حلت ليلة الخميس، وحلت معها الكثير من الأحداث السياسية والرياضية والاقتصادية عبر العالم، لكن لا أحد اهتم، ولا أحد علق، لأن الجميع انشغلوا بانقطاع خدمة واتساب، وكيف لهم ألا ينشغلوا والتطبيق أصبح مرتبطا بهم أشد الارتباط.. عند حلول الساعة العاشرة بتوقيت غرينتش، أصبح موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك بالمغرب شبيها ب«سوق أسبوعي»، حيث انتقل مستخدمو الهواتف الذكية بأعدادهم الضخمة من من واتساب إلى فايسبوك، نزعوا أقمصتهم الخضراء وارتدوا مكانها أخرى زرقاء، انتقلوا من مدينة إلى مدينة دون أن يحتاجوا لجواز سفر، لأن الوطن واحد، إنها مملكة مارك زوكربورغ، التي تملكهما معا. الصحافة عبر العالم سلطت عدسات كاميراتها، ووجهت رؤوس أقلامها صوب كتابة المقالات والتقارير، من أجل تغطية كل ما يجري من أحداث متعلقة بالانقطاع المفاجئ للواتساب، ناسية أن الوقت الذي منحته لذلك الانقطاع كان يستحق أن يقضى في تغطية حدث أكثر أهمية، ألا وهو اليوم العالمي لحرية الصحافة، حيث نسي الإعلام التعبير عن حريته ودأب للتعبير عن حرية تطبيق رأى النور قبل أعوام قليلة، ولا يعرف ما إذا كان سيستمر لأعوام أخرى أم سينتهي عهده قريبا. ليلة الخميس أو مساء الأربعاء، التسميات لها نفس المعنى، والأحداث مجالاتها متعددة، فعلى المستوى الرياضي أقيمت مباراة يوفنتوس وموناكو برسم منافسات ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا وانتهت بفوز «الطليان» بهدفين نظيفين، وسياسيا تمكن أشخاص بسوريا من تدمير سيارة تقل عددا من عناصر الأسد على جبل الأكراد بعد استهدافها بصاروخ من نوع تاو، أما على المستوى الاقتصادي فقد نجح « التجاري وفابنك » من إتمام صفقة حيازة « باكليز مصر ». كل هذه الأحداث كان متوقعا أن تتصدر عناوين الصحف والنشرات الإخبارية، إلا أنها ذهبت في مهب الريح، وأضحت أنباءها في خبر كان، لأنه وبكل بساطة « انقطع واتساب » وكل الأقلام منشغلة للكتابة عنه هو فقط دون غيره. استمرت مجريات وأحداث ليلة الرعب، والجميع يتساءل لماذا لم يعد بالإمكان إرسال واستقبال الرسائل على التطبيق، إلى أن أتى الرد بعد حوالي ساعة ونصف من الانقطاع، ونشرت الشركة المالكة بيانا مثيرا للمزيد من الهواجس، جاء فيه: « نواجه حاليا انقطاع الخدمة، فريقنا يعمل على استعادة واتساب في أقرب وقت ممكن، نحن نقدر صبر المستخدمين »، فاطمئن المستخدمون أن تطبيقهم المفضل والسهل ستعود بعد دقائق، ولن يضطروا للعودة إلى زمن الرسائل النصية القصيرة « إس. إم. إس ». وبعد لحظات قليلة عاد واتساب إلى الاشتغال، وعادت معه البسمة إلى وجوه مدمنيه، لكن إلى حدود صباح اليوم الخميس لازالت التساؤلات مطروحة، كيف حدث ذلك؟ وكيف يضمن المستخدمون عدم تكرار ذلك الانقطاع مستقبلا؟ مستحضرين إمكانية حدوث « إختراق » ما أو ما شابه، ليبقى إصدار بيان توضيحي مفصل هو ما سيشفي غليل المتسائلين.