ألقى إلياس العماري الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، مساء يوم الخميس 09 مارس الجاري، بمناسبة تنظيم الملتقى البرلماني النسائي الدولي، من طرف برلمانيات فريقي الحزب، احتفاء باليوم العالمي للمرأة « 8 مارس »، تحت شعار: « متحدات من أجل إفريقيا »، وهذا أبرز ما جاء في كلمة الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة: حضرات السيدات والسادة، في البداية، اسمحوا لي أن أعبر لكن، ولكم أيضا، عن شعوري بسعادة كبيرة تغمرني وأنا أحضر، متواضعا، أمامكن هذا اللقاء وسط أجواء الاحتفال باليوم العالمي للمرأة، في حضن هذه المؤسسة التشريعية التي تمثل المواطنات والمواطنين، وتعبر عن همومهم وانشغالاتهم وتطلعاتهم. ولعل اختيار هذا المكان وفي هذا الزمان لمناقشة قضية قديمة جديدة، لدليل قاطع على استيعاب الرهانات الراهنة الحقيقية التي تقع على عاتق البرلمان المغربي لاستنهاض ذكائنا الجماعي من أجل التفكير في وضعية المرأة الأفريقية، التي تعتبر المرأة المغربية جزء لا يتجزأ منها. إن الاحتفال باليوم العالمي للمرأة هذه السنة، يصادف عودة المملكة المغربية إلى حضن الإتحاد الأفريقي، بعد فراق سياسي لم يَرْقَ إلى درجة الطلاق الوجداني والروحي. فأفريقيا ظلت في قلوب المغاربة تلك الأم الحنون التي، وإنْ خاصَمَتْ أبنائَها قَسْرًا، لا تقوى على قطع الحبل السُري الذي يغذي بناتها وأبنائها بالعطف والمحبة. حضرات السيدات والسادة، مما لا شك فيه، إن استعادة الوعي بالانتماء إلى أرض أفريقيا، والذي يعود الفضل الكبير فيه إلى المبادرة الملكية، يجب أن تواكبها مبادرات على عدة مستويات لترميم قنوات الارتباط التاريخي بالعمق الأفريقي، وتطوير آليات التعاون والتشارك لترسيخ أنسجة المصير المشترك بين الشعوب الأفريقية. وفي هذا السياق تندرج مبادرة فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب لاستثمار هذه المناسبة العالمية من أجل دعم التوجه نحو الجنوب، والتفكير في صياغة شبكة أهداف لتمكين المرأة الأفريقية وطنيا، إقليميا، قاريا، وكونيا. وتعتبر هذه المائدة المستديرة التي تنظم تحت شعار: « متحدات من أجل أفريقيا » مناسبة، أيضا، لتوحيد الجهود، تمهيداً لوضع خطط عمل وطنية لضمان احترام مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص، والقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة. كما أن هذا اللقاء يؤكد تعزيز المكانة المتميزة التي تحظى بها العلاقات المغربية الأفريقية في أجندة حزب الأصالة والمعاصرة بالبرلمان، ويترجم إيماننا الراسخ بضرورة العمل الفعلي من أجل تمكين المرأة في جميع المجالات. فتمكين المرأة من حقوقها، ومن المراتب التي تستحقها دون تمييز أو تحقير، هو مطلب طبيعي لكل مجتمع يحترم نفسه ويُقَدِر إمكاناته و يطمح إلى إسعاد أفراده. فلا يمكن تصور أي تقدم أو نمو لأي مجتمع دون أن تتبوأ فيه المرأة المراتب التي يستحقها ذكاؤها وتفرضها سواعدُها. فالمشاركة الفعلية للمرأة تشكل عاملا أساسيا ينعكس على نمو المجتمعات، وتطور مستوى الأسر، وصعود البلدان إلى مراتب التقدم. إن التقدم المنشود للمجتمعات الأفريقية لا يمكن إدراكه ما لم يتم إعادة تَمَوْقع المرأة في جميع مستويات مؤسسات الدول، وفي مختلف البنيات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية والجمعوية. ولضمان حسن هذا التموقع للمرأة في الحياة العامة، فإنه لا محيد عن تطوير إستراتيجيات شاملة وفعالة لإدماج بعد النوع الاجتماعي، وترسيخ ثقافة الجَنْدَرَة في مختلف السياسات، مع توفير الموارد اللازمة، وتعزيزها بقوة القرار السياسي، حتى لا تبقى المرأة على هامش صيرورة تنمية المجتمعات القارية. فالتنمية البشرية المستدامة بالقارة الأفريقية، وتحقيق استفادة المرأة الأفريقية من عائد هذه التنمية يتطلب مواصلة العمل في اتجاه تطوير أفكار مُبتكِرة لتوفير ظروف جديدة تساهم في تمكين المواطنات الأفريقيات من حقوقهن المدنية، السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية والبيئية. وهذا المطلب يحتاج إلى نضال متصل من أجل لفت انتباه الفاعلين المؤسساتيين إلى ضرورة تكريس المساواة مع الرجل، وفقا لما تتضمنه عدد من الدساتير الوطنية بالقارة مع مراعاة تفاوتات التفعيل من بلد لآخر. إن تطور المنظومة الوطنية لتمكين المرأة في المغرب يمكن أن يشكلَ سندا مفيدا لمسار دعم مساهمة المرأة الأفريقية في الشأن القاري، بعد عودة المملكة لشغل مقعدها بالإتحاد الأفريقي. مما سيساهم في تعزيز نقل التجارب فيما بين أعضاء الاتحاد القاري، فيما يتعلق بتنفيذ توصيات الآليات الدولية المختصة، وإقرار تشريعات تمكينية، وفقاً للاتفاقيات الدولية والإقليمية ذات الصلة. كما سيمكن المرأة المغربية، أيضا، من الاستفادة من التجارب الأفريقية عبر تبادل التجارب مع نظرائها بالقارة، وزيادة التعاون بين المؤسسات الوطنية والإفريقية، وتبادل الخبرات للإحاطة بالمستجدات في مجال حماية وتعزيز حقوق النساء. علاوة على المساهمة في تثبيت الحقوق والمكتسبات والارتقاء بطموح المرأة الأفريقية من مرحلة المطالبة بالحقوق الأساسية إلى طور جديد من الشراكة المتكافئة والفاعلة في شتى مستويات العمل التنموي الشامل والمستديم. وقبل أن أنهي قولي في هذه المناسبة العظيمة، أود أن أتوجه بتحية خاصة وخالصة إلى المرأة القروية داخل الوطن وفي جميع الدول الأفريقية. هذه المرأة التي أدرك شخصيا معاناتها، وأحس بهول ألامها، وأستبطن مدارك أحلامها وطموحاتها. المرأة التي لم تكابد عناء الطريق للوصول إلى المدرسة، إن وجدت المدرسة. والمرأة التي تتحمل عبئ البحث عن الماء وحمله على ظهرها لإرواء عطش أبنائها. والمرأة الأرملة التي تحرث الأرض وتحمل الحطب لإطعام فلذات أكبادها. والمرأة التي تخطف وتغتصب من طرف عصابات الإرهاب وتجار الحروب في قارتنا الأفريقية… وكثير من النساء اللواتي يجسدن عنوان البؤس والشقاوة والحرمان.. لهن جميعا ننحني، ومن أجلهن جميعا نتحد ونجتهد ونعمل.