إطلاق طلب إبداء الاهتمام لدعم مواكبة الشركات الناشئة    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع        السعودية تستهدف جذب 19 مليون سائح في ساحل البحر الأحمر بحلول 2030    الجيش يسقط أمام الحسنية والماص أمام بركان في كأس التميز        الاتحاد الافريقي لكرة القدم يرشح 6 ملاعب مغربية لاستضافة كأس أمم أفريقيا 2025        توقيف ثلاثة أشخاص بينهم سيدة بحوزتهم 5107 قرص مخدر و12 غرام من "الكوكايين"    كيوسك الخميس | مؤسسة علمية مغربية تطور اختبارا جديدا لتشخيص جدري القردة    العثور على زميل أوناحي في باناثينايكوس جورج بالدوك ميتا بمسبح منزله    تغيير موعد و مكان مباراة الوداد الرياضي وشباب المسيرة    المغرب يواصل تحقيق أرقام قياسية في القطاع السياحي باستقبال 13.1 مليون سائح في 2024    هلال: إفريقيا يتعين أن تضطلع بدور رائد في الحكامة العالمية للمحيطات هلال    الغلوسي يهاجم وهبي: "ترفض التشريع لصالح المحامين ولم تجد أي حرج في تمرير مادة تشرع للصوص المال العام"    عائلة سجين تطالب بفتح تحقيق في وفاة ابنها وإدارة السجن ترد..    بعد نيله الباكالوريا.. ناصر الزفزافي يتجه نحو دراسة القانون من داخل السجن    إعصار ميلتون "الخطر للغاية" يجتاح سواحل فلوريدا مصحوبا بأمطار غزيرة ورياح عاتية    منتخب إفريقيا الوسطى يستقر بالسعيدية    إسرائيل تستهدف قيادييْن في حزب الله    جهة مراكش تحقق أداء سياحيا قياسيا    فتح 241 مكرية على مساحة تتجاوز 564 ألف هكتار في وجه القنص بجهة الشمال    منحة مغربية لتحرير شهادات 40 خريجا من كلية الملك الحسن الثاني في غزة    السعودية تفشل في الحصول على مقعد في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة    اقتراب منخفض جوي من المغرب مع توقعات بهطول أمطار غزيرة    العدوي تدعو أجهزة الرقابة إلى تخفيف عقوبات الانتهاكات المالية سعيا إلى الحفاظ على "قدرات المسيرين على الابتكار"    عقوبة الكاف ضد اتحاد العاصمة الجزائري.. هل تشجع نظام الكابرانات على مقاطعة المزيد من المباريات؟    آلاف الطلاب المغاربة يتظاهرون دعما لغزة ولبنان وإضراب بالجامعات    أديس أبابا.. الإشادة عاليا بالإجراءات التي اتخذها جلالة الملك بصفته رائدا للاتحاد الإفريقي في قضايا الهجرة    مهرجان الأيام السينمائية لدكالة بالجديدة يحتفي بالعرندس العربي            في أفق افتتاح الدورة البرلمانية!    التأكيد على أسس موقف المغرب وبأن أن التهجم على الأمين العام للأمم المتحدة ورؤساء الدول الأجنبية أمر مدان    أمريكيان وبريطاني يحصدون جائزة نوبل في الكيمياء لعام 2024    نعيمة المشرقي إشراقة لكل الأجيال    أول دولة إفريقية.. المغرب يتسلح بعلاج "Tpoxx" لمواجهة جدري القردة    شان 2024: تأهل المنتخب المغربي مباشرة إلى المنافسات النهائية    اللغة العالية والثقافة الأدبيّة: سلاحُ الكاتب وعنوانُ التّحف الأدبيّة    وهبي يعتذر بعد عامين عن واقعة "التقاشر" ويقرّ بأخطائه: "أنا لست روبوتاً"    المغرب على موعد