هل يعيش المغرب سيناريو إسبانيا في الفشل في تشكيل الحكومة .. كيف يتعامل القصر إذا حدث سيناريو إسبانيا في الانتخابات التشريعية المقبلة؟ « كلف فليب السادس، ملك اسبانيا، بيردو سانشيس عن الحزب الاشتراكي العمالي الاسباني بتشكيل الحكومة المقبلة، وذلك في ظل الأزمة السياسية التي تعيشها إسبانيا، وفي ظل تشتت المشهد السياسي والخريطة الإنتخابية التي لم يحصل فيها أي حزب على أغلبية مريحة في البرلمان ، حيث حل الحزب الشعبي في المرتبة الأولى والحزب الإشتراكي العمالي الإسباني في المرتبة الثانية وبوديموس القوة السياسية الجديدة في المرتبة الثالثة وسويودادانونس في المرترتبة الرابعة. وسيخوض بيدرو سانشيز مفاوضات عسيرة لكي يضمن أغلبية مريجة لتحالفه الحكومي، وقد يسانده الحزب الشعبي من خلال الإمتناع عن التصويت لتزكية الحكومة خلال المصادقة على برنامجها الحكومي في البرلمان، لكن كل السيناريوهات تظل قائمة في ظل غموض المشهد السياسي في إسبانيا. » هذا ملخص الأزمة السياسية في اسبانيا كما تناقلته أغلب وسائل الاعلام العربية والدولية… لا أحد اعترض على مبادرة الملك الاسباني، لأنه ببساطة لم يخالف قواعد الدستور الاسباني، الذي لا يقيده بتعيين رئيس الحكومة من الحزب الفائز بالأغلبية… فقط في اسبانيا، بين المفروض دستوريا والمطلوب في المنهجية الديمقراطية، دأب الملوك الاسبان، فيلب ووالده أساسا، على تعيين رؤساء الحكومات من الأحزاب الفائزة بالأغلبية، وهو ما مارسه الملك فيلبب في الانتخابات الأخيرة، إلا أن عجز قائد الحزب الشعبي على إفراز حكومة إئتلاف وطني بعد شهر من المفاوضات أرغمت الملك على تعين بيردو شانشيس عن الحزب الاشتراكي من أجل ايجاد صيغة حكومية لتجاوز الأزمة… الدستور الاسباني في فصله ال 99 ينص على أن الملك يعين مرشحا لرئاسة الحكومة دون أن يقيد هذا الحق… سيناريو ما وقع في اسبانيا ممكن التحقق في المغرب، مع فارق الممارسة الديمقراطية طبعا، خاصة مع ما أفرزه المشهد السياسي الحزبي مؤخرا من أحداث تعطي لهذا السيناريو الكثير من الأمل في ولادته المغربية.. إعادة هيكلة حزب الأصالة والمعاصرة عبر مؤتمره الأخير، وشحذ سكاكين اللعبة الانتخابية بامتياز عبر الهيكلة التنظيمية الجديدة، وشحذ الخطاب السياسي المبني على هدم صورة حزب العدالة والتنمية كمنجز حكومي… وعي حزب العدالة والتنمية بهذه الحقيقة مع استشعاره بصعوبة المسافات الأخيرة من المارطون الحكومي وفشله في تدبير ملفات اجتماعية كثيرة ستؤثر لا محالة على شعبيته… صعود نجم الحزب الاشتراكي الموحد من سلم المخزن عبر انتظار مكافأة انتخابية للدور الذي لعبته أمينته العامة في أزمة السويد… وتموقع الاحزاب ذات الالة الانتخابية المحكمة لكنها متعبة بفعل الضربات التي تلقتها في مسارها السياسي، ونعني هنا حزب الاستقلال، الحركة الشعبية وبشكل من الاشكال الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية… كل هذا سيمكن السيناريو أعلاه من الولادة، وقد نكون أمام فوز حزب دون أن يحقق الأغلبية المريحة التي تمكنه من قيادة تحالف حكومي، وفي المقابل قد يرفع القصر يده عن لعبة التوافقات والترضيات، لنصل إلى الباب المسدود، أي استحالة تكوين حكومة…. لن يكون للملك إمكانية ترشيح رئيس حكومة آخر من الحزب الذي حل ثانيا لأن الدستور لا يسمح له بذلك، فالفصل 47 ينص على أن الملك يعين رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب، وعلى أساس نتائجها. لعل الاستفادة من تجربة اسبانيا والتفاعل مع المعطيات الحزب الوطنية، ترى من الضرورة التعجيل بتعديل دستوري يمكن الملك من رحابة أوسع في ترشيح رئيس الحكومة من الاحزاب المشاركة في الانتخابات… لهذا المقترح طبعا أوجه سلبية أخرى، خاصة في ظل ممارسات للحكم خارج المؤطر الدستوري، وهو ما يستلزم تعبئة ونضال آخر من أجل فرض ممارسة سياسية تتقيد بأحكام الدستور كأسمى وثيقة قانونية في البلد….