كأن وزارة الصحة أعلنت سيطرتها على الوباء، وكأن الحكومة أعلنت خطتها للخروج من الحجر الصحي، مشاهد المواطنين خارج بيوتهم بمختلف الأحياء الشعبية بالدار البيضاء تستفز الناظرين في الوقت الذي لم يبلغ فيه الوباء ذروته ولم تبدي الحكومة نيتها لرفع القيود بالمرة. إن المتجول في الأحياء الشعبية أو الأسواق، يشهد خرقا سافرا للحجر الصحي، من طرف المواطنين والباعة الذين تحولوا كلهم بين عشية وضحاها إلى بائعي الخضر أو الفواكه. ناهيك عن النسوة اللواتي يتجمعن بالأحياء وأمام أبواب المنازل للحديث وإن سألتهن يجبن « داكشي ديال الله مكاين والو ». عقليات سطحية من جهة، ومن جهة أخرى قلة الحاجة، والعصيان وعدم الوعي بخطورة ما يعيشه البلد جراء الوباء الذي يتربص بكل قطاعاته، كلها حملت هؤلاء إلى خرق الحجر والخروج من البيوت، في الوقت الذي تحذر فيه منظمة الصحة العالمية بأن الحل الحالي لمواجهة الوباء هو الالتزام بالحجر الصحي وأي تسرع في رفعه قبل السيطرة عليه يحمل معه ما لا يحمد عقباه. تحولات خطيرة ومفاجئة في التعامل مع الحجر الصحي، تنذر بالكارثة التي تصدى لها المغرب منذ بداية الوباء بالتضحية باقتصاده الوطني وعلاقاته الخارجية في سبيل حماية الصحة العامة. عند سؤالنا بعض ممن خرقوا الحجر الصحي، كانت ردودهم « لم نتوصل بالدعم الذي خصصته الدولة وليس لدينا ما ننفق على أسرنا لذلك وجدنا أنفسنا مجبرين على الخروج لبيع بعض الخضر لسداد المصاريف الخاصة بشهر رمضان « . تأخر الحكومة في صرف الدعم للعائلات الفقيرة، الذي تم لمرة واحدة وتوقف، بدوره يسائلنا هل الحكومة لها نية حقا في السيطرة على الوباء والحيلولة دون بلوغ مرحلة الخطر التي قد تكون عواقبها مكلفة جدا. إن ما يبعث عن الرعب حقا خاصة بالدار البيضاء التي شهدت أحياؤها خرقا سافرا لحالة الحجر والطوارئ، هو أن المدينة هي المتصدرة لعدد الحالات المصابة بوباء كورونا المستجد وبلغت بها النسبة المئوية للوباء 27.06 بالمئة، وأي تراخي متعمد قد يودي بحياة العشرات من الساكنة. إن حالة التراخي مع الحجر الصحي التي أصبحنا نشاهدها مؤخرا في أحيائنا قد تعيدنا إلى نقطة الصفر، وقد نتحول لتسجل آلاف الإصابات يوميا عوض البضع مئات، وقد حذر وزير الصحة من التبعات الخطيرة لهذا التراخي. يشار أن المدة التي حددتها الحكومة لحالة الطوارئ بقيت فيها فقط 9 أيام، حيث سيمثل رئيس الحكومة أمام مجلس النواب، للكشف هل ستمدد حكومته مرحلة الحجر الصحي للمرة الثانية، أم ستعلن عن الرفع التدريجي كما روج له سلفا.