مع "موازين إيقاعت العالم 2025" في شهر يونيو    3 أمريكيين يفوزون بجائزة نوبل للكيمياء    تقرير: 79 في المائة من المغاربة يعتبرون الطريقة التي تواجه بها الحكومة الفساد داخل الإدارة العمومية سيئة أو سيئة جدا    جندي احتياط.. إصابة مستشار لوزير المالية الإسرائيلي في اشتباك بجنوب لبنان    عزيز حطاب ل"رسالة24″: السينما المغربية تفرض وجودها بقوة على الساحة الدولية    إسبانيا تجدد التأكيد على تشبثها "بعلاقات مستقرة" مع المغرب    ماذا يحدث للجسم البشري أثناء التعرض إلى "نوبة الهلع"؟    تأهبا لتفشي جدري القردة.. المغرب يتزود بدواء "تيبوكس"    حمضي: داء السل يتسبب في تسع وفيات يوميا بالمغرب    برنامج "مدارات": حلقة جديدة.. صفحات من سيرة المؤرخ والعالم محمد الصغير الإفراني    وزارة الثقافة: اختيار اليونسكو للرباط كعاصمة عالمية للكتاب لسنة 2026 ثمرة لالتزام بلادنا بالنهوض بالثقافة وبدمقرطة المعرفة    المغرب أول دولة إفريقية تحصل على علاج "Tpoxx" لمواجهة مرض جدري القردة    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استطلاع رأي : هل صار محمد البوعزيزي قدوة للشباب اليائس؟
نشر في دنيابريس يوم 04 - 02 - 2011

بعد ثورة الياسمين,تحولت شخصية محمد البوعزيزي “رمز الثورة التونسية ” إلى قدوة للشباب اليائس، وأصبحت الصورة تتكرر بشكل مؤسف في عدة بلدان عربية، “صورة الشاب الذي يقوم بإحراق نفسه على الملأ ليقدم جسده وحياته قربانا للتغيير”وكأن إحراق الذات صار موضة سنة 2011.
و بدأنا نرى عدة مجموعات تتأسس على “الفيس بوك” شعارها” محمد البوعزيزي”، إحدى هذه المجموعات تحمل اسم “مجموعة البوعزيزي لشهداء الحرية والحق في الحياة” وتقول أنها ترحب بكل من يستطيع أن يحرق نفسه من أجل الحرية والتحرر من كل قيود الذل والاستعباد.
أفكار ومشاهد مأساوية تزلزل كيان الأمة جمعاء، وتجعلنا نتساءل :
هل صار محمد البوعزيزي مثلا أعلى للشباب اليائس؟
بخصوص هذا الموضوع، التقينا من سوريا، الباحث والداعية الإسلامي الدكتور”أيمن هاروش” والذي قال:
“القدوة هي الشخصية التي تجسدت فيها أهداف و آمال المقتدي، فاختيار القدوة فرع من تحديد الأهداف و الغايات في الحياة.
فالشاب الذي يحب الحديث الشريف و علومه يتخذ من الإمام أحمد و البخاري و غيرهم قدوة له و يحاول أن يحاكي سلوكهم .
و الذي يحب العلم و البحث العلمي يقتدي برواد الفكر و العلم ممن يراهم أكثر توافقا مع أهدافه.
و الذي يحب التغيير و يسعى للإصلاح يختار من رائدي الإصلاح و حركات التغيير قدوة وله.
و هكذا فالقدوة من تجسدت فيها طموحات و أهداف المقتدي.
و لا بد للقدوة الناجحة أن تجد في نفس المقتدي ميولين: ميولا فكريا وهو التوافق في الفكر و المعتقد و الرؤى ، و ميولا قلبيا وهو الحب و الاستحسان لشخص القدوة .
و ليس بالضرورة أن تكون القدوة حسنة ، فإذا كانت تطلعات و أهداف المقتدي مبتذلة لا شك سيتخذ لنفسه قدوة كذلك ، و لهذا نحن المسلمون نقتدي و ندعو للاقتداء برسول الله صلى الله عليه و سلم لأنه المنزه المعصوم .
