارف وتدريسها بالعربية، وثارة أخرى تقوم بحملة من اجل الفرنسية، مما يؤثر سلبا على جودة التعليم ، مما أدى بالمدرسة لان تصبح حقلا للتجارب الخارجية. كما أن التعليم أضحى قطاعا مستهلكا وغير ذي مردودية مالية، بل أمسى يشكل عبئا كبيرا على ميزانية الدولة. هذه النظرة الدونية للتعليم ساهمت بشكل كبير في ازدياد نسبة الهدر المدرسي وارتفاع نسبة الأمية وبالتالي تحولت نظرة الدولة من الهدر المدرسي إلى محو الأمية وقد اختتم الإستاذ أمراض التعليم بما يمكن تسميته بتقرير المفاهيم بمعنى تقرير العيوب دون ذكر محاسن التعليم. المبحث الثاني:الأحزاب السياسية والتنمية حاول الباحث في هذا المبحث أن يبحث عن الأسباب التي كانت وراء تراجع دور الأحزاب الوطنية بعد حصول المغرب على الاستقلال. 3- الصراع بين الاحزاب والمخزن: يرجع السبب الأول في ذلك إلى الصراع الذي دار بين الأحزاب الوطنية والمخزن حول من له الأحقية في تقرير مصير البلاد بعد الاستقلال، وحاول كل طرف استمالة أعضاء المقاومة وجيش التحرير، حيث نالوا الاهتمام من طرف الأطراف المتصارعة، في حين بقي السواد الأعظم من المجتمع المغربي بدون تأطير حزبي . وأضاف الباحث أن هذا الصراع كان من نتائجه اختطافات واغتيالات للعديد من أبناء الشعب المغربي، وكان ذالك في مستهل الستينيات من القرن الماضي. وأمام هذه الوضعية الجديدة ظهر ما سماه الباحث بمراكز نفوذ جديدة وهم "رجال القصر"، كان الغرض من هذه المراكز حماية الملك من أعدائه، ولكن تبين في الأخير مدى خيانتهم له، حيث سيطروا على دواليب الدولة عن طريق نشر التفرقة والبلبلة بين أفراد المجتمع المغربي. كل هذا ساهم في غياب جو ملائم لخدمة وتنمية المغرب. هذا الصراع حمل معه مجموعة من الشعارات من بينها مقولة "قول عاش الملك"، ويعرف أصحاب هذا الشعار بحمايتهم لمصالح الملك، لذلك يفعلون ما يحلوا لهم وفق مصالحهم الشخصية ولا تهمهم مصلحة الملك، في حين نجد فئة أخرى شعارها المصلحة الشخصية دون سواها، لا يهمها الملك ولا الشعب المغربي، بينما هناك فئة مخلصة لوطنها، وهي من مناضلي الأحزاب الوطنية. 2- الحلول البديلة : ومن اجل الحد من هذا الصراع المرير لابد من حل يرضي جميع الأطراف، وكان هذا الحل هو صناديق الاقتراع لعل وعسى أن الانتخابات توحد جميع أطراف الشعب المغربي، لكنها لم تكن بمستوى تطلعاتهم، حيث اعتبرت مند البداية لعبة سياسية وخدعة مادامت نتائجها محسومة من قبل، مما أدى إلى تقسيم في صفوف المناضلين الغيورين على وطنهم: قسم يرى فيها وسيلة للتغلب على أعداء الوطن، وقسم آخر يرى فيها لعبة مصنوعة، مما أدى الى إفراغ خزينة الدولة، لو صرفت تلك الاموال في مشاريع تنموية لساهمت في إخراج البلاد من حالة التأزم التي آلت إليها . والجدير بالذكر حسب ما أورده الباحث، أن المخزن يدفع في كل انتخابات بحزبين ويدعمهما للحصول على المقاعد في البرلمان والجماعات المحلية. هذه الأحزاب لا تهمها إلا المصالح الشخصية، الشيء الذي لا يزال أثره السلبي إلى يومنا هذا، باعتبار أن هذه الأحزاب من بين التي ترفع شعار "عاش الملك وافعل ماشئت"، كون مرشحي تلك الأحزاب غير مؤطرين، يفتقدون إلى القدرة والحكامة في التسيير وطغيان المصالح الشخصية وعدم الالتزام بمبادئ الأحزاب التي ينتمون إليها. أمام هذا التردي للأحزاب الوطنية، فقد الشعب المغربي الثقة فيها وظهرت بذلك أوجه نظر مختلفة، فهناك من يرى بضرورة البحث عن الكيفية أو الخروج من هذا الوضع المتأزم للأحزاب الوطنية، بينما ترى طبقة المثقفين من مفكرين وأطباء ومهندسين في الهجرة الخارجية وسيلة لتحقيق مرادهم. كل ذلك أدى الى استنزاف المغرب ودفع به بالتالي الى ما أطلق عليه حينئذ "بالسكتة القلبية"، بعد ذالك ظهر على الساحة السياسية طرف آخر إلى جانب الأطراف السياسية المعتادة، وهو ذو نزعة إسلامية، رفع شعار الإصلاح والتغيير والتجديد، وفق بعض الممارسات الجديدة المتمثلة في تفجيرات بعض المؤسسات الفندقية. هذه الوضعية دفعت بالأحزاب إلى ضخ دماء جديدة في شرايينها عن طريق تبني بعض المشاريع والاوراش التنموية، لكن بدون نتيجة. وقد أدى إفلاس الاحزاب في مشروعها الاصلاحي إلى تراجعها وإفراغ بعض مقراتها. ويرجع السبب في ذالك إلى غياب مشروع نضالي يجمع جميع أطياف الأحزاب، بالإضافة إلى غياب الشفافية والمصداقية والديمقراطية في تسير الشأن العام الوطني والمحلي وإبعاد الطاقات القادرة بالنهوض بالأحزاب. كل هذه الأسباب أدت الى عزوف المواطن عن العمل السياسي، مما أدى الى تراجع الدور المنوط بالأحزاب في تنمية البلاد. خاتمة: لقد حاول الباحث وضع اصبعه على داء تأخر المغرب وعدم قدرته على مسايرة ركب التنمية التي عرفته وتعرفه العديد من بلدان حوض المتوسط، كما هو الشأن بالنسبة لإسبانيا التي قطعت أشواطا على درب التنمية، في حين بقي المغرب يجر ذيوله ويتحسر عن عدم مسايرة ركب التنمية الذي تعرفه العديد من البلدان. وقد تبين ان تشخيص الباحث للواقع المغربي/ واقع التخلف قد صدر عن باحث خبر دروب التنمية وداء العطب الذي لا زال يلازم بلدنا العزيز. تقديم عبدالكريم جلال