عين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز فجر الاربعاء نجله الأمير محمد بن سلمان وليا للعهد، في خطوة تؤكد موقع الامير الشاب ونفوذه في الحياة السياسية في المملكة، وعلى خلفية أزمة مفتوحة مع قطر والنزاع المستمر في اليمن. وأصدر العاهل السعودي أمرا ملكيا عين فيه نجله محمد (31 عاما) وليا للعهد، وأعفى الامير محمد بن نايف من مهامه كولي للعهد، على ما أعلن الديوان الملكي. وجاء في الامر الملكي « يعفى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز آل سعود من ولاية العهد، ومن منصب نائب رئيس مجلس الوزراء ومنصب وزير الداخلية ». ونص على « اختيار صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وليا للعهد، وتعيين سموه نائبا لرئيس مجلس الوزراء مع استمراره وزيرا للدفاع، واستمراره في ما كلف به من مهام أخرى ». وبذلك، فتح الملك الطريق للجيل الثاني من آل سعود من أجل الوصول إلى العرش في المملكة الخليجية المحافظة والقوة النفطية الأولى في العالم. وسطع نجم الامير محمد غداة تعيينه في منصب ولي ولي العهد قبل عامين، بعد أشهر قليلة من تسلم والده مقاليد الحكم مطلع العام 2015 إثر وفاة الملك عبدالله. في المقابل، فإن الأمير محمد بن نايف الذي يحظى بتقدير في الغرب لعمله ضد التطرف الديني، أقيل من جميع مهامه. وأوكلت وزارة الداخلية إلى الأمير عبد العزيز بن سعود. وهو أيضا أمير شاب وابن شقيق الامير محمد بن نايف. وقام ولي العهد السابق بمبايعة الامير محمد في رسالة خطية إلى الملك سلمان، بحسب مسؤول سعودي كبير. وبث التلفزيون السعودي صور الرجلين يتعانقان بعد الاعلان الذي صدر عند الفجر. وشوهد الامير محمد بن سلمان يقبل يدي سلفه، وينحني أمامه. فيقول له محمد بن نايف « سأرتاح أنا الآن، والله يعين »، فيكرر محمد بن سلمان « الله يعين. ولا نستغني عن توجيهاتك ». ودعا العاهل السعودي أفراد العائلة المالكة وكبار المسؤولين والمواطنين العاديين الى التجمع مساء الأربعاء في قصر الصفا بمكة المكرمة لمبايعة ولي العهد الجديد. وسعى محمد بن سلمان الى تطبيق اصلاحات اقتصادية واجتماعية في المملكة. وكان يتولى حتى الآن مهام النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران، في وقت تقود المملكة حملة عسكرية في مواجهة المتمردين الحوثيين في اليمن. كما يتولى رئاسة الديوان الملكي، وهو مستشار خاص للعاهل السعودي، ورئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، ورئيس المجلس الاعلى لشؤون البترول والمعادن المشرف على إدارة شركة « أرامكو » النفطية الوطنية. وهو صاحب « رؤية 2030 » الطموحة التي تهدف الى تنويع الاقتصاد عبر التقليل من الاعتماد على النفط، وجذب استثمارات في قطاعات اخرى بينها الترفيه في دولة اكثر من نصف سكانها دون سن ال25. وعين الأمير محمد بن سلمان وليا للعهد بتصويت 31 عضوا في « هيئة البيعة » من أصل 34، بحسب ما أورد تلفزيون « الإخبارية » السعودي. وتعنى « هيئة البيعة » باختيار ولي العهد بأكثرية أعضائها. وأنشأها الملك الراحل عبدالله بعد إجراء إصلاح عام 2006 من أجل تأمين انتقال سلمي للحكم، والحؤول دون أي خلافات ممكنة داخل الأسرة عند استحقاق الانتقال الى حكم أحفاد الملك المؤسس عبد العزيز. وتضم الهيئة 35 أميرا من أبناء وأحفاد الملك عبد العزيز مهمتهم تأمين انتقال الحكم ضمن آل سعود لا سيما عبر المشاركة في اختيار ولي العهد. وبتعيين نجله وليا للعهد، يكون الملك سلمان عدل بأمر ملكي ترتيب الخلافة التي كانت تقتصر حتى الآن على أبناء الملك المؤسس عبد العزيز، مفسحا المجال للانتقال إلى حكم الجيل الثاني. ويأتي هذا التطور البارز على خلفية أزمة عميقة بين قطر من جهة والسعودية وحلفائها من جهة أخرى، بعد قطع السعودية العلاقات مع الدوحة في 5 حزيران/يونيو واتهامها بدعم « الارهاب » والتقرب من ايران، الخصم الاقليمي للسعودية. وسيلعب ولي العهد الجديد دورا بارزا بالتاكيد في إدارة هذه الأزمة غير المسبوقة في العلاقات بين دول الخليج العربية. ويشرف محمد بن سلمان بشكل مباشر بصفته وزيرا للدفاع على ملف النزاع في اليمن حيث بدأت السعودية في آذار/مارس 2015 تدخلا عسكريا على رأس تحالف عربي. ويشهد اليمن منذ 2014 نزاعا داميا بين المتمردين الحوثيين والقوات الحكومية، وسقطت العاصمة صنعاء في أيدي المتمردين في أيلول/سبتمبر من العام نفسه. وتصاعد النزاع مع بدء التدخل السعودي بعدما تمك ن الحوثيون من السيطرة على أجزاء كبيرة من البلد الفقير.