و بناء عليه إذا أردنا أن ندعو شبابنا للاقتداء فعلينا القيام بأمرين، أولا، أن ترتقي بمستوى تطلعاتهم و أفكارهم ، و ثانيا: أن نوجههم نحو القدوة الحسنة في ذلك ، و القدوة الحسنة :
من حسنت أهدافها و حسنت وسائلها .
ويضيف الدكتور أيمن، لا شك أن الذين اقتدوا بالبوعزيزي شاركوه في الفكر والهم وهو النفور من ظلم المستبد واستعباده لهم، و لكن غاب عن فكرهم سلوك الطريق الصحيح، و أن طريق “البوعزيزي” ليس مصيبا لأنه انتحار و معصية لله و رسوله، والغاية النبيلة لا تبرر الوسيلة المحرمة ولهذا أرى في اقتداء الشباب به اقتداء خاطئا لأنه فقد شرط القدوة الحسنة فهو حسنت تطلعاته و لكن لم تحسن وسائله، ولاشك فعل الشباب هذا ناتج عن غياب الموجه و المصلح من اجل اختيار الهدف والقدوة ، والله تعالى أعلم .”
ومن ألمانيا “المهندس العراقي رمزي محمود” يقول: “أنا ضد قتل النفس أيا كان السبب.”
لقد صارت المسألة موضة هذه الأيام وأصبحنا نجد أنفسنا أمام مشهد يعيد نفسه في عدة دول عربية...شباب اتخذوا من الشاب التونسي “محمد البوعزيزي” قدوة لهم وأصبحوا يضرمون النار في أجسادهم احتجاجا على الأوضاع الراهنة”
ويتساءل المهندس رمزي محمود، “لماذا لا نحتج بطرق حضارية؟ لماذا لا نواجه الواقع بدل الهروب والانتحار؟”
ينبغي أن يتخذ الشاب العربي من الشخصيات المناضلة المكافحة مثلا أعلى له، وأن يعمل بجد لتغيير واقعه للأفضل، وليس من الضروري أن يكون التغيير جذريا ولكن بالنضال والكفاح والعلم سنصعد السلم درجة درجة.
علينا أن نقتدي بالشعوب المتقدمة لنتمكن من اللحاق بها، تلك في نظري هي البطولة الحقيقية.”
أما المهندس “جاسم محمود”، سوري مقيم بالسعودية، فيرى أن الانتحار وقتل النفس عمل غير جائز وقد حرمته الديانات السماوية الثلاث وهو مجرم أيضا بالقوانين الوضعية عند بني البشر... لكن ما فعله هؤلاء الشباب وقبلهم “البوعزيزي” في تونس يجب أن يدعونا إلى الوقوف والتفكير والتساؤل عن الدوافع والأسباب التي جعلت الحياة تبدو لهم رخيصة لهذه الدرجة وليست ذات أهمية..؟ الجواب هو.. ضعف الوازع الديني أولا ثم، الإحباط، اليأس، البطالة، الفقر، الظلم، وبما أن هذه الأسباب مجتمعة هي من أهم سمات وميزات شعوب العالم الثالث أعتقد أن ما حصل في تونس ليس إلا الشرارة التي ستشعل برميل البارود في بعض الدول الأخرى لان ظروفها متشابهة جدا وأحوال الناس فيها ليست أفضل حالا.. لذا علينا أن نفكر في حلول عملية لإنقاذ الشباب العربي من نيران الاحتراق المادي والمعنوي.
ياسمين من المغرب 20′′سنة طالبة بكلية الحقوق”، تقول: المؤسف أننا بعد الثورة التونسية المباركة صارت وسائل الإعلام تنقل لنا صورا لشباب قاموا بإضرام النار في أجسادهم هنا أو هناك على طريقة “محمد البوعزيزي” .
بصراحة أستنكر بشدة أن يقوم شبان آخرون بنفس الفعل وبأسلوب يبدو كنوع من التقليد العبثي. واعتبر الشهيد “محمد البوعزيزي” حالة استثنائية خصوصا أنه كان شابا مكافحا يبيع الخضر رغم مستواه الجامعي، والله اعلم منا بهول ما تعرض له وبحجم معاناته وغضبه وبحالته النفسية آنذاك، ثم إنه لم يقدم على حرق نفسه رغبة بالموت بل على العكس، أراد أن يحتج ويصرخ في وجه الظلم والقهر ليهب الحياة للآخرين، و لتتحول النار التي أحرقت جسده المسكين إلى نور أخرج تونس كلها من الظلام والاستعباد، واسأل الله أن يتقبله شهيدا فقد كان محركا لشعب بأكمله وسببا في انهيار حكم ديكتاتوري مستبد.
أما رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين” يوسف القرضاوي” فقد قال في برنامج “الشريعة والحياة”.
“إني أتضرع إلى الله تعالى، وأبتهل إليه أن يعفو عن هذا الشاب ويغفر له، ويتجاوز عن فعلته التي خالف فيها الشرع الذي ينهى عن قتل النفس”.
وأوضح” القرضاوي” أن الشاب التونسي “محمد البوعزيزي”، الذي أقدم على إضرام النار في جسده احتجاجا على تعرضه للضرب من طرف شرطية ومصادرة السلطات لعربة كان يبيع عليها الخضر، كان في حالة ثورة وغليان نفسي، ولا يملك فيها نفسه وحرية إرادته.
وذكّر “القرضاوي” بقاعدة شرعية مهمة، وهي أن الحكم بعد الابتلاء بالفعل غير الحكم قبل الابتلاء به، وأوضح أنه “قبل الابتلاء بالفعل ينبغي التشديد حتى نمنع من وقوع الفعل، أما بعد الابتلاء بوقوعه فعلا، فهنا نلتمس التخفيف ما أمكن ذلك”.
ودعا “القرضاوي” الشباب الذين أرادوا أن يحرقوا أنفسهم إلى المحافظة على حياتهم التي هي نعمة من الله عز وجل مهما كانت درجة سخطهم على الواقع الذي يعيشونه مؤكدا أن من يجب أن يحرق “إنما هم الطغاة الظالمون”.
وأخيرا و بخصوص نفس الموضوع، يقول الكاتب الفلسطيني مخلص برزق في مقال له:
“هل يستحق مثل ذلك الطاغية أن يحرق أبناؤنا أجسادهم “ليغور” هو وأمثاله عن وجوهنا وينقشعوا عن تاريخنا؟ وهل سيتحرك العالم إن احترق الأبناء واشتعلت بأجسادهم النار؟ هل تحرك ذلك العالم المأفون عندما شويت أجساد أطفال غزة بقنابل الفوسفور؟ هل تحرك عندما ألقيت أطنان القنابل الأميركية على رؤوس الأبرياء في العراق وأفغانستان؟
كل ذلك كان دافعاً كي تصل ثورة الياسمين إلى مداها حتى لا تتكرر مأساة” البوعزيزي” مرة أخرى، وهو ما يجب أن تعيه بقية الشعوب المسحوقة ممن بدأنا نشاهد باستهجان واشمئزاز واستغراب كبير محاولات حمقاء لمحاكاة فعل “البوعزيزي” صادرة عن مجموعة من الشباب في الجزائر ومصر وموريتانيا، ما يجعلنا نؤكد بأن هذه لغة مرفوضة شرعاً وعقلاً وذوقاً، وهي لن تنشر الياسمين في ربوع تلك البلاد لأن الشعب التونسي إنما فجّر ثورته المباركة كي لا يكون هناك “بوعزيزي” آخر!! فالفضل الأول والأخير لمن انتفض لذلك الغرض وليس لمن استخدم تلك اللغة البشعة المحرمة.. وإلى أن نجيب على تساؤل الشاعر: وتركتني في التيه أسأل حائراً... هل كان حقاً أن نموت لننتمي؟
فإننا نرسلها في كل الربوع صرخة حاسمة لا تتلجلج: إننا نرفض لغة حرق الجسد رفضاً قاطعاً ويكفينا “بوعزيزي” واحد.”


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.